الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
جائزة الأكاديمية الذهبية للطلاب

لندن - الدار البيضاء

يعيش الشباب اللبناني صراعاً عميقاً بين رغبته في الهجرة من ناحية، وارتباطه الوثيق بجذوره من ناحية ثانية.وتثقل هذه المشاعر المتناقضة كاهل الجيل الجديد، بحيث يبقى يترنح تحت طائلتها طيلة فترة ابتعاده عن وطنه كأنه مصاب بجرح ينزف باستمرار.المخرجة الشابة ليلى بسمة تناولت كل هذه الأحاسيس التي تجتاح شباب اليوم خلال هجرته، واعتمدت في فيلمها الوثائقي القصير «آدم بسمة» على قصة واقعية حصلت مع أحد أفراد عائلتها أواخر السبعينيات، حيث تتحدث عن عمها (آدم) الذي قرر الهجرة إلى أميركا وهو لا يزال مراهقاً. فحلمه بأن يصبح راقصاً دفعه إلى التخلي عن وطنه الأم والالتحاق بأحلامه.تقول: «غادر عمي آدم لبنان عندما كان مجرد مراهق ليصبح راقصاً شرقياً؛ نشأت مع ما تركه لنا وراءه فقط، وكنت أتساءل طوال حياتي من هو آدم حقاً».

واستطاعت المخرجة مع هذا الفيلم، ومدته 15 دقيقة، أن تنال جائزة الأكاديمية الذهبية للطلاب في المرحلة نصف النهائية. وقد تم ترشيحها اليوم للنهائيات، بعد أن أعجبت اللجنة المشرفة على الجائزة بقصة الفيلم، وكيفية تناول مخرجته لموضوع الهجرة في لبنان من منظارها الخاص. وأبطال الفيلم جمعتهم ليلى بسمة من بين أفراد عائلتها، يتقدمهم عمها المهاجر الذي استعانت بمقاطع فيديو خاصة به، إضافة إلى أحاديث أجرتها مع والديها وأفراد آخرين من عائلتها الصغيرة.

تقول ليلى بسمة، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «منذ صغري، تأثرت بالقصص التي كان يرويها والدي عن عمي آدم، وكيف ترك كل شيء وراءه كي يلحق بأحلامه؟ كنت أصغي إلى كل كلمة يقولها لي عنه، وأسرح في خيالي، فأتصور مشوار عمي الطويل الذي بذله من أجل إبراز موهبته. لقد جاهد وتعب على الرغم من وجوده وحيداً في بلاد المهجر. لم يستسلم يوماً، فلحق بحلمه، واستطاع أن يشتهر ويبرز موهبته في الرقص الشرقي، بحيث صار لديه اليوم مدرسة تعطي دروساً بهذا الفن».

وتتابع ليلى بسمة بحماس: «الفيلم يحكي عن الانفصام الذي يصيبنا بعيد إقدامنا على الهجرة من بلادنا.فنصبح ضائعين بين حبنا ورغبتنا في تحقيق طموحنا الذي لا إمكانية له في بلدنا الأم، وأرض جذورنا التي نعشقها؛ يمكن القول إنه عبارة عن احتفالية بلبنان أردتها على طريقتي، وكرمت من خلالها وطني وعمي معاً».

وتعد الأكاديمية الذهبية (Academy Gold) مبادرة عالمية لتطوير المواهب، فهي توفر للأفراد المبدعين من خلفيات متنوعة إمكانية الوصول إلى تحقيق مساراتهم المهنية في صناعة الأفلام. كما تتضمن فرصاً للتطوير المهني والإبداعي من خلال برامج الأكاديمية الراسخة، وبينها جوائز أكاديمية الطلاب.وتعلق ليلى بسمة، في سياق حديثها: «وصولي إلى التصفيات نصف النهائية، وترشحي اليوم إلى نهائيات الجائزة الأكاديمية الذهبية للطلاب يشعرني بالفخر، فهي بصراحة زودتني بدافع معنوي كبير لأكمل طريقي في صناعة الأفلام بثقة كبيرة. وهذا يعني أن كل ما أنجزته حتى اليوم لم يذهب سدى، وهو ما يعطيني أملاً كبيراً بمستقبل مشرق».

ليلى ابنة مدينة صور الجنوبية تقيم حالياً في مدينة براغ للحصول على درجة الماجستير في الإخراج السينمائي من جامعة «فامو». وهي تحاول من خلال عملها استكشاف الذات والهوية وموضوعات البلوغ، وتعمل أيضاً على تطوير فيلمها الجديد «ملح البحر» (sea salt)، وكذلك فيلمها الروائي الطويل «أرقص معي».

وتضيف متحدثة عن الجائزة: «إنها من الجوائز الطلابية الدولية التي يقدم عليها آلاف الطلاب من الجامعات والأكاديميات التي تُدرس السينما في العالم، وهي تكرم وتشجع صانعي الأفلام الجدد الواعدين في بلادهم.ومن بين الفائزين السابقين فيها اللبناني جيمي كيروز، وكذلك العالميين سبايك لي وتري باركر وبوب ساجيت وكاري فوكوناغا وغيرهم».

وعن المخرجين اللبنانيين والعالميين المتأثرة بهم، تقول ليلى بسمة: «تأثرت كثيراً بأفلام اللبنانية دانييل عربيد، وكذلك أحب أفلام نادين لبكي. ومن خارج لبنان، أنا معجبة ببول توماس أندرسون».ويتضمن فيلم «آدم بسمة» مقتطفات مصورة من رحلات عمها في عالم الحفلات والرقص على المسرح، ويتخلله موسيقى لبنانية وأخرى شرقية وضعها خصيصاً عمها آدم لنفسه، فيرقص على إيقاعها في حفلاته التي جال فيها ولايات أميركية كثيرة.

كما يتخلل الفيلم مناظر من مدينة صور، ومنزل آل بسمة العائلي الواقع فيها. تقول ليلى بسمة: «استعنت بأرشيف عمي آدم، من كاسيتات فيديو وأسطوانات ممغنطة، فكان بطل الفيلم من دون أن يمثل فيه. وتبدأ قصة الفيلم مع حزام له وجدته يوماً في خزانته وأنا صغيرة، فتعلقت به وصرت أرتديه دائماً لأني كنت أحب التقرب من عمي الغائب الحاضر في مخيلتي. وينتهي الفيلم باتصال هاتفي حقيقي يجري بيني وبينه. وهنا تكمن المفاجأة التي لا أرغب في الكشف عنها الآن.

فعمي، على الرغم من كل هذه السنوات الطويلة التي عاشها بعيداً عن لبنان، لا يزال ينبض وطنه فيه من خلال الموسيقى والرقص، فهو ينشر اليوم فن الرقص الشرقي والفولكلور اللبناني من دبكة وغيرها. ولم يشأ يوماً أن يتخلى عن إرثه الوطني، وبقي محافظاً على النغمة الشرقية التي ألفها له موسيقيون كي يرقص عليها، ويحكي فيها عن لبنان.وهذه الصور التي نقلتها عنه تحكي بصورة غير مباشرة واقعاً مشابهاً يعيشه جيل اليوم خلال هجرته إلى الخارج، فنحن أيضاً، وعلى الرغم من تغير الظروف العامة في لبنان، لا نزال عندما نهجره نبحث عن تفاصيل صغيرة تذكرنا به. من هنا كانت فكرة الفيلم للاحتفاء بلبنان وتكريم عمي في آن».

قد يهمك ايضا

أحمد بدير يوضّح أنه تعلّم كثيرًا من عبدالمنعم مدبولي في "ريا وسكينة"

11 عامًا على غياب "ابن الناظر" يونس شلبي

 
View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة