هل ينجح العثماني

الدار البيضاء اليوم  -

هل ينجح العثماني

بقلم - ادريس الكنبوري

كما كان متوقعا، أعطى المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الضوء الأخضر لسعدالدين العثماني، الذي عينه العاهل المغربي الملك محمد السادس بديلا عن عبد الإله بن كيران، للاستمرار في المشاورات مع الأحزاب السياسية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة.

وبالرغم من أن المجلس أقر ضرورة رجوع العثماني إلى الأمانة العامة للحزب خلال مسلسل المشاورات، في ما يعطي الانطباع بأن رئيس الحكومة الجديد المعين سيكون مقيدا بتوصيات وإملاءات الأمانة العامة، إلا أن تلك الإشارة يجب أن تفهم بوصفها رفعا للإحراج الذي وقع فيه الحزب، بهدف إظهار “صلابة” الموقف الحزبي تجاه الفرقاء السياسيين الآخرين، أكثر من أنها تعكس موقفا مسبقا من المفاوضات السياسية.

وقد وردت الإشارة إلى عبارة “التنازل” في موقف المجلس الوطني، وهو ما يفهم منه عدم الرغبة في الاستمرار في المنهجية التي سار عليها بن كيران خلال مشاوراته، إذ يبدو أن الحزب أدرك جيدا الرسالة التي تضمنها بلاغ الديوان الملكي حول إعفائه، وهي ضرورة الإسراع في إعلان الحكومة الجديدة والقطع مع لغة التشدد والتصعيد، سواء من هذا الطرف أو ذاك.

اللافت أن مختلف الأحزاب السياسية بادرت إلى التنويه بتعيين سعد الدين العثماني بديلا لبن كيران، بما فيها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأسه عزيز أخنوش، والذي كان يتهمه بن كيران بأنه السبب في الانحباس الذي حصل. بل إن أخنوش أعلن أنه سيعمل ما في وسعه لدعم العثماني ومساعدته في تشكيل حكومته. ولا يعرف ما إن كان أخنوش سيتراجع عن شروطه السابقة ومن ضمنها إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحكومة، أم أن حزب العدالة والتنمية سيقبل به هذه المرة خلافا لما كان عليه الموقف مع بن كيران؛ والأمر نفسه بالنسبة إلى حزب الاستقلال، الذي كان يتشبث به بن كيران في ما كان أخنوش يعتبر إشراكه في الحكومة خطا أحمر. وإذا كان المرجح أن الحزبين قد يتفقان على صفقة سياسية يتم بموجبها إخراج كل من الاتحاد الاشتراكي والاستقلال من المشاورات، إلا أن هذا الأمر يتوقف على طبيعة المشاورات، وما إن كان العثماني سيبدأ مشاورات جديدة أم أنه سينطلق من حيث توقف بن كيران.

كثيرون ينظرون إلى العثماني كشخصية معتدلة داخل حزب العدالة والتنمية، والنقيض المقابل لشخصية بن كيران المتسمة بالشدة والاندفاع الخطابي، وقد تكون هذه المميزات لعبت دورا في اختيار القصر له، خصوصا وأن المرحلة الراهنة في المغرب شديدة الحرج ما يتطلب إيجاد شخص قادر على خلق التوازنات. ويردد البعض بأن العثماني، الذي كان يرأس الحزب عندما حصلت تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، واستطاع أن يضمن للحزب الاستمرار وأن يخرجه من عنق الزجاجة بعد أن ووجه بردود أفعال غاضبة من الوسط السياسي ذهبت إلى حد المطالبة بحله، بتهمة المسؤولية “المعنوية” عن تلك الأحداث الإرهابية، قد يستطيع اليوم أيضا إخراج الوضع السياسي من الأزمة والعبـور بحزبه من المحطة التي أوقفه فيها بن كيران، من خلال إبداء نوع من المرونة وتغليب المصلحة العليا للبلاد على المصلحة الحزبية.

كيفما كانت التقديرات، لا بد من القول إن حزب العدالة والتنمية اليوم يوجد تحت عدسات الأضواء ويواجه امتحانا صعبا سينطلق خلال الأيام القليلة المقبلة مع بدء المفاوضات لتشكيل الحكومة. ذلك أن أي انسداد في المفاوضات سيجعل الحزب مسؤولا عنه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا ما يبدو أن العثماني واع به كل الوعي، لأن أي فشل آخر لن يترتب عليه فقط صرف النظر عنه وتكليف حزب آخر محله، قد يكون الحزب الثاني الفائز في الانتخابات وهو الأصالة والمعاصرة، بل ستكون نتيجته زوال الثقة بينه وبين القصر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينجح العثماني هل ينجح العثماني



GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 01:23 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

تحولات في جغرافيا الإرهاب

GMT 03:29 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

أردوغان وسياسات المباغتة

GMT 05:20 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

موسم سقوط العمائم

GMT 04:12 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

الإرهاب والفساد السياسي

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca