الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مخطوطات قديمة مع تعاويذ سحرية

بيروت ـ المغرب اليوم

يعتبر الخط العربي، أحد أجزاء تطور الحياة العربية وتقلباتها، في صعودها وهبوطها، من خلاله كتب ملايين البشر، عبر التاريخ، مشاعرهم وخوالجهم، وبه كتبت النصوص الأكثر خطورة، والأشد شاعرية، وبواسطته سطر أبناء العربية تاريخهم وشعرهم ومعاهداتهم ووصاياهم واتفاقاتهم وقراراتهم، وفي معرض “مداد” الذي تستضيفه “دار النمر” في بيروت، بمقدور الزائر أن يرى الخط العربي بمساره الزمني من خلال مختلف أصناف النصوص

ويضمّ المعرض قطعاً قديمة بعضها نادر، بينها مخطوطات، خزفيات، أقمشة، لوحات، زجاجيات، قطع نقدية، دروع، وتحف خشبية يجمعها احتواؤها للخطوط العربية والنصوص الطويلة والقصيرة التي سطرت عليها، أكثر من 100 قطعة، يمتد تاريخها من القرن الخامس الميلادي وحتى القرن العشرين، ولتغطية الفترة الحديثة طلب إلى 5 فنانين معاصرين إنجاز أعمال عرضت أيضاً في طابق علوي من المبنى، وإضافة إلى المعروضات ذات القيمة التاريخية العالية والمخطوطات البديعة التي جمعت من مناطق إسلامية مختلفة، هناك حرص من المنظمين على تقديم إيضاحات وتفاصيل تجعل تكرار

 الزيارة متعة لتثقيف الذات وقطف المعرفة، وقرب أدوات الكتابة، مثلاً، التي عرضت في زاوية خاصة، نجد بالتفصيل شروحات حول الورق وصناعته تاريخياً، وكذلك الزق، وتلك المواد التي كانت تستخدم في الكتابة قبل الورق، ومعلومات وافية حول الأقلام والحبر، وعمليات التذهيب والتجليد، كذلك تجد شروحات شيقة عن أنواع الخطوط نسخ، توقيع، ثلث، ريحاني، محقق، رقاع، وتفاصيل عن الخطاطين الرواد الذين كان لهم الفضل في الاجتهاد لابتكار أشكال جديدة في كتابة الحروف مثل ابن مقلة، ابن البواب، وياقوت المستعصمي الذي كان خطاطاً مشهوراً والناسخ الرسمي لآخر خليفة عباسي.

وبين المعروضات يوجد عددًا وفيرًا من المصاحف التي يعود أحدها إلى أواخر القرن التاسع الميلادي، مصنوع من زق جلدي، ومكتوب بخط كوفي، وآخر لافت جداً يعود إلى ما قبل التنقيط، حتى يصعب عليك تبيان كلماته، وثمة نسخة يحتفي بها المعرض بشكل خاص ويشرح قصتها، وهي نسخة قرآن “بيد أيوبا سليمان ديالو” (1702 - 1773) الشهيرة، وهو المسلم المولود في السنغال الذي أرسله والده ليبيع اثنين من العبيد ويشتري بسعرهما الورق، لكنه وفي أثناء رحلته وقع في الأسر بين أيدي قبيلة منافسة لقبيلته وبيع لقائد سفينة، وبعد شهر كان ديالو قد نقل إلى أميركا ليباع هناك إلى صاحب مزرعة، وعندما حاول الهرب ألقي القبض عليه ومثل للمحاكمة، وهناك أخبر القاضي، بأنه يشعر بالأسى لأنه لا يمارس شعائره الدينية، فأعيد إلى المزرعة وسمح له بكتابة رسالة إلى والده يخبره فيها عن أحواله، ولدى مرور الرسالة في إنجلترا في طريقها إلى أفريقيا، قرأها السياسي جايمس أوغلثورب، الذي قرّر شراء ديالو من صاحب السفينة.

وفي عام 1733، وصل ديالو إلى إنجلترا حيث تمّ إعتاقه وأصبح معروفاً في بعض الأوساط الأرستقراطية، حتى إنه تعرف إلى الملك جورج الثاني والملكة كاترين. في عام 1734، عاد ديالو إلى بلاده وأسس لعلاقات تجارية متواصلة مع البريطانيين، وهذه النسخة المعروفة من القرآن والمعروضة مع قصتها في “دار النمر” خطها ديالو أثناء إقامته في إنجلترا، وتعود هذه المجموعة الثمينة من المعروضات إلى الفلسطيني رامي النمر المولود في نابلس، الذي جمع على مدار 40 عاماً عدداً كبيراً من القطع التي تغطي 10 قرون، وتؤرخ للتراث الإسلامي.

ويعتبر هذا المعرض دفعة أولى من مجموعة رامي النمر، تفتح أمام الجمهور على أن يليه معارض أخرى، وتضم المجموعة الكاملة مخطوطات، ونقودا، وقطعا خزفية، وتحفا زجاجية، وأسلحة ودروعا، وأقمشة، وأدوات معدنية، وتحفا خشبية مطعّمة بالصدف، وأيقونات وصلبانا مسيحية من القدس، وفخاراً أرمينياً أيضاً من القدس، وأعمالا فنية فلسطينية حديثة ومعاصرة، بالإضافة إلى لوحات ورسوم لمستشرقين، ومن طريف المعروضات في “دار النمر” هي التعاويذ والحجب، وأحد أندرها 

ربما، ما سمي بـ”كتاب الاتجاهات الستة”، وهو يختلف عن الكتب التقليدية، وله صفحات تمتد من الجهات الأربع تطوى لتصبح ذات شكل مربع، وفي المعرض تشاهد فيلماً صغيراً عن الكتاب من تصوير روي سماحة، وهو كتاب مصنوع من الجلد، يحتوي ورقات عدة، فيها كتابات قرآنية، ورسوم لمكة المكرمة، ولسواد جهنم، فيما الغلافان الأول والأخير يعيداننا إلى إسطنبول، هي مطوية طلسمية تفتح في كل اتجاه تحوي 30 ورقة مربعة ومسدسة بثلاثة أحجام جمعت معاً بـ3 طرق مختلفة، المحتوى فيها يراوح بين الصلوات والآيات والرسومات السحرية، يعتقد أن هذه الكتب صنعت لغايات سحرية، كتعويذة ترد الشر والأذى عن صاحبها، ومن بين الأعمال الجديدة التي عرضت، ما أعطي اسم ماو1، ماو2، ماو3، ماو4، وهي للفنان اللبناني رائد ياسين.

واصطفت اللوحات كبيرة إلى جانب بعضها البعض بحيث لا تخطئها عين، وهي عبارة عن 4 صور للزعيم الصيني ماوتسي تونغ الذي اشتهر بثورته الثقافية، وقد طرّز عليها آيات قرآنية بخط فني جميل، حتى تكاد تخفي ملامح الرجل، ونقرأ "إن التطريز هنا يحاول أن يعكس التدمير الذي ألحقه ماو بالتراث الإسلامي، إذ إن الكتابة بدورها استخدمت هنا لتشويه صورة الزعيم الشيوعي"، ثأر أو محاولة رد التخريب بالتشويه؟ يحق للفنان ما لا يحق لغيره، ويرافق المعرض فيلم فيديو يشرح الكثير عن الخط العربي، وفنون الكتابة، وتقنياتها وأدواتها، كما يترافق بعدد من النشاطات المتعلقة بالخط، ولكل المهتمين هناك ندوات ومحاضرات وطاولات مستديرة.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة