هذا رأي المغاربة في السياسة والدين

الدار البيضاء اليوم  -

هذا رأي المغاربة في السياسة والدين

توفيق بو عشرين

79 % من المغاربة يرفضون استخدام الدين في تمرير السياسات الحكومية. %96 من المغاربة يرفضون تكفير الذي يختلف معهم في الملة والدين. %58 من المغاربة يعارضون فصل الدين عن السياسة 60 في المائة فمن المغاربة عبروا عن عدم رغبتهم في الهجرة من بلدهم….

هذه أبرز النتائج التي خرجت من أكبر استطلاع رأي يقوم به مركز علمي في العالم العربي. إنه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي يديره من الدوحة الدكتور عزمي بشارة، والذي أجرى الاستطلاع في 14 بلدا عربيا بما فيهم المغرب، وشمل 26619 مستجوبا.

ماذا تعني الأرقام أعلاه؟

%79 يرفضون استعمال الدين لتبرير السياسات الحكومية. هذا لا يعني أن المغاربة لا يرون للدين مكانا في الحيز العام، لأن %58 منهم قالوا: «إننا نعارض فصل الدين عن السياسة». هذا معناه أن المغاربة «متدينون» لكنهم يميزون بين الدين وبين تبريرات القرارات السياسية، وهذا شأن باقي الشعوب، خاصة المحافظة تجاه الدين والثقافة والهوية، مثل الشعب الأمريكي الذي يمثل الدين مكانا بارزا ومؤثرا في حياته، لكن السياسة والقرار والتصويت تتم في الغالب الأعم بناء على حسابات دنيوية وليس لاعتبارات دينية، أي بناء على المصلحة والقانون والدستور والاقتصاد والتوافقات العامة التي تبنى وسط المجتمعات الحديثة…

على الذين يتحمسون كثيرا لسياسات الدولة الدينية، والذين يعتبرون أن المغرب له خصوصية تقربه من الاستثناء في هذا المجال، أن يعيدوا حساباتهم، وأن يقرؤوا هذه الأرقام، وأن يفهموا أن الدين مجال خصوصي للمجتمع، وأن الدولة لا دين لها… إنها تقف على مسافة واحدة من كل الأديان والمذاهب والثقافات، تضع قوانين السير حتى لا تقع الحوادث، لكن لا تنزل هي إلى الشارع لتسوق عربات المقدس باتجاه اليمين أو باتجاه اليسار. هذا معناه أن سياسة وزير الأوقاف الحالي الرامية إلى ضرب الصوفي بالسلفي وتحجيم النفس الديمقراطي في الدستور الجديد بضوابط الإمامة في الفقه السلطاني القديم، سياسة لا تستهوي المغاربة الذين لا يسألهم أحد عن رأيهم في القضايا الكبرى والملفات الحساسة.

%96 من المغاربة يعارضون التكفير. هذه رسالة واضحة للسلفيين، جهاديين وقاعدين. المغاربة شعب عاش في مفترق طرق حضارات وثقافات ودول وهجرات. موقع البلد الجغرافي يجعله معبرا وقنطرة. والمعبر والقنطرة بطبيعتهما لا يحتملان الإقصاء والتطرف والسير في اتجاه واحد… لهذا، على السلفيين وعموم الإسلاميين أن يحلوا «عقدهم الفقهية» تجاه الآخر، أكان مخالفا لهم في العقيدة أو المذهب أو التفسير أو التأويل. هذه بلاد التكفير فيها عملة غير قابلة للصرف.

استطلاع الرأي هذا كشف أيضا حقائق مثيرة في دنيا العرب، ومنها أن «الربيع العربي» لم يمت، وإنْ نعته وسائل إعلام الاستبداد والفساد والبترودولار، وأن إسرائيل، التي هلل لها البعض بمناسبة الحرب على غزة، مازالت جسما غريبا عن المنطقة، وأن الحركات الإسلامية التي كانت تتربع على عرش الشعبية في العالم العربي، بدأت تفقد وزنها الكبير، وأن %43 من المستجوبين في 14 بلدا عربيا أصبحوا متخوفين منها ومن ازدياد نفوذها…

الخلاصة أن العرب والمغاربة، رغم كل المحن والفتن والقلاقل المحيطة بهم، مازالوا يفكرون كباقي الأمم. مشكلتهم أن الأقلية وسطهم تختطف الأغلبية، والتطرف الصغير يغلب ضجيجه صوت الاعتدال الخفيض.. هذه هي الحكاية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا رأي المغاربة في السياسة والدين هذا رأي المغاربة في السياسة والدين



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca