بطولة الخريف

الدار البيضاء اليوم  -

بطولة الخريف

بقلم - حسن البصري

تتغير الفصول، لكن لكل فصل بطله، قبل أن يمضي فصل الخريف وتتساقط أوراقه، تعلن هيئة الكرة عن اسم البطل الفخري، فيسعد أنصاره بلقب رمزي لا لون ولا رائحة ولا طعم له. يقول الراسخون في علم الكرة إنها بدعة وكل بدعة ضلالة، ويقسم المحللون بأغلظ إيمانهم أن اللقب الفخري نصف لقب ونصف سعادة، وربع حلم.

وحدها كرة القدم التي تمنحنا لقبًا في منتصف المشوار، وحين نصل إلى نهاية المطاف لا تعترف به وتعتبره مجرد أضغاث أحلام.. لكن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا في تسمية بطل منتصف الموسم الكروي، فهناك من يسميه بطل الخريف وهناك من يصر على تسميته ببطل الشتاء، وهناك من يلغي التسمية ويصدر بيانا يجعل فيه اللقب اختياريا كالنوافل.

أصبح "لقب" بطل الخريف موضع جدل ونزاع بين الجماهير المغربية، يقول الوداديون نحن المتوجون ويعلن الدكاليون أحقيتهم باللقب، وتتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ميدان للتظاهر ضد لقب ممنوع من الصرف. قال رئيس فريق غير معني بالألقاب الخريفية والصيفية، موجها كلامه لمسيرين يتقاسمونه الانتماء لحزب بمرجعية دينية "لقب الخريف يا سادة يا كرام مجرد غثاء وهو الزبد الذي لا ينتفع به"، فردد خلفه أتباعه "آمين".

هناك إجماع على أن بطولة الشتاء لا تسمن ولا تغني من جوع، لكن ما الجدوى منها إذا كانت عديمة النفع، ألا يستحق فريق راكم عددا منها منحة الجد والنشاط؟، أليس للمجتهد الذي لا يصيب أجر الاجتهاد؟.

أحد المدربين امتلك الجرأة الكافية ليضمن سيرته الذاتية عدد ألقاب الخريف التي فاز بها، حين شعر بفقر الألقاب، وكاد أن يحصي ضربات الجزاء التي أهدرها لاعبوه ويعد النقط التي حرمته من لقب افتراضي، بل إن فريق الرجاء البيضاوي سرح مدربه مولودوفان فور فوزه بلقب الخريف بداعي غياب الأداء الفرجوي، وحين عاد إلى بلاده قرر عدم التعاقد مع الفرق إلا بعد فصل الربيع كي يجني غلة السابقين.

ينام المدرب على وسادة بطولة الخريف فيصدق حكاية اللقب الفخري، فيمشي واثق الخطوة ملكا،، “ظالم الحسن شهي الكبرياء”، لكنه يستيقظ على صراخ الجماهير وشماتة الخصوم، فيطمئن رئيسه وهو يردد: يا حبيبي كل شيء بقضاء ..ما بأيدينا خلقنا تعساء.

في الموسم الماضي اضطرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى إصدار بيان للفصل في جدل بطولة الخريف، حين اشتد الصراع بين الوداديين والفتحين كل يدعي امتلاكه للقب كتب بماء سريع التبخر. لم تدم سعادة الرباطيين بالبطولة الرمزية سوى عشر دقائق قبل أن تحسم الجامعة في الأمر، ومع نهاية الموسم اكتشف الجميع زيف ألقاب منتصف العام.

لا يقتصر لقب الخريف على الكرة، فكثير من القطاعات تتوج أبطالها المزيفين خريفا وتكيل لهم الشتائم والسخرية صيفا، حصد عدد من السياسيين أصوات الناخبين في عز الخريف، وتزاحموا ليتراحموا تحت قبة البرلمان في الدورة الخريفية بجلاليبهم الموحدة، ولكن لا أحد يضمن لهم الظفر بلقب البطولة عند انتهاء الولاية البرلمانية، لأنهم آمنوا بأن مجلس النواب مجرد باحة استراحة لقيلولة على الهواء مباشرة. حقق الأمن أعلى نسبة إشادة في نهاية العام، وتمكن من حصد المجرمين وأشباه المجرمين في ليلة رأس السنة الميلادية، ولكن هذا الإنجاز لا يتيح له الظفر باللقب في نهاية الموسم.

وفي قطاع التعليم يتكدس التلاميذ في الحجرات فلا يخلفون الوعد مع لذة الخريف، قبل أن يضرب المعلمون ويتغيب الحوامل ويتنافس ما تبقى من نقابيين على الرخص الاستثنائية، في ما تتكفل العطل الدينية والوطنية والفصلية بوأد ما تبقى من موسم دراسي.

نحمد الله على نعمة قلم الرصاص، الذي يمنحنا دوما فرصا متجددة للتراجع والاستدراك، فالبطولات لا تكتب إلا بقلم على رأسه ممحاة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطولة الخريف بطولة الخريف



GMT 12:17 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 16:26 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"كاف إقامة أمم أفريقيا 2023 في الصيف

GMT 14:10 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المنع المتخذ في حق الجماهير الشرقية

GMT 09:10 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تذاكر "الديربي"..خطأ إدارة الوداد

GMT 12:20 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تكتيك الديربي مفاتيح القمة العربية

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ننشر 10 تساؤلات بشأن تعويم الدرهم

GMT 02:23 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السياحة الجنسية ظاهرة خطيرة تُثقل كاهل المجتمع في مراكش

GMT 18:29 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسيير أول خط طيران مباشر بين بابوا غينيا الجديدة والصين

GMT 21:23 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

إنقلاب سيارة "پورش" يقودها سعودي في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca