الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم
تشكل الحيوانات والنباتات جزءا مهما في النظام البيئي، إذ تلعب دورا مهما في حماية التوازن الإيكولوجي واستقرار وأمن الأحياء والأمن الاقتصادي؛ غير أن العديد من الحيوانات والنباتات انقرضت وأخرى في مهددة بالانقراض في السنوات المقبلة، بسبب العامل البشري والمناخ.
وأجمع العديد من المهتمين بالمجال البيئي في المغرب على أن تعامل الإنسان مع البيئة بطريقة عشوائية كبيرة أدى إلى تدهور حال أصناف مهمة من الحيوانات والنباتات، موضحين أن المرحلة الحالية من النظام البيئي هي الأخضر في تاريخ البشرية.
حسب المعطيات التي وفرتها مجموعة من الفعاليات المهتمة بالمجال البيئي خاصة بالجنوب الشرقي للمغرب، فإن العشرات من أصناف الحيوانات والنباتات انقرضت خلال نهاية القرن الماضي؛ فيما العشرات من الأنصاف الأخرى تواجه خطر الانقراض، بسبب الأنشطة البشرية وعوامل الطبيعة.
وفي هذا الإطار، كشف سعيد بنجمال، طالب باحث مهتم بالمجال البيئي بجهة درعة تافيلالت، أن أصنافا كثيرة من الحيوانات والنباتات تواجه في السنوات الأخيرة خطر الانقراض؛ وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للتوازن البيئي.
وأوضح الباحث المهتم بالمجال البيئي بجهة درعة تافيلالت،، أن انقراض الكائنات الحية يعمل على فقد التوازن البيئي؛ ما يهدد حياة الإنسان بشكل مباشر.
حيوانات منقرضة
على غرار باقي مناطق العالم، عرف الجنوب الشرقي المغربي (درعة تافيلالت)، في نهاية القرن المنصرم، انقراض بعض الحيوانات لأسباب عديدة؛ منها التقلبات المناخية، وتدخل الإنسان في البيئة التي تعيش فيها تلك الحيوانات، بالإضافة إلى الصيد الجائر والعشوائي الذي لعب دورا في انقراض عدد من الطيور و”الثدييات”.
من بين الحيوانات “الثدييات” المنقرضة في الجنوب الشرقي المغربي نذكر: الذئب، الثعلب، الأروي، الغزال، القط البري، بالإضافة إلى الزواحف التي انقراض أصناف كثيرة منها، والطيور خاصة اللقلق، والنسر، واليمامة.
عبد الباسط موسى، فاعل جمعوي مهتم بالمجال البيئي بإقليم الرشيدية، قال إن مجموعة من الأصناف الحيوانية التي كانت تعيش في الجنوب الشرقي أصبحت منقرضة وأخرى في طريقها نحو الانقراض بسبب مجموعة من العوامل؛ منها البشرية والطبيعية.
وأوضح عبد الباسط، في تصريح أن القوانين التي وضعتها الدولة والمجتمع الدولي لحماية الحيوانات والطيور لم تحقق الأهداف المرجوة منها إلى حد الآن.
إعادة توطين الحيوانات المنقرضة
أجمع عدد من المهتمين بالمجال البيئي في الجنوب الشرقي للمغرب، في تصريحات متطابقة ، أن حماية الحيوانات والطيور والنباتات من الانقراض وعودة الأنواع المنقرضة إلى موطنها الأصلي يجب أن يكون موضوعا مشتركا لجميع القطاعات الرسمية والجمعيات.
وذهب هؤلاء النشطاء البيئيون إلى أن الحياة البرية بالجنوب الشرقي أضحت تعاني، على الخصوص، من تدهور المواطن الطبيعية لمختلف الأصناف المتوطنة، مشيرين إلى أن المنطقة في أمس الحاجة إلى إحداث متنزهات طبيعية وفضاءات محمية تمكن بالأساس من الحفاظ على تبقى من هذه الأنظمة الإحيائية الفريدة.
وفي هذا الإطار، أكد حميد الكرواني، باحث في مجال التنمية، أن الوضع البيئي في المنطقة يحتم جهودا جادة للحفاظ على التنوع الإحيائي، مبرزا أن المغرب صادق على العديد من المعاهدات الدولية بشأن حماية البيئة والحياة البرية.
وكشف الكرواني، في تصريح أن الجنوب الشرقي للمغرب يعد موطنا أصليا للعديد من الأصناف الحيوانية التي انقرضت منذ عقود من الزمن، مشددا على ضرورة إطلاق خطة لإعادة توطين أنواع محلية من الحيوانات المنقرضة والتي في طريقها إلى الانقراض في موطنها الأصلي.
وأوضح المتحدث ذاته أن الجنوب الشرقي المغربي يفتقر إلى محميات طبيعية باستثناء محمية “غزال الماها” الواقعة بجماعة مصيصي بإقليم تنغير، لافتا إلى أن المنطقة في أمس الحاجة إلى محميات طبيعية لإعادة توطين الحيوانات التي أصولها من الجنوب الشرقي والعمل على استعادة النظام البيئي في المنطقة والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.
مسؤول بإدارة قطاع المياه والغابات بجهة درعة تافيلالت أكد أن الدولة ممثلة في إدارة المياه والغابات تعمل جاهدة من أجل إعادة الكثير من الأصناف الحيوانية إلى موطنها الأصلي سواء في هذه الجهة أو في مناطق أخرى بالمغرب عموما، مشددا على أن إعادة توطينها وإطلاقها وحمايتها سيعيد التوازن البيئي بشكل كبير.
وأوضح المسؤول ذاته، ضمن تصريحه ، أن جهة درعة تافيلالت من بين المناطق المغربية التي تعرضت حيواناتها للصيد الجائر والعشوائي في حقبة زمنية ماضية، مفيدا بأن المشرع المغربي وضع مجموعة من القوانين التي تحمي الحيوانات من طيش الإنسان وسيتم إطلاق عدد مهم من الأصناف في القريب العاجل لإعادة إحياء المنظومة البيئية والإيكولوجية.
القانون رقم 29.05
في ظل ما تتعرض لها الحيوانات والنباتات من استغلال بشع وصيد جائر في السنوات الأخيرة، صادق المغرب على القانون رقم 29.05 والذي يتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها.
ويهدف القانون سالف الذكر إلى حماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة والمحافظة عليها، لا سيما عبر مراقبة الاتجار في عينات من هذه الأنواع.
ولهذا الغرض، يحدد هذا القانون الفئات التي تصنف فيها الأنواع المذكورة المهددة بالانقراض، وشروط استيراد عينات من هذه الأنواع وعبورها وتصديرها وإعادة تصديرها وإدخالها من البحر والوثائق التي يجب أن ترافقها، وشروط تربية عينات من أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض وحيازتها ونقلها.
كما يهدف القانون رقم 29.05 إلى حماية الحيوانات والنباتات من الانقراض بسبب عوامل متعددة وأخطرها العامل البشري، حسب مصدر مسؤول بالمديرية الجهوية لقطاع المياه والغابات بدرعة تافيلالت، الذي أوضح أن هناك خطة أخرى يتم دراستها حاليا ستساهم أيضا في تعزيز القانون سالف الذكر من أجل تطبيق القانون الزجري في حق المتورطين في تخريب البيئة سواء الغابات أو تدمير الحيوانات بطرق غير لائقة.
وأوضح المسؤول ذاته، في تصريح أن القانون رقم 29.05 والقوانين التي ستتم المصادقة عليها في هذا الإطار تأتي لتعزيز التكامل والتعاون بين قطاع المياه والغابات والجهات الرسمية ذات العلاقة في المنظومة البيئية لتحقيق مستهدفات رؤية المغرب المقبلة في المحافظة على الموارد الطبيعية وحمايتها واستعادة التنوع الأحيائي، وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض والمحافظة على الثروات الطبيعية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
علماء يتوصلون إلى استراتيجية للحفاظ على الحياة البحرية