واشنطن ـ رولا عيسى
"مجموعة منتقاة من كل الأشياء الأنيقة، والغريبة، أو الغامضة"، هذا ما جمعته سوزانا لاو، المدونة المعروفة باسم، سوزي بابل؛ فقد تجولت في وقت سابق، هذا الصيف في أسواق طوكيو المختلفة، وقامت بالتقاط صور لقمصان هاواي
كلاسيكية، وألعاب الروبوت الصغيرة، ودمى الـ"ميني ماوس"، وقامت بتحميلها على هاتفها.
ولا يمكن لأحد أن يتخيل أنه منذ حفنة قليلة من السنين، كان كل ما يمكن عمله لصور سوزي، هو أرشفتها؛ لتراها هي فقط، لكنها اليوم وضعتها بحيث تكون متاحة لأي شخص لديه هاتف بكاميرا، أو حساب على موقع التواصل الاجتماعي الخاص بالصور، "إنستاغرام"؛ لذلك لم تندهش السيدة لاو، عندما عادت من إحدى سفرياتها؛ لتجد أن بعض صورها قد استغلها بعض المصممين.
تجربتها ليست فريدة؛ ففي الأشهر الأخيرة، حرص المصممون من مختلف المشارب والاتجاهات على اللجوء إلى "إنستاغرام"؛ للاطلاع على نمط حياة وأذواق معجبيهم من مدونين، مثل السيدة لاو، ومصممين، وعارضات، وفنانين، وزوار عشوائيين، أصبحوا مصدرًا للإلهام الذي يجد طريقه إلى حملاتهم الإعلانية، وبشكل مباشر أو غير مباشر، ومن ثمَّ إلى منصات العرض الخاصة بهم.
ويقول جايسون وو، وهو من مدمني "إنستاغرام"، والذي يبلغ عدد متتبعيه ما يقرب من 85 ألف متتبع، بينما يتتبع هو نفسه بشكل روتيني أكثر من 150 مستخدمًا آخر، يقول، "الصور جزء كبير من كيفية حصولنا على الوحي، فهي تطلعنا على طريقة تفكيرهم، أو على الأقل ما يريدوننا أن نعتقد أنه فكرهم، وهذا يغير طريقة تصميمنا".
و"إنستاغرام"، منذ إنشائه قبل عامين، والذي ينضم إليه ما يقرب من 150 مليون مستخدم شهريًّا، ظهر وكأنه النسخة المرئية من تويتر، فليس من المستغرب، أن يتم استغلاله من قِبل العلامات التجارية الكبرى في عالم الأزياء؛ كبنك للصور، وأداة للبحث، وكوسيلة لعرض بضاعتهم، والآن أيضًا كوسيلة للدخول إلى رؤوس العملاء.
وإصرار رواد عالم الموضة على استخدام التطبيق؛ كمصدر للإلهام، واستنباط ردود الفعل، يبشر بتحويل التسلسل الهرمي القديم في هذه الصناعة رأسًا على عقب.
وتقول مورين مولن، والتي ترأس قسم الأبحاث في "ثينك تانك الـ2"، وتُقدم تقاريرها وتحليلاتها لاتجاهات وسائل الإعلام الاجتماعية، "تقوم صناعة الأزياء التقليدية على الحفاظ على السيطرة الإبداعية"، مضيفة "لكن يبدو أنه تم التنازل عن السلطة في الآونة الأخيرة إلى الناس، فهم الذين يشترون هذه الملابس ويرتدونها، ويتعامل المصممون مع المستهلك، وكأنه فنان، فللمرة الأولى تقوم الجماهير بخلق المحتوى الإبداعي الذي ترغب هذه الماركات التجارية في استخدامه".
ديان فون فرسستنبرغ، تتفحص الموقع الإلكتروني "إنستاغرام" بشكل روتيني؛ لمشاهدة التعليقات، وعندما نشرت أخيرًا صورًا لزهور برية ملونة، وجدت من متتبعيها على الموقع ردود فعل إيجابية جدًّا، واقترح البعض أنها "تصلح كطبعة أنيقة على بعض الفساتين، هل ستفكر في ذلك؟"، فردت قائلة، "ممكن".
السيدة فون فرسستنبرج، ليست الوحيدة التي تبحث عن مصادر الهام وأفكار على "إنستاغرام"، حيث تقول نانيت ليبور، "إنستاغرام غيرت رؤيتي"، فإلى جانب إضافة الألوان إلى تصميماتها على المنصة، فقد أنعشت مجموعة الربيع للسيدة ليبور سلسلة من مطبوعات الخشخاش، والتي استوحتها بمهارة من صفحات معجبيها على "إنستاغرام"، وأواخر الربيع الماضي حاولت التقاط الروح المرحة التي استنبطتها من صور لمجموعة من الشباب على "فينس بيتش" في ولاية كاليفورنيا.
وتقول ليبور، "ألهمتنا كيف كن هذه الفتيات يخرجن إلى الشوارع؛ ليلتقطن الصور لأنفسهن"، وقد وظفت عناصر من نمط شخصياتهن في عرضها في حزيران/يونيو الماضي، وفي حملتها الإعلانية كذلك.
ويقول المدير الإبداعي لـ"يوهانس ليوناردو"، فرديناندو فيرديري، وهى وكالة إعلانات لمجموعة متنوعة من العلامات التجارية، إن "إنستاغرام كان فرصة أخرى للعلامات التجارية لتجدد ذاتها، حيث تعطى الإمكانية لكل شخص أن يشعر أنه مبدع".
وفي وقت سابق من هذا العام، شاهد السيد وو، سلسلة من اللقطات على "إنستاغرام" للعارضة والناشطة البيئية، كريستي ترلنغتون، وهم يأكلون شرائح "فيلى" بالجبن، رغم إنه لم يلتق السيدة ترلنغتون من قبل، ولكنه تأثر بسحر الصور لدرجة دفعته للاتصال بها على موقعها على الانترنت؛ ليطلب منها أن تظهر في حملته الإعلانية في الخريف.
وتفوق "إنستاغرام"، على مواقع، مثل: يوتيوب، وبينتيريست، وتامبلر، وحتى الـ"فيسبوك"، بقدرته على تعزيز العلاقات بين الناس، وتشجيعه على تبادل الأفكار بشكل عفوي، وتقول السيدة مولين، إن "الإحصاءات الحديثة، أظهرت أن قدرة التطبيق على جذب المشاركات تفوق 25 مرة مستوى المشاركة في غيرها من وسائل الإعلام الاجتماعية".
ويقول مايكل كورز، والذي يضم حسابه أكثر من مليون متتبع، وكان مندهشًا للغاية من الرقم الذي وصل إليه، "أحب أن أتمكن من نشر صورة، وخلال بضع ساعات، أجد أن 10 أو 20 أو حتى 40 ألف شخص معجبون بها، أو يُعلقون عليها، أو يُعيدون مشاركتها، إنه أمر يجعل التواصل ممكنًا على نطاق لا يصدق".
أما المصمم ويس غوردون، والذي يملك صفحة خاصة عن شركته على الـ"فيسبوك"؛ فيقول، "إنستاغرام شخصي أكثر بالنسبة لي، ويعبر عن لمحة لطيفة في العالم الشخصي لشخص ما، وهو حقيقي للغاية، ولا يتأثر كثيرًا بالمؤثرات الخارجية".
ويضيف غوردون، "في بعض الأحيان، أرى مشاركات لإحدى صديقاتي، حيث تنشر صور لها في حفلة، أو في إجازة، وأفكر في صورها؛ لأنها تبدو رائعة جدًّا؛ فهذه اللقطات تتحول إلى جزء من مكتبتي البصرية".
مثل هذه الصور العفوية على ما يبدو تعطي غوردون وأقرانه نظرة ثاقبة لحياة العملاء، حيث يقول أحد الهواة الآخرين، ويُدعى جوناثا سيمخاي، "غالبًا ما أسأل نفسي: كيف ستبدو هذه الفتاة في ثوبي؟"، مضيفًا "التطبيق يجيب على هذا السؤال؛ لأنه يسد الكثير من النقص، باعتبارهم العملاء الذين يتحدثون عن احتياجاتهم".
وليس من السهل دائمًا تتبع تأثير التطبيق على منصات عرض الأزياء، ولكن على مواقعهم، وعلى شبكة الإنترنت، يضيف المصممون لقطات لمتتبعيهم، ويستغلوها للتواصل معهم في مختلف الأشكال.
ووضع مارك جاكوبس، الشهر الماضي صورة لثلاث قلادات جميلة، على حسابه على "إنستاغرام"، وكتب "الذهب، أم الذهب الوردي، أم الفضة؟"، ودعا الجماهير للتصويت.
ويعمل "إنستاغرام"، في أوسع معانيه، باعتباره امتدادًا لعروض "الترانك شوز" التقليدية، والتي يمكن للعميل من خلالها أن يقوم بطلب مجموعة متنوعة من نفس التصميم، حيث تقول المدير الأكاديمي لمعهد قانون الأزياء، الأستاذة في كلية فوردهام في نيويورك، سوزان سكافيدي، "في هذا النوع من العروض، نعتبر أنفسنا مشاركين مبدعين مع المصمم الذي نحبه".
وتضيف سكافيدي، "إنستاغرام يأخذ هذه العملية إلى المستوى التالي، ويسمح بالتعاون الشامل"، موضحة "إنها طريقة جديدة لاستنباط بعض التنبؤات من رغبات المستهلك".
وتوضح سكافيدى، "على إنستاغرام ينجذب الناس للأشياء المتطرفة أو اللافتة للنظر، وهى غالبًا ما تكون مختلفة عن الأشياء التي قد يشتريها المرء في الواقع".
وتقول ريبيكا مينكوف، من أوائل من تنبؤوا بهذا التطبيق، ولديها أكثر من 250 ألف متتبع، وهى أكثر سرعة واستجابة في دمج اقتراحات المستخدمين في خطوطها للأزياء والحُلي، "إذا كان العميل يقول لي: أنا أحب أن اقتنى حقيبة مع البرونز، هل يمكنك عمل ذلك؟" وترد مينكوف، "ربما أفعل ذلك، إذا أمكنني الحصول على طلبات مماثلة من 25 فتاة؛ سأفعل".
وتضيف مينكوف، "تكريم رغبات المعجبين، هو من ضمن جدول أعمالنا؛ لأنني أريد أن يشعر هؤلاء الفتيات أنهن مشاركات في العملية الإبداعية".
لكن السيد فيرديرى، يقول إنه "ليس كل زائر عشوائي يمكنه وضع بصمته على الموضة؛ فالموضة من المفترض أن تقود المستهلكين إلى أماكن غير متوقعة، لا أن تسألهم إلى أين تذهب".
واستخدام التطبيق لاستنباط نبض المتسوق لديه مخاطرة؛ فيمكن لعدد قليل من الزوار إلى موقع الويب الخاص بالمصمم أن يفرض عليه ما يتناقض مع خبرته، كما أن وجود الكثير من تعليقات الإعجاب لا يستدعى بالضرورة التزامه بما يريدون.
وهذه التحفظات يمكن أن تؤثر على السيدة ليبور، التي انبهرت أخيرًا بصور لأندريه غود، وقالت "إنها درستها جيدًا، إنه دائمًا يرتدي القميص الغريب ذاته، ولديه أسلوب أكثر من مدهش، وقد أرغب في أحد الأيام بعمل خط مستوحى من القميص الرائع الذي يرتديه هذا الرجل".