كرة القدم "الانتخابية" !!

الدار البيضاء اليوم  -

كرة القدم الانتخابية

محمد خالد
محمد خالد

مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية في المغرب، تشتد حدة التنافس بين الأحزاب السياسية من أجل حصد أكبر عدد من المقاعد والأصوات، وهذا طموح مشروع يضمنه الدستور لكل مرشح ولكل حزب، إلى هنا الأمور تبدو عادية ومنطقية، لكن ما ليس منطقيا هو إقحام الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص في هذا الصراع الانتخابي، وهو أمر يبدو جليا في الفترة الأخيرة، حيث تحول الوسط الكروي المغربي إلى ساحة للمعارك السياسية، تستعمل فيها كل الأسلحة بما فيها القاعدة الجماهيرية للأندية.
إذا كان الترشح للانتخابات حق مكفول بقوة القانون لكل مواطن، تتوفر فيه الشروط المطلوبة، فإن هذا لا يعني أن هذا المرشح يمكنه استغلال منصبه الرياضي كما يفعل حاليا بعض المسؤولين في كرة القدم المغربية، في دعم شعبيته وتلميع صورته للظفر بأكبر عدد من الأصوات.

فقد تحولت مجموعة من الأندية إلى قلاع انتخابية لمسؤوليها، في ظل انتشار ظاهرة " تحزب" المسيرين الرياضيين، حيث تعج الفرق المغربية بمسؤولين ينتمون إلى أحزاب سياسية ذات إيديولوجيات وانتماءات مختلفة، وهو أمر غريب نوعا ما على الكرة الوطنية، التي كانت إلى عهد قريب بعيدة كل البعد عن أي صراع حزبي، قبل أن يتم جرها إلى  قلب "مستنقع السياسة" بطريقة تدريجية من خلال مواقف وتدخلات وتصريحات الجيل الجديد من " السياسيين- الرياضيين".
وتتجه أصابع الاتهام في الآونة الأخيرة بالخصوص إلى رئيس الوداد البيضاوي سعيد الناصيري المنتمي لحزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض للحكومة، وأحد أكبر المنافسين للحزب الحاكم، " العدالة والتنمية"، باستغلال اسم نادي من قيمة الوداد للقيام بحملة ترويجية لنفسه ولحزبه، حيث ربط المهتمون العديد من التحركات التي يقوم بها الناصيري من خرجات إعلامية "محبوكة"، وصفقات رياضية، بحملة انتخابية ممنهجة، قبل أسابيع من موعد الاستحقاق الانتخابي الذي سيكون فيه رئيس الفريق الأحمر مرشحا للتنافس على مقعد في إحدى الجماعات.

الرئيس المنتدب لفرق المغرب التطواني أشرف أبرون الذي التحق أخيرًا بحزب الاستقلال  متهم أيضا باستغلال الشعبية والنجاح الذي حققه مع النادي من أجل تحصيل نجاحات مماثلة على الصعيد السياسي، رغم أنه خرج مؤخرا ونفى الأمر جملة وتفصيلا، وعلى غراره رؤساء أندية أخرى سيدخلون غمار الانتخابات المقبلة معتمدين على شعبية فرقهم، ودعم جماهيرها.

والحقيقة أن لعبة جر كرة القدم إلى الصراع السياسي يتحمل جزءا منها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي أدلى قبل فترة بتصريح غير مسؤول، أقحم فيه فريق الوداد في خضم صراع حزبه مع حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، ما خلف ضجة كبيرة، كان من تبعاتها تهديد رئيس اتحاد الكرة المغربي بتوقيف كلي للمنافسات الكروية، علما أن هذا الأخير محسوب على تيار حزب "الجرار" الذي يتهمه البعض بمحاولة السيطرة على الكرة المغربية.
إن الخطير فيما يقع حاليا هو دخول الجماهير الرياضية على خط هذا التنافس السياسي من خلال الدعوات التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من طرف مشجعي بعض الأندية بعدم التصويت لمرشحي هذا الحزب أو ذاك، ما يؤكد بالفعل أن الساعين وراء هذا التوجه الهدام قد نجحوا إلى حد كبير في مسعاهم، رغم ما يحمله من مخاطر، تتمثل بالأساس في الرفع من درجة الاحتقان والكراهية بين جماهير الأندية، بشكل يغذي ظاهرة الشغب في الملاعب.
اتركوا كرة القدم بعيدة عن حسابات السياسة، لأنها المتنفس الوحيد الذي يجد فيه المتتبع فسحة للاستمتاع والراحة، فالتنافس على المقاعد الانتخابية، لا يحسم فوق أرضية الملاعب، وإنما في صناديق الاقتراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كرة القدم الانتخابية كرة القدم الانتخابية



GMT 12:17 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 16:26 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"كاف إقامة أمم أفريقيا 2023 في الصيف

GMT 14:10 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المنع المتخذ في حق الجماهير الشرقية

GMT 09:10 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تذاكر "الديربي"..خطأ إدارة الوداد

GMT 12:20 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تكتيك الديربي مفاتيح القمة العربية

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca