أمسك العصا من الوسط

الدار البيضاء اليوم  -

أمسك العصا من الوسط

بقلم: المهدي الحداد

تختلف مدارس التدريب وتتباين عقليات المدربين، بين متسلط ديكتاتور ومتقرب ودود ومزاجي متقلب ومتمايل شاء القدر وبعده لقجع أن يتولى تدريب الفريق الوطني واحد من أكثر المدربين صرامة في العالم، والمعروف بحزمه إلى درجة التشدد، والذي يعطي الأولوية للإنضباط قبل الموهبة والإضافة التقنية، مع عشق أبدي لإرتداء زي الجنرال الحاكم في ثكنته العسكرية.

وحيد يتقن أكثر التكلم بلغة الوعيد، وما خطابه المباشر منذ قدومه للاعبين سواء فيما بينهم أو عبر منابر الندوات الصحفية، إلا دليل على الطقوس الجدية والصارمة التي باتت تطغى على تربصات الأسود، حيث لا أفضلية لهذا على ذاك، ولا مجاملة لهذا النجم على حساب الآخرين، ولا محاباة ولا دلل ولا هم يزيغون.

 كل هذه القواعد والقانون الداخلي الذي جاء به خليلودزيتش شيء رائع ومحمود، خصوصا ليمحو آثار الحقبة السابقة التي عرفت الكثير من التسيب، وتطبيق العقوبات على الضعفاء فقط من اللاعبين، والتساهل المبالغ فيه مع المخضرمين والعمداء والمقربين.

 لكنني أخاف أن ينطبق المثل الشعبي «جا يْكحّل ليها عْماها» على الناخب الوطني، بفرضه هذه السياسة العسكرية الحادة مع اللاعبين، والعواقب التي قد تنتج عنها، بداية بنفور البعض وتهرب البعض الآخر، وتشنج حبل الإتصال بين القائد وفرسانه، وعدم مرور التيار بشكل واضح وسلس، إلى حد إمكانية ظهور «نقابة» وتحالفات داخلية قد تطيح برأس البوسني، كما يحدث في العديد من الأندية والمنتخبات العالمية، والتي يضجر لاعبوها من تصرفات المدرب وتصريحاته اللاذعة التي تنتقذهم علنا، لتكون النتيجة تمرد وعصيان وتآمر.

 وحيد عن قصد أو غير قصد بدأ ينشر غسيل عرينه أمام الإعلام، كحديثه عن ما وقع بينه وبين حارث في إتصال هاتفي كان يجب أن يبقى سرا بينهما، لا أن يعاتب اللاعب أمام الملأ على مكالمته وتوقيتها المتأخر ومضمونها، في تصريح سيؤثر سلبا على مايسترو شالك الألماني، وسيدفع لاعبين آخرين للتفكير ألف مرة قبل التواصل مع وحيد، ومحاولة التقرب إليه لفهم ما يحدث ووضع النقاط على الحروف.

 هناك نوعية من اللاعبين الحساسين الذين لا يحبذون طريقة تواصل وحيد وفلسفته، وقد يحقدون ويتهربون لاحقا من نداءاته ودعواته، وهم الذين أدمنوا الوضوح والشفافية والحميمية داخل أنديتهم الأوروبية، والتقرب من مدربيهم الذين يلعبون أدوارا متعددة، بين الأبوية والعائلية والمهنية، ويضطرون في الكثير من الأحيان لإختراق محبذ للحياة الشخصية، لفك المشاكل وإيجاد الحلول، وشحن البطاريات المعنوية والنفسية المهمة جدا للاعب داخل وخارج الملاعب.

 حارث لم يتقبل كيف إستقبل خبر إستبعاده كبقية العموم، ولماذا لم يبادر خاليلودزيتش مسبقا للإتصال به وشرح له سبب الإقصاء المؤقت قبل صدور اللائحة، وإلى جانبه إستشعر محمد إحطارين قبل أيام بالتبخيس وهو يكتفي بحديث جانبي مع المساعد مصطفى حجي، دون أن يكلف الجنرال البوسني عناء إقناعه والتودد إليه، ليقرر في الأخير عدم الإشتغال معه، وإختيار الطواحين والمدرب كومان الذي إتصل به أكثر من مرة وتنقل عنده شخصيا لإقناعه.

 وحيد مدرب مشهور وبسيرة ذاتية محترمة، لكن معها الكثير من النقاط السوداء المتعلقة باللاعبين والمسيرين والإعلاميين، والتشدد في فرض الصرامة وتحويل التربصات إلى ثكنات مغامرة خطيرة قد تتسبب في إنقلابات، كون ممارسة السلطوية المبالغ فيها ونهج سياسة الترهيب قبل الترغيب، تحرض على الإنشقاق والتفرقة والإنفلاتات. 

 قبل سنة ونصف سألوا لاعبي ريال مدريد عن سر الفوز بثلاثة ألقاب متتالية لعصبة الأبطال الأوروبية، فأجمعوا على وصفة مستودع ملابس المدرب زين الدين زيدان الذي نعتوه بالشقيق والصديق والرفيق وكاتم الأسرار، وهي الرسالة الدالة والحاملة للكثير من المعاني والتي حبذا لو فتحها وحيد ليفهم، بأن الليونة والإنفتاح والتقرب، وإمساك العصا من المنتصف وتحبيب اللاعبين فيه قولا وفعلا، هي السياسة الذكية التي ستحفزهم ليضحوا وينزفوا ويتهيجوا لمكافأته وإكرامه، وبالتالي إنجاح مهمته مع الأسود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمسك العصا من الوسط أمسك العصا من الوسط



GMT 16:26 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"كاف إقامة أمم أفريقيا 2023 في الصيف

GMT 14:10 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المنع المتخذ في حق الجماهير الشرقية

GMT 09:10 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تذاكر "الديربي"..خطأ إدارة الوداد

GMT 12:20 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تكتيك الديربي مفاتيح القمة العربية

GMT 21:20 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نور الدين مضياف البرلماني الشرس بمجلس النواب

GMT 02:57 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

حنان مطاوع تكشف أن شخصية "كريمة" مركبة وصعبة

GMT 03:38 2017 الإثنين ,14 آب / أغسطس

غادة عادل تكشف أخطر مشاهد "هروب اضطراري"

GMT 02:05 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أول صور رسمية لحفل زفاف نيك جوناس وبريانكا شوبرا

GMT 01:41 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مصممة الأزياء داليا يوسف تعود بقوة لمنافسة المستورد

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أجدد مجموعة عطور خريف 2018 المناسبة لجميع الأذواق

GMT 00:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف رجل أعمال في قضية تهريب كميات من المواد المخدرة

GMT 07:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"Mon Guerlain Eau de Parfum Florale "لاطلالة أنثوية تأسر القلوب

GMT 11:47 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

شركة يابانية تطرح سيارة كهربائية خارقة في معرض باريس

GMT 05:56 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تعرف على أكثر السلالم إثارة في العالم

GMT 10:23 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

"Greenpeace" تحاصر مقر فولكس فاغن في بريطانيا

GMT 18:19 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تختبر جلب Assistant إلى تطبيق Android Messages

GMT 17:09 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

نفوق قرش من سلالة نادرة في ميناء طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca