حصاد يخطف ملف الانتخابات من يد بنكيران

الدار البيضاء اليوم  -

حصاد يخطف ملف الانتخابات من يد بنكيران

توفيق بو عشرين

بطريقة ذكية نزع وزير الداخلية، محمد حصاد، ملف إعداد الانتخابات الجماعية المقبلة من يد رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران
الذي التزم في السابق بأنه سيدبر المشاورات والمفاوضات السياسية حول هذا الملف الشائك، الذي لم تتح لأي وزير أول في السابق إمكانية إدارته... دائما كان هذا الملف، من ألفه إلى يائه، في يد المطبخ السياسي لوزارة الداخلية، ولا يبدو أن الأمر سيختلف مع حكومة بنكيران...
جاء حصاد إلى البرلمان ووضع «الخطوط الحمراء» حول ما لا يجب الاقتراب منه في القوانين الانتخابية المقبلة، والمقصود هو لوائح الانتخابات التي تحدثنا عنها أمس، ونمط الاقتراع وما يحيط به من قوانين ومراسيم وإجراءات. وتطرح القوانين الانتخابية الجاري بها العمل اليوم والتي لا يريد حصاد تغييرها مشاكل كبيرة أبرزها أربعة، وهي:
-1 التقطيع الانتخابي غير المتوازن، الذي يعطي أهمية للتراب على حساب السكان. فمثلا، نجد دائرة بها 20 ألفا من السكان تمثل بنفس عدد المستشارين الذين يمثلون دائرة بها 80 ألفا من السكان، فنصبح أمام «ساكنة» محظوظة وساكنة مغبونة، وطبعا هذا التقطيع يجري بخلفية سياسية ولصالح طرف وضد طرف آخر، وحتى عندما نص الدستور على وجوب وضع التقطيع الانتخابي بقانون وليس بمرسوم فقط، فإن وزارة الداخلية التفّت على هذا المكتسب الدستوري، ووضعت قانونا بمبادئ التقطيع، وكلها مبادئ «عامة» وإنشائية، ويمكن الالتفاف عليها بسهولة كبيرة. في فرنسا، مثلا، أعطى المشرع المجلس الدستوري حق النظر في الطعون على التقطيع الانتخابي، وقدم المجلس الدستوري هناك اجتهادا قانونيا ودستوريا يمنع أن يتجاوز التفاوت بين الجهات، أثناء التقسيم الانتخابي، %20 وللضرورة.
-2 العتبة الانتخابية صغيرة في المغرب ولا تتجاوز %6، وهي لا تساعد على ميلاد مجالس منتخبة منسجمة، ففي بلاد يتجاوز فيها عدد الأحزاب 30 حزبا، لا يمكن لهذه العتبة الصغيرة إلا أن تقود إلى البلقنة، التي معناها عدم ربط المسؤولية في التدبير بالمحاسبة أثناء الاقتراع، وهنا ندخل في أزمات تدبيرية لشؤون المدن والقرى بلا حصر، لهذا، بدون عتبة على الأقل في 10% أو 12% فلن نصل إلى عقلنة المشهد الحزبي.
-3 مراقبة الانتخابات وشفافيتها مستحيلة في المغرب. لماذا؟ لأن وزارة الداخلية تغرق البلاد بـ47 ألف مكتب تصويت يستحيل على أي حزب أن يغطيها وأن ينتدب من يمثله فيها، حتى لو جند كل المنخرطين في صفوفه لمراقبة الاقتراع ذلك اليوم، فلا يوجد حزب فيه 47 ألف مناضل، لهذا قد تدخل إلى مدرسة، مثلا، فتجد فيها 10 مكاتب تصويت كلها خاوية على عروشها، فما هو الغرض من تفريخ كل هذه المكاتب سوى التخلص من الرقابة؟ لهذا وجب تخفيض ثلثي مكاتب الاقتراع على الأقل في الانتخابات القادمة.
-4 الاقتراع الفردي أو شبه الفردي لا يشجع سوى على الظواهر السلبية في العملية الانتخابية، مثل الأعيان وتجار الانتخابات واستعمال المال وإضعاف الأحزاب، والنظام المعمول به الآن يجعل %90 من الدوائر، التي تجرى فيها الانتخابات، فردية، وهذا إن استمر أكبر هدية لـ«الشناقة» الذين يستثمرون في الانتخابات والمال والنفوذ والولاءات القبلية لأغراض مصلحية ضيقة.
-5 إذا لم ينص القانون الانتخابي على وجوب اختيار رؤساء المجالس الجماعية والقروية ورؤساء الجهات من الحزب الذي فاز بالمرتبة الأولى في الانتخابات، بعد أن ينجح في تشكيل ائتلاف لإدارة الشأن المحلي، فإننا سنكون بعيدين عن الدستور الذي نص على المقتضى نفسه في تشكيل الحكومة حيث أعطى الحزب الفائزة بالمرتبة الأولى هذا الامتياز ليجعل للانتخاب معنى سياسي، إذا أبينا الوضع على ما هو عليه الآن سنستمر في إعطاء الأحزاب التي رسبت في الانتخابات حق قيادة المجالس لأن أعيانها يملكون وسائل لشراء أصوات كبار الناخبين وسنبعد الناس أكثر عن السياسة وعن صناديق الاقتراع.
توضيح لا علاقة له بما سبق
مازالت الحملة المسعورة على كاتب هذه السطور مستمرة، وهي تعزف لحنا واحدا بأدوات مختلفة، وحتى الذي خسر دعوى تجارية ضد الشركة التي تصدر هذه الجريدة، أصبح يرى أن خسارته دليل على إدانتنا، وهذا افتراء ودجل غير مسبوق. لن يمر الأمر هكذا بين سطور الصحافة الصفراء. مرة أخرى نقول إننا ننتظر من وزارة العدل أن ترد على طلبنا فتح تحقيق قضائي في الحكم الجائر وغير المسبوق الذي صدر ضدنا. حكم لم نتسلم إلى اليوم نصه، لنرى كيف سيبرر القاضي خرق القانون الواضح، ثم إننا ننتظر من محكمة النقض أن تقول كلمتها، بعد ذلك لكل حادث حديث. ستظهر الحقيقة بشأن هذه الحملة الدنيئة، التي تستهدف توظيف القضاء لضرب الصحافة الحرة والمستقلة، وبعدها إطلاق الذئاب لنهش الضحايا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصاد يخطف ملف الانتخابات من يد بنكيران حصاد يخطف ملف الانتخابات من يد بنكيران



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca