الرباط - علي عبد اللطيف
صرَّح رئيس جمعية "ترانسبارنسي المغرب"، عبد الصمد صدوق، بأنَّ مشروع "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" يبتعد تمامًا عن نص وروح الدستور المغربي.
وأكد صدوق في مقابلة مع "المغرب اليوم" أنَّ "المشروع الذي تقدمت به الحكومة لا يمنح الهيئة صلاحيات التحقيق في التجاوزات ولا في ملفات الفساد والرشوة التي تظهره من حين إلى آخر في بعض القطاعات الحكومية".
يُذكر أنَّ مشروع القانون رقم 113.12 المتعلق بـ"الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" لا يزال محل جدال ونقاش في البرلمان المغربي ولم يُحسم بعد.
وأوضح رئيس "جمعية ترانسبارنسي المغرب"، أنَّ "مشروع الحكومة لا ينص كذلك على استقلالية الهيئة"، مشدّدًا على أنَّ "مشروع الحكومة، يتراجع عن ما جاء به الدستور من جهة كما يتناقض مع الالتزامات الرسمية التي نص عليها بيان سابق للديوان الملكي الصادر في فاتح نيسان/ أبريل 2011، الذي أعطى "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" المقبلة الحق في التصدي المباشر لكل حالات الفساد والرشوة".
وأبرز صدوق أنَّ "هذا الحق المتعلق بالتصدي المباشر من قبل الهيئة للفساد سحبه منها مشروع الحكومة"، مضيفًا أنَّ جمعيته بالإضافة إلى جمعيات المجتمع المدني "سبق أن طالبت رئيس الحكومة بسحب هذا المشروع بكامله وعدم اعتماده لأنه لا يستجيب لا للدستور ولا لحاجات محاربة الفساد في المغرب".
وأشار إلى أنَّه سبق أن عقد "لقاءات متعددة مع عدد من المسؤولين من أجل الضغط في اتجاه سحب المشروع لكن دون جدوى"، موضحًا أنَّ جمعيته أصدرت بيانات ومذكرة دراسية حول الموضوع ولقاءات مع الكتل البرلمانية وراسل مسؤولين وأجرت جمعيته مناظرة بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بهدف وقف مسار هذا المشروع وبلورة مشروع جديد لكن لحد الآن لم يتحقق هذا الحلم.
وحول ما إذا كان السبب في عدم تفاعل الحكومة مع مطالب الجمعيات المهتمة بالموضوع ومنها جمعيته في غياب الإرادة السياسية للحكومة، شدد صدوق على أنَّ "المطلوب على الأقل تطبيق ما جاء به الدستور في موضوع الهيئة قبل الحديث عن وجود إرادة سياسية من عدمها".
وأضاف إنَّ "الطريقة التي تم بها بلورة مشروع القانون المذكور تثير التساؤل"، وبيَّن أنه "كان قد تم طرح مشروع مماثل من قبل في العام 2012"، معتبرًا أنَّ المشروع الأول كان أفضل من المشروع الحالي الذي جاءت به الحكومة الحالية، وكان متقدمًا عليه من حيث تمكين الهيئة من آليات مهمة لمحاربة الرشوة.
وبيَّن صدوق أنَّه "بعد عام ونصف على المشروع الأول تقدمت الحكومة الحالية بمشروع لمحاربة الرشوة ضعيف جدا"، مضيفًا "لا ندري من أين جاءت به"، موضًحا أنَّ هذه الهيئة ستكون آلية من بين آليات أخرى كثيرة يجب أن تدعمها الحكومة.
وشدَّد على أنَّ "الحد من الرشوة يتطلب منظومة وطنية للنزاهة تكون شاملة وواضحة، تهاجم الفساد من جميع المداخل"، معتبرًا أنَّ تمكين "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" من آليات فعالة لمحاربة الرشوة مسألة أساسية، قائلًا "لكن لابد من إضافة آليات أخرى، من قبيل قانون الحصول أو الوصول إلى المعلومة، ومشاريع أخرى".
واعتبر أنَّ المشكلة في القضاء على الرشوة في المغرب يتمثل في "السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، فضلًا عن مسببات أخرى، منها ما هو سياسي وتاريخي، الأمر الذي يتطلب منظومة شاملة ومتكاملة وواضحة كأسس لمحاربة الرشوة والفساد".
ولفت صدوق إلى أنّ جمعيته لديها تصور واضح، مشيرًا إلى أنَّ "عنوان هذا التصور هو وضع استراتيجية وطنية لمحاربة الرشوة فيها الإجراءات الوقائية من الرشوة وإجراءات زجرية".
ونوَّه بأنَّ "الحكومة لم تتفاعل بالشكل المطلوب مع تصورات ومقترحات الجمعية، كما لم تتفاعل مع مقترحات جمعيات المجتمع المدني الأخرى ولا مع القطاع الخاص".
وكشف أنَّ "جمعيته بتنسيق مع الجمعيات ستطلق خطوات أخرى وستسمر في الترافع ضد هذا المشروع الذي تقدمت به الحكومة"، قائلًا "سنلجأ أولًا بعد مصادقة مجلس النواب على المشروع إلى مجلس المستشارين وإذا مر بهذه المضامين الضعيفة سنستمر في النضال لتغيير هذا المشروع جذريًا حتى لو تم إجازته في مجلس المستشارين