مؤتمر الأزمة

الدار البيضاء اليوم  -

مؤتمر الأزمة

بقلم - توفيق بو عشرين

كان الله في عون 2500 مؤتمر الذين سيحجون اليوم من كل المدن والقرى المغربية إلى ملعب مولاي عبد الله بالرباط، للمشاركة في المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية، حيث سيجدون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر، إما التشبث بزعامة بنكيران على الحزب، وتجديد مشروع الإصلاح من الداخل، والبحث عن مداخل أخرى له، ومن ثم، الاصطدام بتيار الوزراء وأعضاء دواوينهم، وجل عمداء المدن ورؤساء الجماعات وأتباع حركة التوحيد والإصلاح، وتعريض الحزب لمخاطر الانشقاق، أو تسليم الحزب للعثماني ليحوّله إلى حطب يابس ليشعل موقد الحكومة البارد إلى حين، والتخلي عن أطروحة النضال من أجل الديمقراطية.

المؤتمر الثامن يطرح على مناضلي المصباح أسئلة خطيرة ودقيقة حول مستقبل الحزب، وحول مشروعه السياسي، وهل بالإمكان أن يكون العضو في العدالة والتنمية وزيرا أو عمدة أو رئيس مجلس بلدي، وفي الوقت نفسه، يبقى مناضلا في الحزب، ملتزما بنهجه وخطته ورؤيته للمغرب، قادرا على قول لا، وتسليم المفاتيح، إن اقتضى الأمر ذلك أم لا؟ هل يبقى الحزب حزبا وهو في الحكومة، أم إن الحزب يتحول إلى دكان سياسي لتموين الحكومة التي يشارك فيها، بلا قيد ولا شرط ولا دفتر تحملات.. حكومة محكومة بجهاز «تيليكموند» عن بعد، لا يراعي أصحابه استقلالية الحزب، ولا التزامات وزرائه مع ناخبيهم ومع حزبهم، ولا حتى كرامتهم في بعض الأحيان؟

ما أشبه الأمس بالبارحة، الوضع الذي يوجد فيه حزب المصباح اليوم يشبه، إلى حد بعيد، الوضع الذي كان يعيشه حزب الاتحاد الاشتراكي في مؤتمره السادس سنة 2001، حيث وقع الاصطدام بين «تيار الوزير الأول ووزراء الحكومة» وتيار الشباب والخط النقابي، إذ كان اليوسفي يدافع عن «نهج برغماتي» في الحكومة، لا يريد أن يقيد حزبه يده بمقرر أو توجه أو حساب، بدعوى، ونيل الثقة، وتحصين التوافق بين الوردة والقصر، فيما دافع الشباب والنقابيون عن مشروع رؤية للوفاء للديمقراطية داخل الحكومة وخارجها، وانتهى الأمر باليوسفي أن رفع شعار: «أرض الله واسعة»، ومنذ ذلك الوقت وقع رفاق بوعبيد شهادة وفاة الاتحاد الاشتراكي، الذي ما عادت له من قوات شعبية، إلى أن جاء إدريس لشكر فدفنه، وبقية القصة معروفة.

اليوم وزراء البيجيدي يختبئون خلف شعارات مضللة، أطلقوا عليها أسماء براقة، مثل: «احترام القانون الداخلي للحزب، والابتعاد عن الاصطدام بالقصر، ومواصلة الإصلاحات الجزئية في الحكومة، وإحالة بنكيران على التقاعد لأن الحزب لا يؤمن بالزعامات، ولأن المؤسسات أولى من الأشخاص»… أما في العمق، فإن تيار العثماني لا يريد أن يجابه الأسئلة الحقيقية المطروحة على الحزب، وهي: كيف السبيل للرد على البلوكاج الذي انقلب سياسيا على نتائج الاقتراع، وجعل الحكومة في واد ونتائج انتخابات أكتوبر في واد آخر؟ كيف السبيل لجعل الحكومة أداة إصلاح، وليست غطاء للسلطوية الناعمة التي رجعت إلى كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية؟ طبعا الجواب عن هذه الأسئلة صعب ومحرج للعثماني ورفاقه، الذين استفادوا، جزئيا، من هذا الانقلاب على نتائج الاقتراع، وقبلوا بالدخول إلى حكومة العثماني، التي يقودها أخنوش ومن يقف خلفه، دون خطة «ب»، ولا قدرة على تحسين شروط التفاوض، وما التدبير الكارثي لأزمة الريف، وأكل الشوك بفم العثماني عنا ببعيد.

بنكيران حمل الراية البيضاء مؤقتا على الأقل، وقال، عند قبر صاحبه عبد الله بها: «يا ليتني كنت مكانك في هذا القبر، فالإصلاح صعب، والإنسان خواف، ‘‘وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور’’ (الآية)». أكثر من هذا، عمد بنكيران إلى تقديم هدية للعثماني وأصحابه، عندما سمح للأمانة العامة للحزب، وهي في النزع الأخير من عمرها، بأن تفسر سياسيا بنود القانون الذي يوجد حوله اختلاف كبير وسط مناضلي الحزب، وذلك لإنقاذ ماء وجه المصباح، الذي سيجد نفسه وسط بلبلة كبيرة وانقسام حاد حول تفسير القانون الأساسي والداخلي، الذي كتبه «المعلمون» بطريقة هاوية تبعث على الاستغراب.

هذا مؤتمر أزمة، والمفارقة أن الأحزاب عادة ما تدخل إلى مدار الأزمات بعد الخسائر، أما حزب العدالة والتنمية فدخل إلى حقل الأزمات في عز الانتصارات، وفي أوج قوته الانتخابية وتمدده السياسي، وبعدما خسر خصوم الحزب في انتخابات أكتوبر، فازوا في تشكيل الحكومة والإطاحة برأس بنكيران، في حين حولت نخبة حزب المصباح فوز السادس من أكتوبر إلى هزيمة في أبريل، وها هو الحزب والمشهد السياسي كله يؤديان الضريبة في شباك المؤتمر، الذي لن يخرج من جعبته أكثر مما دخل من ماء إلى سفينة العدالة والتنمية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤتمر الأزمة مؤتمر الأزمة



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca