وصفة جديدة للقضاء على شعبية بنكيران

الدار البيضاء اليوم  -

وصفة جديدة للقضاء على شعبية بنكيران

توفيق بو عشرين


للحديث عن الوصفة الجديدة للقضاء على شعبية بنكيران وحزبه، نحتاج أن نسلط الضوء على الوصفة القديمة، ونقف عند الأسباب الكامنة خلف فشلها، والعوامل التي قادت إلى نكبة التماسيح والعفاريت التي طردها الناخبون من المدن الكبرى، وسلموا مفاتيحها إلى بنكيران، ليلة الجمعة الماضية، ليدخلها فائزا بأغلبيات مريحة في جل المدن الكبرى حيث يوجد ثلثي الثروة المغربية…
منذ أن بدأت شعبية حزب العدالة والتنمية تبرز قبل 17 السنة، وبالضبط منذ أن حصل على تسعة مقاعد في برلمان 1997، والعفاريت والتماسيح يسعون إلى محاربته وإلى لجم نفوذه في الشارع بطرق غير نظيفة، مرة بتزوير الانتخابات، ومرة بالضغط على الحزب ليحجم عن الترشح في كل الدوائر، (مثل عداء يطلب منه منظمو السباق ألا يشارك في المباراة حتى يخرج من المنافسة)، ومرة بشن حملات إعلامية مخدومة تروج الكذب والافتراء والدعاية السوداء في الداخل والخارج، ومرة بفبركة ملفات قضائية ظالمة، (مثل الملف الذي صُنع لجامع المعتصم في سلا، وقضى بموجبه شهرا ونصف الشهر في السجن، وخرج من السجن إلى القصر الملكي، حيث عين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2011، يومين قبل تظاهرات 20 فبراير. ومنذ ذلك الوقت والملف مجمد في ثلاجة قاضي التحقيق الشنتوف، وكل عام والقضاء مستقل ونزيه وغير مسيس).
لَمّا لم تنفع كل هذه الأسلحة، مرت الدولة العميقة إلى (السلاح النووي)، ووظفت ورقة الإرهاب لحل حزب العدالة والتنمية بتهمة غريبة عجيبة اسمها المسؤولية المعنوية على أحداث 16 ماي الإرهابية، ولولا حكمة الملك محمد السادس وتريثه، لكان حزب المصباح في خبر كان، ولتوجه الإسلاميون إلى العمل السري تحت الأرض، ولتوقف مسلسل المراجعات الفكرية والسياسية التي قاموا بها، حتى أصبحوا اليوم حزبا أقرب إلى المحافظة منه إلى الأصولية.
من الأسلحة التي استعملت، أيضا، في الحرب المفتوحة للتماسيح مع حزب طالع من تربة المجتمع، أعجبنا أم لم يعجبنا، هو خلق حزب إداري جديد بمهمة واحدة، وهي محاربة حزب العدالة والتنمية بكل الطرق الناعمة والخشنة.
وهكذا عمد الجرار إلى حرث المدن والقرى. في المدن استعمل نفوذ الإدارة، وفي البوادي استعمل سلطة الأعيان والمال، وهكذا صنعت أسوأ انتخابات في تاريخ المغرب سنة 2009، حيث تجندت أجهزة الدولة لإفشال تحالفات الحزب في جل المدن، فكان الرد على كل هذه الألاعيب يوم 4 شتنبر، حيث أعطت الطبقة الوسطى مفاتيح المدن بأغلبية مريحة وغير مسبوقة لحزب العدالة والتنمية، انتقاما له مما حدث في 2009…
لَمّا صعد بنكيران إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، والعبد لله هذا زعم أن الضغوطات التي كانت تُمارس على حزب المصباح، والخشونة التي كان ضحيتها، هي العامل الأكبر الذي دفع قواعد «البي جي دي» إلى اختيار (بلدوزير) سياسي، هو عبد الإله بنكيران لقيادة الحزب سنة 2008، عِوَض القائد الوديع سعد الدين العثماني، الذي رأى فيه الناخب الإسلامي في المؤتمر الخامس أنه شخصية غير صدامية، ولا تصلح لقيادة مرحلة صعبة تتطلب محاربا صلبا للدفاع عن حرمة الحزب، وبقية القصة معروفة.
تسلم بنكيران، الذي كان شبه مبعد عن قيادة الحزب، زمام المبادرة، ومنذ ذلك الوقت وهو يطلق النار على خصوم الحزب، ويفضح الاستبداد والفساد والتحكم وألاعيب التماسيح والعفاريت بلغة بسيطة وأسلوب شعبي ويد نظيفة، والباقي تتكلف به صورة (المظلومية) في نفوس الناس، الذين يكرهون الظلم دائما، ويبدون تعاطفا مع المظلوم دون تدقيق في هويته أو أفكاره أو برامجه…
ما هي حصيلة كل هذه الحروب التي شنتها الدولة العميقة على المصباح طيلة 17 السنة؟
إليكم الجواب بالأرقام: (الانتخابات التشريعية لسنة 1997، حصل الحزب على 9 مقاعد في مجلس النواب فقط. في الانتخابات التشريعية لسنة 2002، حصل الحزب على 46 مقعدا. في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، حصل الحزب على 46 مقعدا، في انتخابات 2011 حصل الحزب على 107 مقاعد. في 2016، إذا استمر هذا الصعود، ولم تحدث مفاجآت، فيمكن للحزب الحصول على 160 مقعدا بسهولة كبيرة، لأن تصاعد معدل التصويت ازداد من انتخابات 2009 إلى انتخابات 2015، بحوالي مليون و200 ألف صوت. حصل الحزب في الانتخابات الجماعية 2009 على 460774 صوتا، وحصل يوم الجمعة الماضية على مليون و672000 صوت، وكلما وقع انفتاح أكثر، وكلما خفف المخزن قبضته على الانتخابات، تقدم الحزب وحلفاؤه أكثر…
إذن، الخطة المتبعة لتجفيف ينابيع الحزب، إلى الآن، لا تعطي نتائج إيجابية فقط، بل تعطي نتائج عكسية تماما. وأنا أتطوع وأبسط (عناصر الوصفة) التي أزعم أنها فعالة وستضعف «البي جي دي»، وترجعه إلى حجمه الطبيعي، وغدا أبسط خطوطها العريضة…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وصفة جديدة للقضاء على شعبية بنكيران وصفة جديدة للقضاء على شعبية بنكيران



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 05:41 2015 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لبومة تشبه مارلين مونرو عندما تفرّق ريشها بسبب العواصف

GMT 12:31 2015 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

7 مناورات مشتركة للقوات البرية الروسية في 2016

GMT 12:14 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

بدء أعمال المنتدى الدولي للطاقة في الجزائر

GMT 02:16 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فرحة عارمة تعم شوارع المغرب بعد فوز فريق الوداد البيضاوي

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca