الرباط - الدار البيضاء اليوم
توصل فريق بحثي دولي إلى أن الأنواع الحالية من بقر البحر التي ما تزال تعيش على طول سواحل المحيط الأطلسي وفي أنهارأمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا، و في المحيطي الهندي والهادئ، كان لها أجداد يعيشون في سواحل المحيط الأطلنتي، وبالضبط على سواحل المغرب، قبل 35 إلى 40 مليون سنة مضت. وأكد الباحثون، الذين اكتشفوا حفريات لتلك الثدييات جنوب مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، للجزيرة نت، أن هذا الاكتشاف مهم جدا خاصة “لإعادة بناء تاريخ المناخ القديم وعلم البيئة القديمة في هذا الوقت الذي شهد تغيرات مناخية كبيرة والتي يمكن أن تساعدنا على فهم الاضطرابات الحالية في المناخ”.
وحسب نفس المصدر، توصل فريق دولي من علماء إلى اكتشاف حفريات سيرينيا المعروفة أكثر باسم “أبقار البحر” والتي يعود تاريخها إلى العصر الجيولوجي في أواخر العصر “الأيوسين” ( ocene)، أي منذ 35 إلى 40 مليون سنة، جنوب مدينة الداخلة بالصحراء المغربية. شارك في الدراسة علماء الحفريات من كلية علوم عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ومن متحف علم الحفريات التابع لجامعة ميتشغان بالولايات المتحدة وقسم الحفريات بالمملكة العربية السعودية، وتم نشر النتائج في دورية “جورنال أوف أفريكان إيرث ساينس” (Journal of African Earth Sciences) بتاريخ11مارس/آذار الجاري.
يقول سمير زهري عضو فريق البحث من المغرب وهو أستاذ التعليم العالي بقسم الجيولوجيا (علم الحفريات) بجامعة الحسن الثاني للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني “من وجهة نظر علمية، تلقي هذه الدراسة ضوءا جديدا على تطور هذه المجموعة من “أبقار البحر” الذين هم أبناء عمومة الأفيال البعيدة والذين نشأوا في القارة الأفريقية قبل انتشارهم في جميع المناطق ذات المناخ الدافئ والمياه الضحلة العميقة الذين أطلق عليهم “دخلاسيرين ماروكونسيس” Dakhlasiren marocensis” نوع جديد وحسب البلاغ الصحفي غير المنشور للدراسة، والذي حصلت عليه الجزيرة نت من الباحث، فقد مكنت هذه الحفريات المغربية الجديدة علماء الأحافير المغاربة والأميركيين من التعرف على جنس جديد ونوع جديد من السيرينيين الذين أطلقوا عليها اسم “داخلاسيرين ماروكونسيس” لتعليم مكان الاكتشاف وهي مدينة الداخلة في جنوب المغرب، وتصنيف الحيوان (sirene) يقول سمير زهري للجزيرة نت “إنه جنس جديد ونوع جديد من “سيرينين”(sirenian) يقدم معلومات جديدة حول تاريخ تطور هذه المجموعة، حيث أظهرنا أيضا أن هذا النوع كان له سطح مضغ أمامي متخصص بشكل واضح (في مقدمة الفك السفلي) غير موجود في البروتوزيرانيين الآخرين ولا في أبقار البحر المعاصرة، مما يشير إلى طريقة مختلفة للتغذية وربما بيئة معينة.
وحسب سمير زهري فقد تم اكتشاف حفريات هؤلاء السيرينيين بين عامي 2013 و2016 خلال عدة بعثات ميدانية، وتم إعدادها وترميمها في معمل الحفريات التابع لقسم الجيولوجيا في كلية العلوم في عين الشق، حيث بدأت الدراسة الفعلية في الواقع منذ اكتشافهم ببحث ببليوغرافي لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول هذه المجموعة ولتحديد هذه العظام الأحفورية من وجهة نظر تشريحية وتصنيفية. وكان التحدي الرئيسي لدى فريق البحث هو عدم وجود مجموعات من المقارنات في المغرب مع الحفريات السيرينية المعروفة بالفعل، ويشير الباحث سمير زهري إلى أنه “تم التغلب على هذا العائق أثناء الإقامة في متحف جامعة ميشيغان لعلم الأحافير، والذي يضم واحدة من أغنى مجموعات الحفريات لممثلي هذه المجموعة.
دراسة لتطور تلك الحيوانات ووفقا للبلاغ الصحفي لفريق البحث فإن “أبقار البحر”(Sirenians) هي الثدييات البحرية العاشبة الوحيدة الحالية التي أصبحت مائية بشكل حصري، وتتمتع حيوانات (Sirenians) مثل الحوتيات (Cetac s: Baleines et Dauphins)، باهتمام كبير لدراسة تطور تلك الحيوانات لأنهم ينحدرون من ثدييات أرضية تطورت لتصبح مائية بالكامل. وانتقلت المجموعتان (Sirenians) و”سيتاسون”Cetaceans) ) من التكيف مع الحياة البرية إلى الحياة المائية بشكل مستقل خلال الفترة المبكرة من منتصف العصر الأيوسيني (اي منذ حوالي 50- إلى 30- مليون سنة) وتعتبر “أبقار البحر”(Sirenians) من الثدييات البحرية التي تشمل اليوم “ديغونغ”(Dugong) و”مانتي”(Manatee) التي تعيش في المياه الاستوائية الضحلة، وخاصة في نصف الكرة الجنوبية.
وتعيش الأنواع الثلاثة الحالية من بقر البحر (Manatee) على طول سواحل المحيط الأطلسي وفي أنهار أمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا، ويعيش بقر البحر (Dugong) في المحيطي الهندي والهادئ. وهذه الأنواع الحالية هي في الواقع بقايا لترتيب تصنيفي منقرض بلغ ذروته في العصر الميوسيني (24- الى 53 مليون سنة مضت)، وهي فترة مناخ عالمي دافئ يتزامن مع موائل ساحلية دافئة وضحلة واسعة النطاق حسب البلاغ الصحفي. ويوضح سمير زهري أن “أحد الاختلافات المهمة بين الأنواع الحديثة (أبقار البحر وخراف البحر) هو أن هذه الأخيرة لم يعد لديها الأطراف الخلفية التي كانت موجودة في الأشكال القديمة، على الرغم من أن البروتوسرينات والأبقار ومن العصر الأيوسيني لم يعد بإمكانهم استخدام أطرافهم للمشي على الأرض الجافة.
وفرض الانتقال بين البيئة الأرضية والبيئة المائية خلال تاريخها التطوري تعديلات مورفولوجية وفسيولوجية كبيرة، واكتشاف العينات الأحفورية يجعل من الممكن تتبع مراحل هذه العملية التطورية، كما توسع دراسة أحافير بقر البحر المغربي المعرفة فيما يتعلق بـ”بروتسيغندي” (Protosirenidae)، وهي عائلة أسلاف هذه المجموعة التي اختفى أعضاؤها منذ حوالي 30 مليون سنة وفق ما أشار اليه البيان الصحفي. ويضيف زهري “كانت حيوانات (السيرينين)، مثل الحيتان، قد تكيفت تدريجيا مع الحياة المائية، وفي غضون بضعة ملايين من السنين، تكيفت تماما مع الحياة في الماء، وحدثت تغيرات في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء وما إلى ذلك، وتعتبر (Sirenians) اليوم هي الثدييات البحرية العاشبة الوحيدة الموجودة والثدييات العاشبة الوحيدة التي أصبحت مائية حصريا” مشروع دراسة الفقاريات البحرية الجدير بالذكر أن هذه الدراسة العلمية هي جزء من مشروع دراسة الحيوانات الفقارية البحرية من العصر الأيوسيني في الصحراء المغربية وعلاقتها بالتغيرات المناخية في ذلك الوقت.
ويختم الباحث المغربي سمير زهري مقابلته مع الجزيرة نت بالقول “يشجعنا هذا الاكتشاف، مثل العديد من الاكتشافات الأخرى التي قمنا بها في المنطقة، على مواصلة التحقيقات، لأن كل هذه الحفريات مفيدة لنا، خاصة لإعادة بناء تاريخ المناخ القديم وعلم البيئة القديمة في هذا الوقت الذي شهد تغيرات مناخية كبيرة والتي يمكن أن تساعدنا على فهم الاضطرابات الحالية في المناخ”
قد يهمك أيضَا :
الكشف عن فوائد تناول لحم البقر يومياً
بقرة غريبة تُثير الجدل في الصين بعد ظهور قدم خامسة على ظهرها