رام الله – وليد ابوسرحان
أكَّد عضو اللَّجنة التَّنفيذيَّة لمنظمة "التَّحرير" الفلسطينيَّة حنَّا عميرة، الإثنين، أن "حمل كيري أفكار أمنية في زيارته الأخيرة إلى المنطقة لدفع عمليَّة السَّلام للأمام، بمثابة وضع العرب أمام الحصان"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل نجحت في إقناع الإدارة الأميركيَّة بتبنِّي وجهة نظرها، بشأن حفظ أمن إسرائيل أوَّلا، ومن ثم تبحث بقيَّة قضايا المفاوضات مع الفلسطينيِّين".ونفى عميرة، في تصريحات لـ "المغرب اليوم" أن "تكون الأفكار الأمنيَّة التي حملها كيري هي خطة، بل هي أفكار يجري دراستها من قبل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لتقديم إجابات رسمية عليها للإدارة الأميركية خلال الزيارة المقبلة لكيري إلى المنطقة، مؤكدا أنها "ليست خطة، بل هي أفكار تم طرحها من أجل بناء خطة، وأعتقد بأن كيري سيعود إلى المنطقة من أجل الاستماع لأجوبة الأطراف عليها"، مشيرا إلى أن "تلك الأفكار ما تزال قيد الدراسة، ومن ثم سيكون جواب نهائي عليها".وأشار عميرة إلى أن "الإسرائيليين غير موافقين على تلك الأفكار الأميركية، مضيفا "الإسرائيليون غير موافقين على هذه الأفكار، الإسرائيليون يريدون احتلالا دائما"، منوها إلى أن "ذلك الموقف الإسرائيلي إما سيؤدي إلى تراجع أميركي إضافي في موضوع المفاوضات أو يؤدي إلى موقف أميركي يضغط على إسرائيل، وعلى كل حال الأمور ما زالت غير واضحة".وبشأن حالة الإحباط لدى القيادة الفلسطينية جراء ما حمله كيري من أفكار أمنية خلال زيارته الأخيرة، قال عميرة: إن يحمل كيري أفكارا أمنية هذا يعني بأنه وضع العربة أمام الحصان، فكان من المفترض أن يبدأ بموضوع الحدود وليس الأمن، وبالتالي أن ينجح الجانب الإسرائيلي في أن يفرض موضوع الأمن أولا هذا يعني نجاح نسبي للإسرائيليين، وهذا شيء مزعج جدا، لأنه إذا ما بدأنا بموضوع الأمن وخصمنا من مساحة وسيادة الدولة الفلسطينية بما يتعلق بالأمن الإسرائيلي فهذا يعني استمرار الاحتلال بشكل أخر".وتابع "كيري لم يطرح خطة بل أفكارا ما زلنا ندرسها ولكن نجاح الجانب الإسرائيلي بفرض الأمن أولا فهذا شيء مزعج جدا"، مؤكدا أن الأفكار الأمنية الأميركية التي حملها كيري ما زالت قيد الدراسة فلسطينيا وسيتم بلورة رد فلسطيني رسمي عليها عقب دراستها من الأطر القيادية الفلسطينية، محذرا من خطورة التبني الأميركي لطرح ملف الأمن الإسرائيلي قبل بحث حدود الدولة الفلسطينية.وكشفت مصادر إسرائيلية ليلة الأحد أن "الاقتراح الأميركي بشأن الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية في إطار اتفاقية السلام بين فلسطين وإسرائيل، تشمل استمرار وجود قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي على طول نهر الأردن لعدة أعوام مقبلة، وفقًا لما ذكره مسؤولون إسرائيليون مطلعون على تفاصيل الاقتراح.وحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن القوات الإسرائيلية التي سيتم تركها على طول نهر الأردن سيتم تخفيفها تدريجيًا بمرور الوقت بالتنسيق مع الوضع الأمني في المنطقة، مشيرة إلى أن "هذا الوضع سيستمر أكثر من ثلاثة أو أربعة أعوام"، مؤكدة أن "المسؤول الإسرائيلي الذي كشف عن تفاصيل الاقتراح الأميركي"، أكد أن "الولايات المتحدة تبنت الموقف الإسرائيلي بشأن أهمية الترتيبات الأمنية كشرط أساسي لاستكمال المفاوضات"وأشارت الصحيفة إلى "كلمات كيري قبل مغادرته لإسرائيل، الجمعة، عندما قال إن حل المشكلة الأمنية هو الشأن الأساسي لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أجل الاستمرار في باقي مواضيع المفاوضات مع فلسطين، وأنه إذا لم تقوم الاتفاقية بزيادة الوضع الأمني الإسرائيلي لن تكون هناك اتفاقية"، مشيرة إلى أن "الاقتراح الأميركي الأمني ينص على أن تكون هناك دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ولكن يمكنها أن تتقوى بقوة أمنية قوية لاحتياجات الأمن الداخلي والحرب ضد الإرهاب"، مشيرة إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية عرضت إشرافها على تنفيذ هذا الاقتراح بواسطة طائرات تجسس أميركية دون طيار تقوم بالتصوير".ووفقًا للاقتراح، ستكون المعابر على طول الحدود الأردنية تحت سيطرة مشتركة بين إسرائيل وفلسطين، مع إمكانية وجود ممثلين أميركيين، كما يُلزم الاقتراح إخلاء معظم مناطق الضفة الغربية ماعدا منطقة غور الأردن، ولا يُسمح لإسرائيل التحرك بحرية داخل الأراضي الفلسطينية لمنع حدوث مطاردات".وأشارت الصحيفة، إلى أن "الولايات المتحدة عرضت خلال اقتراحها إنفاق مليارات الدولارات من أجل تحسين القدرات الاستخبارية، والدفاعية، والهجومية للجيش الإسرائيلي، وكشفت عن وجود خلافات في الجانب الإسرائيلي بشأن الاقتراح الأميركي"، مشيرة إلى "الخلاف الواقع بين وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، ووزيرة العدل تسيبي ليفني رئيسة طاقم المفاوضات الإسرائيلي، بحيث يتحفظ يعالون على بعض بنود الاقتراح الأميركي وخصوصا إخلاء قوات جيش الاحتلال من غالبية مناطق الضفة ما عدا غور الأردن".وعلى عكس موقف يعالون، تقول ليفني: إن الاقتراح الأميركي يلبي لإسرائيل جزءا كبيرا من متطلباتها الأمنية، مشيرة إلى أنه "ليس من الواقع أن تحصل إسرائيل على جميع متطلباتها".هذا ووصفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى الاقتراحات التي قدمها كيري بأنها "في غاية الخطورة والسوء، كونها تتعلق بالتدابير الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتأجيل الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين، منذ ما قبل أوسلو ودمجها مع الدفعة الربعة بالتزامن مع الإعلان عن اتفاق إطار جديد"، مشيرة إلى أن "كيري أبدى تفهما للاعتبارات الإسرائيلية من أعمال البناء في المستوطنات".وجراء ذلك تعيش القيادة الفلسطينية حالة من الإحباط، في ظل نجاح إسرائيل في إقناع الإدارة الأميركية بضرورة بحث المطالب الأمنية لإسرائيل أولا، وقبل بحث ملف حدود الدولة الفلسطينية.وفيما تعكف القيادة الفلسطينية على دراسة المقترحات الأمنية التي حملها كيري في زيارته الأخيرة للمنطقة لإعطائه إجابة فلسطينية عليها خلال زيارته المقبلة للمنطقة للشروع في بلورة خطة أمنية، يشعر المسؤولون الفلسطينيون بأن إسرائيل نجحت نسبيا في فرض وجهة نظرها بشأن ضرورة بحث الملف الأمني أولا وقبل ملف الحدود.