ابنة الجيران التي أخفى التجميل حسنها

الدار البيضاء اليوم  -

ابنة الجيران التي أخفى التجميل حسنها

بقلم - محمد داودية

كان وجه ابنة الجيران، يا سبحان الخالق، كالبدر في تمامه، جميلا متوردا دون أية اختلالات او ما يسميه الفرنسيون دفو. وهو الجمال الربّاني الطبيعي الأخّاذ الذي قال فيه أبو الطيب المتنبي:

حسن الحضارة مجلوب بتطريةٍ   

وفي البداوة حسنٌ غير مجلوب.

لعلعت الزغاريدُ ونُقرت الدفوف وحدث هرج ومرج، فهرعنا نحن الفتية لنحصل على الحلوى التي كانت تلك الأيام قطعا من الملبس والكعكبان والراحة-الحلقوم والقضامة واللوز المغطاة بالسكر الفيصلية. 

وعبرتُ من حوش جيراننا لاستراق النظر ومشاهدة العروس الجميلة العائدة للتو من صالون التجميل وتصفيف الشعر متوقعا ان تكون قد أصبحت اكثر جمالا وحسنا وفتنة. كانت العروس مصمودة على اللوج وسط حشد من النسوة، من بينهن والدتي وخالاتي، فصعقني منظرها أيّما صعق، وتراجعت الى الخلف مذعورا وانا في تمام الدهشة والتأسف.

وكانت العروس الجميلة، ذات الوجه الذي يشبه البدر في تمامه، واحدة اخرى غير التي اعرفها وهي بلا تزيين. كانت مجردة من الجمال كليا. وكأن المسكينة ذهبت الى صالون التجميل لنزع ما تتمتع به من حسن وجمال وفتنة وكأنّ صاحبة الصالون التي تولت تزيينها من الحاقدات عليها فتعمدت تبشيعها.

كنت أوشك أن اصرخ في العروس وفي النسوة اللواتي كن يغنين، ان ما جرى حرام، امسحوا كل ما طليتن به هذا الوجه السموح الجميل الحسن من مساحيق واصباغ.

سيظل هذا المشهد في ذاكرتي دليلا على أن ما زاد على حدّه انقلب إلى ضدّه، وان ليست كل المساحيق تصلح لكل الوجوه بنفس المقدار وبنفس الفرشاة وبنفس الظلال.

وللأسف الشديد فإننا نشاهد اليوم على شاشات الفضائيات مذيعات ومقدمات برامج، تم اختيارهن لجمالهن وحسنهن، فإذا بهن يفرطن بما منحهن الله من زين لانهن يعتقدن أن الجمال الحديث هو في النفخ والشد والحقن الذي يكون غير متناسق أحيانا وغير متقن أحيانا أخرى ومنفرا في معظم الأحوال.

من الذي وضع معيارا حديديا لجمال النساء لا يجب اختراقه والخروج عليه بتجعيدة على الجبين او بتغضن في العنق؟ من قال انه يجب إزالة وكشط واخفاء خطوط العمر واسراره. 

من قال إن جمال النساء هو مسطرة واحدة ؟

من قال إن أذواق الرجال هو مسطرة واحدة ؟

وبالطبع فإن الذين يشجعون ويضللون ويغرون النساء بالعبث في صنعة الخالق، الذي جعلنا في احسن تقويم، انما يفعلون ذلك لا حرصا على إشاعة المزيد من الجمال بل حرصا على أموال السيدات اللواتي تنطلي عليهن اباطيل ان الجمال في إخفاء الطبيعي وإبراز ما هو صناعي.

إن عمليات التجميل والترميم التي تجري من اجل إزالة آثار الحوادث، هي العمليات التي نقرها لضرورتها. اما عمليات «التجميل» غير الضرورية التي لا يمكن إخفاء آثارها، مهما كان الطبيب عبقريا، فتلك التي تقول للملأ بوضوح: لقد نفخت وحقنت وقطعت ووصلت.

ويظل السؤال: وهل أصبحت أجمل وأصغر سنا ؟

وإنني أجد الجواب في الإحالة الى وجه ابنة الجيران المزيونة ذات الوجه الملائكي التي لطّخوا وجهها وأخفوا حسنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابنة الجيران التي أخفى التجميل حسنها ابنة الجيران التي أخفى التجميل حسنها



GMT 08:13 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

سيّدتي لا تصدّقينا

GMT 06:20 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

الجنة تحت أقدام النساء

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 02:41 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

سؤال للازواج

GMT 15:55 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الصداقة، سعادة

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca