الدارالبيضاء ـ أسماء عمري
أكّد نائب رئيس فريق "العدالة والتنمية" في مجلس النواب عبد الصمد حيكر أنّ الحكومة أتت في وضع عام يميز البلاد يمكن تلخيصه في ثلاثة عناوين رئيسية، الأول هو أنَّ هذه الحكومة جاءت في ضوء وضع يتميز بحالة من الاختناق السياسي، أبرزها ظهور حزب سلطوي كرس نهج التحكم في الحياة السياسية، وهو ما كان سببًا في هذا الاختناق السياسي، الذي كان بمثابة تمهيد للحراك الشبابي، الذي جاء بشعارات عامة تركزت في مجملها على المطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، فضلاً عن الظرفية الاقتصادية الصعبة.
وأضاف القيادي في الحزب الحاكم، في حديث إلى "المغرب اليوم"، أنّه "يمكن القول أنه كان هناك ترد في المجال الاقتصادي، على أساس أنه من جهة لا أثر للأزمة الاقتصادية العالمية، ومن جهة ثانية قمنا بعدد من الإصلاحات، التي كان من المفروض أن تبدأها الحكومات السابقة، إلا أنها ظلت تتراكم، وتتدحرج بين أيديها، إلى أن تولدت عنها مشاكل اقتصادية مركبة".
وأشار إلى أنّه "كان لزامًا على هذه الحكومة، وبمجرد حصولها على المسؤولية، الانكباب على عدد من الملفات الشائكة، ومواجهتها"، مبيّنًا أنّ "المعطى الأخر الذي يميز الظرفية التي تحملت خلالها هذه الحكومة مسؤولية إدارة شؤون البلاد هو الاحتقان الاجتماعي، في ضوء ما شهدته الفترة من إضرابات واحتجاجات، تزامنًا مع تدني عدد من المؤشرات في المجال الاجتماعي عمومًا، من بطالة وهشاشة وفقر".
ورأى أنَّ "هذه الحكومة كان عليها اجتياز المعضلات، لكونها أتت في مرحلة تأسيسية من بعد الدستور، وهو ما دفعها إلى بذل مجهود كبير في مجال البناء الديمقراطي، تضمنت عددًا كبيرًا من التفاصيل، فضلاً عن المجهود في مجال الحكامة الجيدة، وإرساء قواعد الشفافية".
وأوضح الحيكر أنّهم "كفرق غالبية، وكفريق العدالة والتنمية، أكّدوا أنَّ حصيلة الحكومة تعدّ حصيلة الصمود أمام التحديات الصعبة من جهة، ومن جهة ثانية أمام حالة التشويش، التي سقط فيها ويقودها عدد من المنابر الإعلامية، بعيدًا عن المهنية المطلوبة في مثل هذه الظروف، والتي كان حريًا بها أن تعكس المجهودات الحكومية، أو على الأقل إبراز ما تم إنجازه أو ما تمّ البدء في العمل عليه".
وتابع "حتى في إطار هذا التشويش الإعلامي فإن بعض المنابر، إما الرسمية أو شبه الرسمية، فقد أصبحت تصطف إلى جانب المعارضة، لطمس المنجزات الحكومية، فضلاً عن محاولة نسف التجربة الحكومية من الداخل، إذ أنَّ بعض الأحزاب السياسية التي شكلت مع (العدالة والتنمية) الغالبية لما تغير أمينها العام أصبحت تريد أن تقوم بالمعارضة من الداخل، وسعت إلى إعاقة الإصلاحات التي بدأتها الحكومة في نسختها الأولى، وهدّدت بتفجير الغالبية، والأمثلة كثيرة على ذلك، لكن المهم أنَّ الحكومة واجهت التحديات والقصف الإعلامي الذي تلقته".
وبيّن أنَّ "الحكومة اتّخذت قرارات لم تستطع الحكومات السابقة اتّخاذها، لا في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ففي المجال السياسي مثلاً أتت الحكومة بعد انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وخرجت بخارطة سياسية معبرة، والتي من خلالها عين رئيس الحكومة بطريقة تكرس انبثاق الحكومة عن صناديق الاقتراع للمرة الأولى في التاريخ السياسي للمملكة"، لافتًا إلى أنَّ "هذه الحكومة ساهمت في تكريس الاستقرار في المملكة، وحققت مقولة الإصلاح في ضوء الاستقرار".
وعلى المستوى الاقتصادي، اعتبر الكاتب الجهوي لحزب "العدالة والتنمية" في الدارالبيضاء أنَّ "الحكومة قامت بأمور مهمة جدًا، وهو ما تأكده التقارير الدولية مع ارتفاع عدد الاستثمارات الأجنبية في المغرب، وهو ما تبرزه وكالات التنقيط العالمية، والتي تشير إلى تحسن المغرب في سلم التنقيط على المستوى العالمي، حيث أنَّ آخر التقارير تتحدث عن أنَّ الاقتصاد المغربي هو الأكثر استقرارًا في المنطقة".
واستطرد "واجهت الحكومة معضلة عجز صندوق المقاصة، واستطاعت أن تنقل كلفته من 75 مليار درهم إلى 45 مليار، ومن ثم إلى 25 مليار درهم، كما تمكنت هذه الحكومة، بفضل الإدارة الجيدة أن توفر في السيولة النقدية في الخزينة، بالشكل الذي أصبح يؤمن للموظفين أجورهم بطريقة منتظمة، دون اللجوء إلى الاقتراض".
و في الجانب الاجتماعي، أوضح المتحدث "قامت الحكومة بمجموعة من الإجراءات لم تستطع الحكومات السابقة أن تقوم بها، على الرغم من أنَّ الظروف كانت أسهل، حيث أخرجت إلى حيز الوجود صندوق التعويض عن فقدان العمل، ورفعت من الحد الأدنى للأجور في القطاع العام والخاص، ورفعت منحة الطلبة، وزادت من عدد المستفدين منها، كما أنها مقبلة على أن تعممها على الطلبة الذين يتوفرون على الشروط كافة، فضلاً عن أنّها خفضت من أسعار أكثر من 500 دواء".
ولفت إلى أنَّ "فريق العدالة وتنمية والغالبية بصفة عامة، اعتبروا أنَّ ما قامت به الحكومة إيجابيًا، ولصالح المغاربة، وقد استطاعت أن تقوم بهذه المنجزات لأنها تحلت بروح الجرأة، وهي التي جعلت الحكومة تتعامل مع الملفات التي تخلت عنها الحكومات السابقة، مثل ملف التقاعد والمقاصة، وقد طلبناها بأن تتحلى بنفس الجرأة في الشوط الثاني من ما تبقى لها، بالإصرار على الإصلاحات الهيكلية الضرورية، والرفع من وتيرة هذه الإصلاحات، لأن ذلك الإرباك الداخلي الذي ساهمت فيه بعض مكونات التشكيلة الحكومية السابقة، ضيعت على المغرب عامًا من زمن الإصلاح السياسي".
وأضاف "هناك عدد من المواضيع التي يجب أن يبرز فيها المجهود الحكومي، والتي لا تراجع عنها، مثل موضوع محاربة الفساد، الذي أحالت الحكومة فيه أكثر من ألف قضية إلى القضاء، كما عليها التركيز على إصلاح المنظومة التعليمية، لاعتبارها أساسية ومهمة في إصلاح الأمة".
وشدّد حيكر، في ختام حديثه إلى "المغرب اليوم"، على أنَّ "خطاب المعارضة بصفة عامة لم يكن فيه إنصاف بشأن الحصيلة المرحلية للحكومة، كما أنه لا يتوفر على الموضوعية، وعدد من مكونات المعارضة خطابها جاء بلغة الكذب، في ضوء وجود تقارير دولية تؤكد تحسن الاقتصاد الوطني، وتحسن المؤشرات الاقتصادية الوطنية، وعلى المعارضة التي لا تعترف بالإصلاحات الحكومية أن تقدم البديل في برامجها الانتخابية، دون اتخاذ قرارات جريئة".