برلين - المغرب اليوم
يعرض في صالات السينما الألمانية فيلم "لا يمكن الصمت" الذي يصور جولة غنائية قام بها فنانون أجانب مع المغني الألماني الشهير هاينز راتز، بهدف تسليط الضوء على المعاناة التي يواجهها طالبو اللجوء في ألمانيا. قبل سنتين، قام المغني هاينز راتز ومجموعته التي تسمى "الكهرباء والماء" بجولة بالدراجات الهوائية حول ألمانيا، كان الهدف منها الدعوة لسياسية لجوء عادلة ولجمع التبرعات لصالح اللاجئين. وقد زار ومجموعته نحو ثمانين مركزاً لإيواء اللاجئين. وهناك التقى العديد من الفنانين والمغنيين المشهورين في بلدانهم، لكن لا يحق لهم العمل في ألمانيا أو السفر إلى مكان آخر. بعد الحديث إليهم، خطرت للفنان الألماني فكرة تسجيل ألبوم موسيقي بمشاركة هؤلاء المغنيين اللاجئين والقيام بجولة غنائية في عدد من المدن الألمانية. وهكذا تمّ تسجيل الألبوم الذي أطلق عليه اسم "الكهرباء والماء واللاجئون". هؤلاء كان عددهم ثلاثين مغنياً من 15 دولة مختلفة، وعملهم كان مزيجا بين أنغام موسيقى العالم وموسيقى الروك والبوب وغيرها. أما غلاف الألبوم، فتضمن صورة لقارب أخضر يجوب رمال الصحراء. وبعد أن قام الفنانون بتسجيل الألبوم الغنائي، حان موعد انطلاق الجولة، حسب هاينز الذي أوضح أن جميع المشاركين في العمل، هم مهددون بالترحيل من ألمانيا. وفي الفيلم الوثائقي "لا يمكن الصمت" الذي وثق لفترة تسجيل الألبوم وللجولة الغنائية، ظهر هاينز رفقة نوري من طاجيكستان وجاك وريفيلينو من كوت دي فوار وحسين من أفغانستان، وهم ينتقلون من مسرح إلى مسرح ومن مدينة إلى أخرى. ترك الرجال الأربعة بلدانهم، على أمل أن تصبح ألمانيا بلدهم الثاني. لكنهم لم يجدوا فيها شيئا غير الجمود والانتظار في مركز إيواء اللاجئين، إلى أن يُمنحوا لهم الإقامة. والى ذلك الحين، لا يحق لهم العمل أو الدراسة أو حتى التنقل خارج الفضاء المسموح به. ولم تمنح هذه الجولة الشهرة للفنانين اللاجئين فحسب، بل ولهاينز أيضا الذي يتمتع بشهرة كبيرة في ألمانيا. وتجدر الإشارة إلى أن المغني نفسه من أصول أمريكية لاتينية، فأمه بيروفية ووالده ألماني الأصل. وعاش متنقلا بين عدة دول منها سويسرا وألمانيا والسعودية والبيرو والأرجنتين واسكتلندا. وقد غير مسكنه خمسين مرة، ومدرسته خمسة عشر مرة حتى نهاية المرحلة الثانوية. أيضا قضى عاما كاملا في العراء، كحركة احتجاجية. كما أنه ألّف العديد من القطع الموسيقية والأشعار والقصص القصيرة. وإذا اقتضت الحاجة، يقوم بالغناء تحت الماء أيضا. وهو ما قام به بالفعل عام 2009 حين قطع مسافة ألف كيلومتر سباحة في الأنهار الألمانية، ضمن جولة نظمتها جمعية حماية البيئة، للتوعية بأهمية نظافة الأنهار من النفايات الكيماوية. أما الفيلم الوثائقي "لا يمكن الصمت"، فهو لا يحكي قصة حياة المغني الألماني، وإنما يركز على قضية اللاجئين ومعاناتهم، كما أنه يعرض فنهم، وموسيقاهم وحالة اليأس والخوف التي يمرون بها، فضلاً عن آمالهم المستقبلية. قطعة من الجنة سام من غامبيا يعيش في مركز روتلينغ للاجئين، غنى عن بشاعة الحرب وحلاوة الحرية، لكنه وجد نفسه في ألمانيا داخل سجن من نوع آخر. أما جاك، فأوضح أنه لولا المشروع الغنائي لكان قد قضى وقته في المركز فقط، ونوري يشكو من كيفية حلم كل من حوله بمغادرة المكان. جميع هؤلاء يؤكدون أن الموسيقى هي التي تمنحهم القوة لمواجهة الوضع، والجولة التي قاموا بها، ما هي إلا "قطعة من الجنة". أما عملهم فحظي بصدى طيب لدى الجمهور الذي رقص على أنغام موسيقى الريغي، وتأمل في معاني النصوص حول معاناة اللاجئين داخل ألمانيا. ويمكن القول إن فيلم "لا يمكن الصمت" يصور أناسا من جهة تغمرهم فرحة غامرة بالغناء ومن جهة أخرى يترقبون بقلق ما تحمله لهم الأيام القادمة.