بيروت - غنوة دريان
يمثل فيلم "نور" للمخرج خليل زعرور الذي يعالج مسألة زواج القاصرات في لبنان، عامل ضغط لإقرار قانون تطالب به الجمعيات الأهلية للحد من هذه الظاهرة عبر تحديد السن الأدنى للزواج بـ 18 عامًا.
وبدأ تصويره قبل 3 أعوام، لكن عرض الفيلم يتزامن اليوم مع تصاعد الاهتمام بهذه الظاهرة إعلاميًا، ومع بحث الموضوع في مجلس النواب. ويتناول الفيلم قصة نور، فتاة، 15 عامًا، تؤدي دورها فانيسا أيوب، من عائلة ريفية متواضعة، ترتبط رغمًا عن إرادتها برجل اختارته عائلتها لها. وبعدما كانت فتاة نابضة بالحياة، تجوب حقول القرية ووديانها على دراجتها الزهرية، وتلهو ببراءة مع رفاقها، تنقلب حياتها بعد زواجها من شاب ثلاثيني ثري، يؤدي دوره المخرج نفسه، نزولًا عند رغبة أمها (جوليا قصار) وشقيقها. وتجد نفسها إثر ذلك فتاة مُعنفة محرومة من طفولتها وأحلامها.
وقال زعرور، على هامش عرض الفيلم: "قابلت في مرحلة إعداد الفيلم نساء تزوجن في سن مبكرة، وأطلعنني على معاناتهن وعذاباتهن". وأوضح أن "الفيلم مبني على خلاصة مجموعة قصص حقيقية لا على قصة واحدة بعينها".
وانطلق زعرور بالتعاون مع أليسا أيوب في كتابة السيناريو، وصاغا فيلمًا يتلاءم مع المتطلبات السينمائية وطبيعة جمهور السينما. ورأى أن توقيت عرضه في هذه الفترة مناسب جدًا لكي تصل رسالة الفيلم إلى الجمهور العريض.
واعتبر زعرور الذي يملك تجربة ناجحة في الأفلام الوثائقية، أن الفيلم الروائي "كفيل بإيصال الرسالة أكثر من التسجيلي، أولًا لأنه يُعرض على نطاق واسع في الصالات التجارية، بخلاف الوثائقي الذي يشارك في مهرجانات فقط، كما أن الناس يفضلون مشاهدة الأفلام الروائية، لأن ثقافة الوثائقي غير رائجة في لبنان".
وتطالب هيئات المجتمع المدني اللبناني بإيجاد قانون يحدد سن الزواج بـ18 عامًا، وإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات المتعلقة بالاغتصاب وزواج المرتكب من ضحيته. وأوضح زعرور أن أحد أهم أسباب إنجاز هذا الفيلم "هو الدفع لإقرار قانون لحماية القاصرات من الزواج"، مضيفًا "أتمنى أن يساهم فيلمي في تسريع إقراره. إن للسينما رسالة هادفة".
ووزع التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني قبيل العرض الاحتفالي الأول للفيلم، منشورات تطالب بتحديد سن الزواج بـ 18 عامًا، الأمر الذي ترفضه المراجع الإسلامية في لبنان. وفي لبنان البلد الذي يضم 18 طائفة مختلفة، يعود الاختصاص في موضوع الأحوال الشخصية إلى المحاكم الدينية التي تحدد السن القانونية لزواج أتباع الطوائف. وبالنسبة للمسلمين، هذه السن محددة بـ18 عامًا لدى الفتيان وبين 14 و17 عامًا لدى الفتيات. أما لدى المسيحيين، فهذه السن تراوح بين 16 و18 عامًا لدى الفتيان وبين 14 و18 عامًا لدى الفتيات.
وقالت المسؤولة الإعلامية للتجمع حياة مرشاد إنه ما من إحصاءات رسمية دقيقة في ما يخص زواج القاصرات، ولكن بحسب المنظمات الدولية تشكّل نسبة القاصرات اللبنانيات المتزوجات ما بين 15 إلى 20 في المئة. وتوجد أعلى نسبة في منطقتي عكار (شمالًا) والبقاع (شرقًا). وترتفع هذه النسبة وسط النازحات السوريات في لبنان إذ تصل إلى أكثر من 25 في المئة.
وشددت مرشاد على أن زواج القاصرات "يُصنف ضمن جرائم الإتجار بالبشر والأرقام ليست أساسية بقدر معاناة الطفلات وانتهاك طفولتهن والعنف الذي يُمارس عليهن وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية خطيرة، وحرمانهن من حقهن بالتعليم والرفاهية". وعزت أسباب هذه الظاهرة إلى "عوامل اقتصادية وتقاليد اجتماعية ثقافية متوارثة عبر الأجيال". مطالبة بضرورة أن "تعالج السينما اللبنانية هذه القضية" معتبرة أن هذا "الفيلم يساهم بزيادة دعم الرأي العام لهذه القضية".