الكونفدرالية من جديد

الدار البيضاء اليوم  -

الكونفدرالية من جديد

بقلم - النائب السابق خلود الخطاطبة

"دع الأردن يأخذ الضفة الغربية، ودع مصر تأخذ غزة. دعهم يتصرفون معها أو يغرقون وهم يحاولون ذلك"، هذا اقتباس للمستشار الاستراتيجي السابق في البيت الأبيض ستيف بانون في معرض شرحه لرؤية ترمب في الشرق الأوسط، حسبما جاء في كتاب "الغضب والنار في البيت الأبيض" لمؤلفه مايكل وولف الذي أحدث ضجة فور صدوره يوم الجمعة الماضي.
اقتباس ستيف بانون، يعيد إلى الواجهة من جديد ما كان يثار عن إقامة كونفدرالية بين الأردن وفلسطين، وهذه بصراحة ليست رؤيا ترمب وإدارته، وإنما رؤيا تبنتها إدارات أميركية سابقة ولم تتمكن من ترويجها في المنطقة، بسبب الموقف الأردني والفلسطيني الواضح منها، لكن الفرق بين الإدارات السابقة وإدارة ترمب في هذا الصدد، بان الأخير لا يفهم لغة الحوار وإنما سياسة  فرض الأمر الواقع كما حصل عند اتخاذه قراره الشخصي بان القدس عاصمة دولة الاحتلال الإسرائيلي.
الموقف الأردني من الكونفدرالية مع فلسطين واضح وجلي، وتجسد في تصريحات سابقة لجلالة الملك عبدالله الثاني لعل أبرزها عندما قال " الحديث عن إقامة كونفدرالية بين فلسطين والأردن الآن، كلام ليس في محله ، ولن تقوم كونفدرالية حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، وبموافقة الشعبين الأردني والفلسطيني". 
"صفقة القرن" القديمة الجديدة، لتصفية القضية الفلسطينية تقوم على تمزيق الجسد الفلسطيني إلى أكثر من جزء واتباعه لأكثر من دولة، فحسب الرؤيا الأميركية فان القدس شرقيها وغربيها لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والضفة الغربية للأردن، وغزة لمصر، وتراهن الإدارة الأميركية من خلال تطبيق رؤيتها القاصرة هذه مستقبلا على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي في المنطقة.
لا يمكن إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي دون ادراك أهمية الدور الأردني في هذا الصراع، فقد شكل الأردن على الدوام صوت العقل في المنطقة والعالم، وكان على رأس الدول المضيفة للاجئين رغم موارده وقدراته الاقتصادية المحدودة وتخلي العالم عنه، وابرز سلاحه في وجه الإرهاب، وكان دوما إلى جانب الحق في الدفاع عن امتيه العربية والإسلامية، وشكلت القضية الفلسطينية قضيته الأولى على مدى عقود، وحفظت قيادته الهاشمية المقدسات الإسلامية والمسيحية انطلاقا من دورها التاريخي في الوصايا على هذه المقدسات.  
الأردن لن يقبل البحث في كونفدرالية مع فلسطين، قبل إعلان الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، ولن يقبل بتوطين اللاجئين، والفلسطينيون لن يقبلوا بديلا عن بلادهم المحتلة ولن يقبلوا باقل من دولة، ويجب على العالم التحرك إزاء السياسات الأميركية في المنطقة التي ستذكي الصراعات بدلا من حلها.
تخبط ورعونة ترمب واضحان من خلال اقتباس بانون الذي أكد على أن الإدارة الأميركية غير مهتمة نهائيا بإحلال السلام في المنطقة، وإنما هدفها الأساس ضمان مصلحة دولة الاحتلال الإسرائيلي، فهي لا تمانع أن "تغرق" المنطقة في صراعات مسلحة جديدة، لكن ما لا تدركه بان دولة الاحتلال لن تكون بعيدة عن مرمى النيران التي ستشتعل في المنطقة بسبب حلول أحادية، فماذا سيتبقى للشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي عندما تصادر مقدساته؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكونفدرالية من جديد الكونفدرالية من جديد



GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

GMT 15:28 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

‏عام يمر بكل ما فيه وكثير من الأحلام مُعلقة

GMT 15:02 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الوحدة الوطنية التي نريدها

GMT 07:50 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

نحو اتفاق عالمي جديد حول الهجرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca