نواكشوط - أحمد سالم سيدي عبد الله
أوضح المسؤول الإعلامي في حزب تكتل القوى الديمقراطية سليمان ولد محمد فال، أن موقف حزبه من الحوار موقف مبدئي، فهو مستعد لأي حوار جدي من شأنه إخراج موريتانيا من الأزمة التي تتخبط فيها منذ االإنقلاب العسكري الذي قاده محمد ولد عبد العزيز عام 2008.
وأضاف ولد محمد فال، في حواره لـ"المغرب اليوم": "لكننا نرفض بقوة أي حوار غير جاد وهزلي، ونقبل بأي حوار يراد منه أن يكون طوق نجاة للنظام الذي يغرق الآن في بحر من الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية".
وبيّن أنه "على هذا الأساس قدمنا في تكتل القوى الديمقراطية، ممهدات نراها ضرورية لإثبات جدية دعوة النظام للحوار لكي يثبتها بالفعل وليس بالقول، خاصة أننا جربنا معه الحوار 5 مرات؛ حوار دكار الذي تنكّر له، وحواره مع المعاهدة، وحواره مع حزب عادل، حواره مع منسقية المعارضة، وحواره مع المنتدى قبل مهزلة الانتخابات التشريعية الأخيرة".
وذكر المسؤول الإعلامي في الحزب الموريتاني، أنه "من الضروري أن يثبت النظام جديته بالفعل لا القول، ما لم يقم بهذه الممهدات ويطبقها، فإننا في تكتل القوى الديمقراطية، لن ننجر إلى مهزلة أخرى مع نظام لا يفهم لغة الحوار والاشتراك، فهو نظام أحادي ويبرهن على ذلك من خلال ممارساته.
وأوضح ولد محمد فال: "نحن في تكتل القوى الديمقراطية ينسجم موقفنا مع موقف المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، لأن الخطوة الوحيدة التي قام بها المنتدى حتى اللحظة هو استقباله لرسالة لاحظنا فيها الكثير. فهي غير موقّعة ولا تحمل رأسية، لكننا تعاملنا معها بكامل الجدية المطلوبة في هذه الظرفية، وقد تم الرد عليها وحملها الأمين التنفيذي للمنتدى، وهي الآن في مرمى النظام".
وأردف "في حال لم يجب النظام على تلك الرسالة التي بعث بها المنتدى، فموقفنا لا زال منسجمًا مع موقف المنتدى، ونحن حريصون على وحدته وتماسكه، وهو ما نرى أنه ضروري في هذه الظرفية.
كما أكد ولد محمد فال، أن حزبه لم يقدم شروطًا، وإنما قدم ممهدات، وهذه الممهدات لم تأتِ من فراغ وإنما نتيجة للتجارب السابقة مع النظام، أثبت فيها جميعًا عدم تطبيقه لما اتفق عليه معه.
وبيّن المسؤول الإعلامي في حزب "تكتل القوى الديمقراطية" أن النظام يسعى لتسيير أزمة وحل مشكلة يعيشها، ويترك تلك الاتفاقات حبرًا على ورق، مشددًا على أنه يراد من هذه الممهدات، إثبات النظام لجديته، وسعيه إلى إخراج موريتانيا من الأزمة الحالية.
وشرح ولد محمد فال في مقابلته مع "العرب اليوم"، ممهدات حزبه التي يراها ضرورية للدخول في الحوار المقبل وهي تتمثل في: تخفيض الأسعار، وخاصة أسعار المحروقات، والمواد الاستهلاكية الأساسية.
وأوضح أن أسعار المحروقات انخفضت في العالم أكثر من الثلثين منذ أشهر، "والدول التي كثيرًا ما تقارن الحكومة وضعنا بها تم خفض الأسعار فيها؛ مثلًا مالي خفضت الأسعار، والسنغال قامت بتخفيضها ثلاث مرات متتالية، والمغرب، وهذه الدول ليست أحسن منا حالًا من ناحية الموارد، بل هي أكثر منا شعبًا ونحن نمتلك الموارد مع قلة عدد السكان بالمقارنة مع تلك الدول".
وتابع ولد محمد فال أن ذلك المطلب ليس تعجيزيًا، مضيفًا "أننا طالبنا بتصريح الرئيس عن ممتلكاته، وهو ما ينص عليه قانون الشفافية المالية 54 الصادر بتاريخ 18/ 09/ 2007".
وتنص مادته الثانية على أن ( يقوم رئيس الجمهورية عند بداية وانتهاء مأموريته بالتصريح عن ممتلكاته، وعن ممتلكات أطفاله القصر، وينشر هذين التصريحين).
وأكد أن المطلب الأخير يمثل تطبيقًا للقانون الذي يجب على رئيس الجمهورية أن يكون حاميه الأول، مستطردًا أن "الحزب أيضًا طالب بحل كتيبة الأمن الرئاسي التي تعتبر نشازًا وجسمًا غريبًا داخل المؤسسة العسكرية، فلا هي تابعة لأسلاك الجيش، أو لأية مؤسسة يمكن تصنيفها بأنها تابعة للقانون، وبالتالي فهي تحدث نوعًا من الإخلال بالتوازن".
وأردف: "نحن شاهدنا ما حدث في بوركينا فاسو أخيرًا، وطالبنا أيضًا بفتح وسائل الإعلام العمومية، وهو ما ينص عليه القانون، وطالبنا بالكف عن قمع المتظاهرين السلميين، وهو ما يضمنه ويحميه ويكفله الدستور والقانون. فهذه ممهدات لبناء وإعادة الثقة المفقودة بين النظام والمعارضة، حتى تتهيأ أرضية يمكن معها أن نناقش القضايا المطروحة في الساحة الوطنية، ولا نراها تعجيزية ونحن مستعدون للحوار على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وما نسعى من أجله هو الحوار الجدي الذي من شأنه إخراج موريتانيا من الأزمة".
وأوضح ولد محمد فال في حديثه لـ"العرب اليوم"، بأن الهيئات القيادية لحزب تكتل القوى الديمقراطية التي اجتمعت أخيرًا أكدت أنه "لا تنازل عن هذه الممهدات التي حرصنا على أن تكون في إطار القانون، ولا يمكن أن يكون فيها مغمز، ولا نقص، من خلال عدم جديتها، أو عدم تأسيسها، فهي مؤسسة كلها في إطار القانون"، مضيفًا أن أكبر هيئات القيادة في الحزب وهي المكتب التنفيذي، واللجنة الدائمة أكدت أنه لا تنازل عن هذه الممهدات "وبالتالي نحن متمسكون بها، ولا نرى أي جدوائية لأي حوار قبل الاستجابة لها وتنفيذها على أرض الواقع".
وأشار المسؤول الإعلامي في حزب التكتل، إلى أن قرارات المنتدى يتم اتخاذها بالإجماع وهذا ما ينص عليه النظام الداخلي للمنتدى وبالتالي ينبغي التوضيح أن ذهاب حزب واحد من الأحزاب المشكلة للمنتدى لا يمكنه من حمل اسم المنتدى وإن بقيت كل الأحزاب إلا واحدًا لا يمكنه حمل اسم المنتدى.
كما أضاف أن "هذا يعني أن المنتدى يمكنه الذهاب إلى الحوار كاملًا لكي يطلق عليه هذا الإسم، فلا يمكن بقاء الإسم بعد خروج شخص واحد. هذا توضيح مهم بالنسبة لي".
من جهة أخرى، أكد ولد محمد فال، تمسك حزب تكتل القوى الديمقراطية وحرصه على وحدة وتماسك المنتدى خاصة في هذه الظرفية الدقيقة والحساسة، مضيفًا "نحن لدينا الرئاسة الدورية للمنتدى وهو ما يجعلنا أحرص الناس على وحدته وتماسكه، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب المبادئ، أو على حساب ما نراه ضروريًا لنجاح الحوار ولضمان مستقبل المنتدى ولمصلحة موريتانيا".
ونفى القيادي في الحزب أن قيادات المنتدى سيذهبون في حال عدم تحقق هذه الممهدات، راجيًا أن يكون هذا الشعور وهذا الإحساس هو ما يحرك الجميع.
وذكر القيادي المعارض سليمان ولد محمد أن الحوار يجب أن يناقش أمورًا كثيرة وضرورية، خاصة أننا أصبحنا لا نعيش في دولة، ويجب نقاش مشكلة الوحدة الوطنية، لأننا نعيش اليوم تشرذمًا اجتماعيًا مدعومًا من طرف النظام.
وأضاف أن "الشرائح الاجتماعية كافة تحس بالغبن، وبالتالي يجب وضع الحلول الأساسية لحل هذة المشكلة لكي نتدارك ما يمكننا تداركه".
وأشار إلى أهمية نقاش مشكلة الإرث الإنساني، كما يجب نقاش الحكامة، والتسيير الشفاف لموارد الدولة، ومشكلة تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة تكون الكلمة فيها للشعب، وكذلك يجب بحث مشكلة الإعلام العمومي ووضعه في خدمة المواطن وليس في خدمة فرد أو جهة أو شريحة معينة.
وتطرق إلى أهمية نقاش مشكلة البطالة التي أصبحت تهدد الشباب وترمي به في أحضان الجماعات المتطرفة، ولا بد من نقاش مشكلة الصحة، والتعليم، وقضايا كثيرة.
وأكد ولد محمد فال أنه يجب أن يكون الحوار مع النظام جامعًا يؤسس لمرحلة جديدة من الحكم الرشيد ومن التصالح مع الذات، ولتحريك عجلة التنمية في موريتانيا التي توقفت منذ 7 سنوات تقريبًا، بل منذ وصول العسكر إلى الحكم في البلد، بسبب الحكم الإنفرادي وعدم الاستماع للآخر وعدم إشراك جميع مكونات الشعب الموريتاني، التي بدون إشراكها لن نخطو خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح ولن نضع عجلة موريتانيا على الطريق الصحيح.