الملكيات تتعب أيضا

الدار البيضاء اليوم  -

الملكيات تتعب أيضا

توفيق بو عشرين

في سنة واحدة تقاعد ثلاثة ملوك في أوربا مفسحين عروشها لأبنائهم الشباب.
 بعد هولندا وبلجيكا، جاء الدور على إسبانيا، ويوم أمس، وفي بيان مقتضب، أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، قرار الجالس على عرش آل بوربون أنه سيتنحى لابنه فيليبي عن العرش...
لم يقل خوان كارلوس ما قاله جده سنة 1931، عندما تنازل عن العرش لخوان، من كونه «يشعر بأن الإسبان لم يعودوا يحبونه». لم يجرؤ على قول ذلك، لكن الجميع يعرف أن قرار نزول الملك من العرش لم يكن بسبب السن (76 سنة)، بل لأسباب أعمق تتصل بنزول شعبية الملكية في إسبانيا بعد سلسلة من الفضائح التي انفجرت في بيت العائلة الأولى في إسبانيا، حيث، لأول مرة في تاريخ إسبانيا، يفتح القضاء تحقيقا مع الأميرة كريستينا وزوجها في قضايا فساد، ومع ذلك اعترف الملك خوان كارلوس في خطابه للشعب بأنه سيتنحى عن العرش لابنه من أجل دفع الملكية نحو الحداثة، ما يعني أنه يفترض ضمنيا أنه لم يكن قادرا على التخلص من الطابع التقليدي للعرش...
لم يغب الارتباك وتناقض التصريحات عن الحدث الأكبر في إسبانيا. ففي الوقت الذي قال رئيس الحكومة إن الملك سيتنازل عن العرش لأسباب صحية، ولأنه أجرى عددا من العمليات الجراحية في الآونة الأخيرة، نقلت وكالة «رويترز»، صباح أمس، عن مصدر في القصر الملكي قوله: «إن الملك خوان كارلوس تنازل عن العرش لأسباب سياسية وليست صحية، وإنه تنازل جراء التحديات الجديدة التي تواجه إسبانيا، وإنه يعتقد أنه من الضروري إفساح الطريق أمام الجيل الجديد».
تريد الحكومة اليمينية، على ما يبدو، تخفيف الصدمة عن محبي الملك خوان كارلوس والعرش، ويأبى الملك المتقاعد إلا أن يعترف بأن قراره سياسي وليس صحيا، ما يعني أنه يعترف بالأزمة التي وجد العرش نفسه وسطها، بسبب قصص الفساد وسط عائلته في مناخ أزمة اقتصادية حادة جعلت أخبار الفساد تأخذ حجما كبيرا في الإعلام واهتمامات الرأي العام.
وبالرغم من هذا الخروج «المحرج» لخوان كارلوس من القصر، فإن الرجل يجر خلفه تاريخا حافلا بالإنجازات، ومنها قيادته لأكبر انتقال ديمقراطي عاشه العالم في عقد السبعينيات، حيث وقف إلى جانب الديمقراطيين بعد وفاة فرانكو، وبعد انقلاب فاشل من قبل أتباع الفرانكوية كانوا يريدون به العودة إلى الوراء...
لا يوجد إجماع على الملكية في إسبانيا، كما لا يوجد أي إجماع في كل تاريخ البشرية على شيء. في إسبانيا يمين يحب الملكية والملك، ويمين يحب الملكية ولا يحب الملك، ويسار يستلطف الملكية بعيون مفتوحة، ويسار راديكالي لا يحب الملكية ولا الجالس على عرشها، ويدعو إلى الجمهورية بديلا عنها. كل هؤلاء يتعايشون في بيت الديمقراطية، وهذه الأخيرة تقبل بهم وتصبر على اختلافهم...
في السبعينيات أعطت إسبانيا درسا كبيرا لنادي الملكيات حول العالم، الديمقراطية منها والاستبدادية في طريقة دخول ملك شاب إلى العرش وقيادة السفينة نحو الديمراطية،  وها هي نفس الملك بعد 39 عاما من الجلوس على العرش يعطي درسا جديدا في طريقة خروج الملك من قاعة العرش بأسلوب حضاري وذكي، لقد تنازل عن العرش لانقاذ صورة الملكية...
الملكيات، كما الجمهوريات، تتعب وتحتاج إلى دماء جديدة. الملكيات، كما الجهوريات، ليست فوق قانون التجديد والتشبيب. الملكيات، كما الجمهوريات، تدفع ثمن أخطاء أبنائها. الملكيات، كما الجمهوريات، تستمع إلى صوت الشعب حتى قبل أن يُسمع في الشوارع والميادين. الملكيات  كما الجمهوريات، تتعب وتحتاج، بين الفينة والأخرى، إلى شجاعة للاعتراف بذلك... هذا هو درس المملكة الإسبانية اليوم لنادي الملكيات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملكيات تتعب أيضا الملكيات تتعب أيضا



GMT 19:47 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

الاثنين أو الأربعاء

GMT 19:40 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

GMT 19:37 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

2025 سنة دونالد ترمب!

GMT 19:34 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

هل يقدر «حزب الله» على الحرب الأهلية؟

GMT 19:31 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

أحلام ستندم إسرائيل عليها

GMT 19:28 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

GMT 19:24 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

المستهلك أصبح سلعة

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca