غلاب بقبعتين.. وزير ومنعش عقاري

الدار البيضاء اليوم  -

غلاب بقبعتين وزير ومنعش عقاري

توفيق بو عشرين

يمتلك السيد كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز السابق ورئيس البرلمان السابق، «جبهة عريضة»، وشجاعة كبيرة لكي يصدر بيانا يدينه، وبلاغا يورطه أكثر، ولا يكتفي بإرساله إلينا بل يبعثه إلى وكالة الأنباء الرسمية، التي لا تدقق في أي بيان، ولا تتحرى ولا تسمع إلى الرأي والرأي الآخر، بل تنشر كل ما يصل إليها من الحكومة، والآن أضافت إلى دفتر تحملاتها نشر بيانات المعارضة دون تدخل، وكأنها ساعي بريد يوصل الأمانات كما هي دون تصرف ولا تمييز.

السيد غلاب، الذي يجر خلفه تركة ثقيلة من الاختلالات والمشاكل والقرارات المشبوهة في الوزارة مما سنرجع إليه بتفصيل مشوق، وقع بيانا يتهمنا فيه بنشر أخبار مضللة، والانخراط في حملات مضادة ضده في زمن الانتخابات، وأضاف المسيو غلاب أن ديناميته ونشاطه وتواصله مع المواطنين يزعجنا، خاصة عشية انطلاق الحملة الانتخابية.

وهنا لا بد أن نوضح للرأي العام الحقائق التي حاول السيد غلاب أن يقفز عليها، وأن يعومها في اتهامات غرضها إثارة الضباب حتى تختفي الوقائع.

أولا: التحقيق الذي نشر الأسبوع الماضي في «أخبار اليوم» شرعنا في إنجازه منذ أكثر من شهر، واتصلنا بالسيد غلاب ورفاقه في الديوان وجمعية الأعمال الاجتماعية وكبار المديرين الذين ذُكروا في التحقيق، لإعطاء وجهة نظرهم حول ما جاء في تقرير المفتشية العامة لوزارة المالية، لكنه رفض التعليق أو الإدلاء بأي رأي، وكان يعتقد أن امتناعه عن الرد سيدفعنا إلى إلغاء النشر، في حين أن بعض المحيطين به قدموا رواياتهم حول الاتهامات الموجهة إليهم، وقد نشرناها وتركنا للقراء الحكم عليها، أما السيد غلاب فاختار الصمت، ليس لأنه من ذهب، ولكن لأنه تصور أن هذه أفضل خطة للتعامل مع تحقيق يرتكز على وثائق وحجج وأرقام، وأنه لا يريد أن يدخل في تناقضات مع تصريحات أخرى لزملائه من كتيبة الاستقلاليين الذين أكلوا من ريع جمعية الأعمال الاجتماعية، وبعضهم أمام القضاء الآن. إذن، هو اختار أن يأخذ وقته، وأن يرد خارج التحقيق ببيان كله مغالطات ولعب بالكلمات، وهو ما سنشرحه بعد هذا التوضيح.

ثانيا: السيد غلاب يريد منا أن نأخذ عطلة مفتوحة في هذه الجريدة، وألا ننشر أي شيء يقع بين أيدينا مخافة أن يفهم الأمر على أنه انخراط في حملات انتخابية مضادة، وهذا مبرر تافه لا ينطلي حتى على الأطفال. أجندة الصحافي ليست هي أجندة السياسي. المعول عليه في النشر هو نوع الحجج والوثائق والحقائق التي توجد تحت يد الصحافي، أما التوقيت فلا قيمة له.. زمن السياسي ليس هو زمن الصحافي، ثم إذا افترضنا جدلا أن النشر تصادف مع حملة انتخابية فهذا أمر عادي في جميع بلدان الدنيا، خاصة في الديمقراطيات الحديثة، حيث تسلط صحافة التحقيق الضوء على ملفات السياسيين بمناسبة ترشحهم للانتخابات حتى يعرف الناخبون حقيقة المنتخبين المرشحين للتصويت عليهم.. هذا جزء من عمل الصحافة. السيد غلاب الذي لم يعرف كيف يربط 70٪ من الرادارات التي اقتناها بالملايير بالتيار الكهربائي، بعد سنوات من تثبيتها، جاء ليعطينا دروسا في الصحافة، ونحن لا نمانع في ذلك، لكن لكل حرفة قواعد ولكل كلام أسس… 

ثالثا: يقول السيد غلاب إن استفادته من بقعة أرضية في سيدي عبد الرحمان مساحتها 781 مترا مربعا كانت قبل تقلده الوزارة عندما كان مديرا للطرق والسير، ونحن لم نقل العكس، السيد الوزير، لكن البقعة التي أخذتَ من جمعية الأعمال الاجتماعية، على غرار باقي الأُطر، كانت مساحتها في حدود 250 مترا مربعا، وأضيفت إليها مساحة تبلغ 520 مترا مربعا أخرى بعد أن أصبحت َوزيرا، لتصبح المساحة 781 مترا مربعا على شاطئ البحر في الدار البيضاء، بعد أن أخذت أرضا أخرى في شاطئ سهب الرمال في عين عتيق، أما الثمن الذي أخذت به 781 مترا مربعا فهو 1200 درهم للمتر المربع، وأنت تقول إن هذا هو ثمن السوق آنذاك، والمفتشية العامة لوزارة المالية تقول إن الثمن آنذاك هو 10 آلاف درهم للمتر المربع، وقد اعتمد المفتشون في تقدير هذا الثمن على معطيات من المحافظة العقارية ومصلحة التسجيل التي وجدوا بها أراضي بيعت إلى جوار الأرض التي أخذتها بتاريخ التفويت بقيمة 10 آلاف درهم، وليس كما تزعم أنت أن القيمة بلغت 1200 درهم، فمن نصدق.. الذي استفاد من 700 مليون سنتيم فارق الثمن أم مفتشي المالية؟

رابعا: ينفي السيد غلاب أنه استفاد من شقة في حي الرياض تابعة للأعمال الاجتماعية بربع ثمنها الحقيقي، وهذا تدليس من قبلك السيد غلاب، لأنه إلى حدود 2013، تاريخ وضع التقرير من قبل مفتشي المالية، كان اسمك وأنت وزير موضوعا على لائحة المستفيدين من شقق حي الرياض، ولم تنسحب من هذا المشروع إلا بعد أن خرجت من الوزارة، وعلمت أن الوزير الجديد أحال ملف جمعية الأعمال الاجتماعية على المفتشية العامة للمالية، لهذا فقولك، السيد الوزير، إنك تنفي استفادتك من شقة في حي الرياض كلام ناقص هدفه التضليل ليس إلا، فلو لم يكن اسمك هناك ما ذكره مفتشو المالية… 

السيد غلاب تحول في وزارة التجهيز من موظف ثم وزير إلى منعش عقاري في أراضي وشقق جمعية الأعمال الاجتماعية لمدة تزيد على عشر سنوات.. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن أن تغطى بالغربال. لنتصور أن كل مدير في كل وزارة سيحصل على أراضٍ بهذه المساحة بأثمنة رمزية، سنحتاج إلى بيع المغرب كله لهؤلاء المديرين!

أما حيلة إسكات كل صوت يقترب من عش الدبابير بدعوى أن الزمن زمن انتخابات، وأن أي شيء ينشر سيستفيد منه الخصوم، فهذه حيلة لن تنطلي علينا، وسنستمر في الحفر تحت أرض الفساد ما وجدنا دليلا إليه، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر، ولهذا سميت المهنة مهنة المتاعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غلاب بقبعتين وزير ومنعش عقاري غلاب بقبعتين وزير ومنعش عقاري



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 05:41 2015 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لبومة تشبه مارلين مونرو عندما تفرّق ريشها بسبب العواصف

GMT 12:31 2015 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

7 مناورات مشتركة للقوات البرية الروسية في 2016

GMT 12:14 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

بدء أعمال المنتدى الدولي للطاقة في الجزائر

GMT 02:16 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فرحة عارمة تعم شوارع المغرب بعد فوز فريق الوداد البيضاوي

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca