مع الاعتذار إلى حزب الكنبة

الدار البيضاء اليوم  -

مع الاعتذار إلى حزب الكنبة

بقلم : توفيق بو عشرين

توصلت برسالة عبر البريد الإلكتروني، يوم أمس صباحا، تعاتبني على دعوة المواطنين قبل الانتخابات الأخيرة إلى المشاركة في صندوق الاقتراع، واستعمال الصوت لمعاقبة هذا ومجازاة ذاك، باعتبار الانتخابات آلية، ضمن آليات أخرى، لصنع التغيير في حياتنا اليومية، ومظهرا من مظاهر المشاركة السياسية التي تعطي المواطن مكبر صوت للتعبير عن مشاكله وآماله، ولمعاقبة المفسدين من طبقته السياسية الذين يبحثون عن الريع في الانتخابات، ويوطنون أصول الخدمة عِوَض مبادئ المشاركة، في نظام تقليدي يحن إلى زمن ولى..

نخبة تنعش السلطوية عِوَض أن تناضل من أجل الديمقراطية، ثم تمر إلى الشباك الوحيد لتقبض مقابل صنيعها هذا. لقد كنت انتقدت في هذه الزاوية «حزب الكنبة» الذي يقاطع الانتخابات، ويجلس في الزاوية البعيدة يتفرج على المشهد، ويسبح بآيات الغضب واليأس. وقلت آنذاك إن مقاطعة الانتخابات موقف يعقد المشكلة ولا يحلها، ويسهل المأمورية على أصحاب الشكارة الذين يحصلون على الأصوات بأموالهم وليس بمصداقيتهم، وهنا أترك هذا المواطن يعبر عن رأيه دون تدخل مني، احتراما لرأي أجده الآن -وقد انحرفت سفينة السياسة في البلاد عن طريقها، وأصبحت عرضة لأمواج البحر وقوة التيار بلا بوصلة ولا خريطة- مبررا، وإن كنت لا أجده حلا، فما جرى ويجري من أعمال سحر لإبطال سلطة صندوق الاقتراع، منذ ستة أشهر، يبعث على اليأس ولا يزرع الأمل في نفس من يفكر في الوطن، بعيدا عن الخوف والطمع، وفلسفة التبرير التي انتعشت هذه الأيام للتغطية على الضعف البشري، وعلى عدم القدرة على مجابهة الناس والنفس بالحقيقة. إليكم رسالة المواطن، الذي أشكره، والآلاف غيره الذين يتفاعلون مع ما أخطه في هذه الزاوية ورقيا وإلكترونيا، اتفاقا واختلافا، تأييدا ومعارضة، ففي نهاية الأمر، لهذا خلقت الصحافة، لتكون مجالا لتداول الآراء، وفضاء للتفكير في الشأن العام بصوت مسموع وكلمة مسؤولة، وليس منجنيقا كبيرا لرمي أحقاد صغيرة عبر إعلام مخدوم لتضبيب الصورة لدى الناس، ومصادرة الأسئلة الحقيقية بتقديم أجوبة معلبة بلا طعم ولا ذوق.

يقول المواطن في رسالته: «كان بودي أن تتحقق رؤيتك، فأندم على انتمائي إلى ما سميته يوما حزب ‘‘الكنبة’’، لكنني أرى ‪ أن ما حصل في الأسبوعين الأخيرين يؤكد رجاحة القرار الذي اتخذته يوما، بعدم الذهاب إلى صندوق الاقتراع في المغرب.

الأمر لا يتعلق هنا بالاتفاق مع حزب العدالة والتنمية أو الاختلاف معه، فذاك أمر يتجاوز سياقنا السياسي، وإنما يسائل جدوى الانتخابات في الأصل.

بطبيعة الحال، ما من عاقل يمكن أن يقول بضرورة إلغاء الانتخابات، لكن ما أنا موقن منه، أيضا، هو أن التغيير لا يمر عبر عملية انتخابية مفصلة على المقاس بعتبتها وإشرافها، ومحكومة سلفا بنتائج بمآل ملتبس.

ها هم الناخبون قد منحوا المصباح 125 مقعدا، وحقنوه بجرعة شعبية، فهل أحسن ترجمتها بأمانة إلى مضمون ديمقراطي؟ لا أعتقد ذلك، بل إن قاعدة العدالة والتنمية نفسها تكتم الغيظ، أو تصرفه غضبا بشكل مباشر أو ملتوٍ.

حدثتك عن العدالة والتنمية دون أن أشير إلى الأحزاب الأخرى، لأن المصباح قدم نفسه مختلفا عما تبقى في الساحة، وزرع أملا في التغيير، أما باقي الأحزاب فتحصد مقاعدها في البرلمان بعيدا عن صداع القواعد والهياكل والبرامج، وهي واضحة في اشتغالها، لأنها أجهزة محدثة لغايات محددة.

هل صوت ملايين المغاربة في انتخابات 7 أكتوبر كي تعود إليهم وجوه راكمت خيباتهم في السياسة والاقتصاد وحقوق الإنسان؟ أما إن كانوا قد مكنوا حزبا من 125 مقعدا لكي يظفر في نهاية المطاف بحقائب رمزية، فتلك مأساة أخرى.

قد تسألني: وما الحل بعدما أظهر خيار المشاركة نتائج محدودة، إن لم تكن منعدمة؟ وهنا لا أجد حرجا في القول إن وصفات الانتقال الديمقراطي ليست عندي ولا في حوزة القاعدة العريضة لحزب الكنبة.

وصفات التغيير تحتاج إلى جيش عرمرم من الباحثين والمفكرين ومراكز الاستشراف الجدية، أما ما أملكه، مثل كثيرين غيري، فكنبة أستريح عليها من ضجيج سياسة لا تستحق اسمها، دون أن أنسى هاتفي الذي أتعقب به كل صغيرة وكبيرة في مضمار سياستنا المعطوبة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الاعتذار إلى حزب الكنبة مع الاعتذار إلى حزب الكنبة



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca