الدار البيضاء - جميلة عمر
أكد رئيس محكمة النقض، مصطفى فارس، الخميس، أن كل متتبع موضوعي للنموذج التنموي المغربي، وبعد أربع سنوات من وضع دستور المملكة الجديد، لا يسعه إلا أن يشهد بالطفرة الإصلاحية الكبرى التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، والتي جعلت من المغرب كعبة كل قاصد ومثالا على التوجه الصحيح والثابت نحو المستقبل بخطوات واثقة على أرضية صلبة، أرضية سيادة القانون وضمان الحقوق والحريات وإصلاح منظومة العدالة وتعزيز مؤشرات الثقة.
وأضاف "فارس"، في مقابلة مع "المغرب اليوم"، أن هناك قواعد ومبادئ موجهة ومؤطرة استقبلها قضاة بكثير من العناية والحرص على الالتزام بها وتفعيلها، من خلال مخطط خماسي يحاول قدر الإمكان الاستفادة من الفرص المتاحة واستثمار الرأس اللامادي المتوفر والاشتغال على محاور استراتيجية مرتكزة على رؤية ورسالة وأهداف تنصهر كلها في بوثقة واحدة وهي تنزيل المضامين الحقوقية نصا وروحا، مبنى ومعنى. وذلك بالسهر على مراقبة قضاء محاكم الموضوع والعمل على تأطير عملها وتوحيده بالشكل الذي يوفر شروط المحاكمة العادلة والتطبيق السليم للقانون.
وأوضح، خلال افتتاح السنة القضائية الجديدة لـ2016 بحضور وزير العدل والوزير الأمين العام للحكومة؛ ونقباء المحامين ونخب سياسية، وأعضاء من الوفد القضائي التركي، أن اختيار محكمة النقض خلال هذه السنة شعار "تكريس الحقوق الدستورية"، لكي يعكس شعار افتتاح هذه السنة القضائية أحد الأهداف الأساسية لحصيلة مجهود أسرة محكمة النقض طيلة العام 2015 من العمل الدؤوب الجاد بعض معطياتها الإحصائية التي تحمل دلالات متعددة وتؤكد على خلاف ما يدعيه بعض الناس، الثقة الكبيرة في عمل هذه المؤسسة؛ حيث ارتفعت نسبة ازدياد حجم القضايا المسجلة سنويا، إذ وصلت هذه السنة إلى 41374 قضية بزيادة قدرها 5350 عن 2014 أي بنسبة تصل إلى 8.14 في المائة، ما انعكس على الرائج الذي وصل إلى 32212 ملفا، وهو رقم ضخم غير أن نسبة عالية منه سجلت في الأشهر الستة الأخيرة قضايا جنائية.
وبين أن يدل على إقبال كبير ملحوظ يواجهه فريق عمل محكمة النقض بكثير من التضحية والإخلاص والعزيمة؛ حيث تم البت في أكبر عدد من هذه القضايا إذ وصل المحكوم هذه السنة إلى 37878 قضية، أي بزيادة 5170 قرارا مع التذكير هنا بأن الأسرة القضائية في محكمة النقض تعرف ما يمكن أن نسميه بالنزيف الحاد؛ حيث تقاعد أكثر من مئة قاض من العيار الكبير خلال السنوات الأربع الماضية، مدارس قضائية وفقهية وعملية يصعب تعويض خبرتها في وقت وجيز.
وأردف فارس أنه على غرار السنوات الأربع الماضية، محكمة النقض ورغم كل الصعوبات والعراقيل الواقعية والقانونية، فإنها بقيت محافظة على نجاحها حيث وصلت هذه السنة إلى نسبة 78 في المائة، من الملفات التي لم يصل أمد البت فيها السنة، وهي أرقام تجعلنا ننظر إلى المستقبل بثقة ويقين وتُلزمنا بشكر أهل الفضل في ذلك السادة قضاة وأطر وموظفي هذه المؤسسة.
تحدث فارس عن الحصيلة الرقمية والنوعية للعمل القضائي الصرف، وعلى أهميتها الكبرى التي تعد جزءا يسيرا من الرسالة الكبرى التي تقوم بها محكمة النقض بالنظر إلى موقعها الاعتباري الذي يلزمها بمد إشعاعها وطنيا ودوليا، من خلال مبادرتها إلى خلق الحدث القانوني والقضائي والعلمي والتواصلي والمشاركة في العديد من الأنشطة والأوراش المعرفية التي تدخل ضمن مخططنا الاستراتيجي الذي يرمي إلى تحقيق عدة أهداف.
وأضاف أن العام 2015 تميز بمبادرات مهمة على المستوى الوطني والدولي وهنا لابد من التذكير باتفاقية الشراكة المهمة التي وقعتها محكمة النقض هذه السنة مع الوكالة الوطنية، لتقنين المواصلات لمسايرة التطور التكنولوجي وإدماج تصورات مبتكرة للخدمات الإدارية والقضائية وصولا للمحكمة الرقمية التي نطمح إلى تحقيقها.
وعن مستوى تفعيل ميثاق المتقاضي، أكد فارس أن محكمة النقض استمرت من خلال آليات الإنصات والحوار والتوجيه المباشر أو بواسطة الهاتف أو الموقع الإلكتروني من خلال قسم الشؤون القضائية ومكتب الاستقبال، أن تكرس ثقافة التواصل المسؤول الشفاف الذي يخلق جوا من الثقة في عمل المؤسسة القضائية بصفة عامة، وقد وردت على هذه المحكمة آلاف الطلبات التي يصعب حصرها بدقة والتي تمت تلبيتها في أقرب الآجال وبأحسن طريقة.