الرباط - الدار البيضاء
يراجع معظم لاعبي كرة القدم حساباتهم بعد تجاوز سن الـ30، حيث يتم تصنيفهم في خانة المخضرمين وكبار السن أو المشرفين على اعتزال ملاعب "الساحرة المستديرة"، ويطرق معظمهم باب الاعتزال، بعدما يرون أنفسهم غير قادرين جسديا على فعل ما يفكر فيه عقلهم.
وكما يُقال فإن لكل قاعدة استثناء، فهناك بعض الرياضيين قادهم الشغف والرغبة في ممارسة رياضتهم المفضلة إلى التمرد على المنطق ومواصلة مغامرتهم بملاعب كرة القدم، لسن متقدمة تتجاوز الخمسين، فتكون تجربتهم جديرة بأن تدونها دفاتر التاريخ، كتجربة حارس المرمى المغربي حكيمو بنهيجة، الذي حطم رقما قياسيا بالملاعب الهولندية، واستمر في الوقوف وسط الخشبات الثلاث والدفاع عن مرماه بجدارة إلى غاية الموسم الكروي الحالي، الذي أطفأ خلاله شمعته الخمسين.
الحارس المغربي حكيمو الذي تلقبه جماهير فريقه "SV HATERT" "بالعملاق"، فتح قلبه لـ"هسبورت" لتقريبنا من تجربته الفريدة التي لازلت متواصلة بالملاعب الهولندية.
في البداية حدثنا عن بدايتك في كرة القدم؟
أنا من مواليد سنة 1971 بمنطقة بني سعيد دار الكبداني بمدينة الدريوش، متزوج وأب لأربعة أطفال، ومستقر بالديار الهولندية، بداياتي مع كرة القدم كانت موسم (85-84) كلاعب في الفئات السنية، وكنت أشغل مركز ظهير أيمن، قبل أن يكتشفني المدرب محمد مورينو الذي تنبأ لي بأن أكون حارس مرمى، وأشرف على تلقيني أبجديات مهارات هذا المركز، لتكون تلك المرحلة بمثابة الانطلاقة مع فريق الأمل الرياضي العروي فئة الشباب.
كيف كانت انطلاقتك كحارس مرمى فئة الكبار؟
بعدما تدرجت في الفئات السنية لفريق الأمل الرياضي العروي، اختارني مدرب الفريق الأول لأصعد وأتدرب معه رغم صغر سني، حيث استفدت من مجموعة من اللاعبين آنذاك في أقسام الهواة، قبل أن يضع في المدرب الثقة وأُصبح الحارس الرسمي للفريق الأول الذي لعبت له لسنوات.
بعدها استفدت من تجربة قصيرة مع فتح الناظور ثم فريق نجم ميلار أحد أندية عصبة الهواة، لأتعرض لإصابة في الكاحل أبعدتني عن الممارسة لموسم كامل، لأعود مرة أخرى لفريقي العروي، حيث لعبت 11 سنة حارس مرمى بأقسام الهواة في الدوري المغربي، وأعتبره مسارا نظيفا إذ لم يسبق أن حصلت على أي بطاقة صفراء أو حمراء.
كيف جاء انتقالك للعب بالدوري الهولندي؟
هاجرت لهولندا في سن الـثلاثين تقريبا، بعد ذلك درست اللغة الهولندية واشتغلت في قطاع الصحة، وكنت وفيا للتداريب ولو بشكل فردي، إذ تسرب لي بعض اليأس وفقدت الأمل في العودة للملاعب بحكم تقدمي في السن، قبل أن أتوصل باقتراح من صديق مغربي يعرف إمكانياتي في حراسة المرمى، بأن أعرض خدماتي على بعض فرق الهواة، فتفوقت في أول اختبار أجريته مع فريق بالدرجة الخامسة، على الرغم من أن المدرب لم يثق في إمكانياتي في البداية، لكن بعد فترة الاختبارات طلب مني أن أبقى مع الفريق ولو لموسم واحد، فكان ذلك بمثابة انطلاقة جديدة في مساري الكروي.
حدثنا عن تجربتك في الملاعب الهولندية؟
موسم 2009-2008 كانت بدايتي بالملاعب الهولندية في سن الـ31 مع فريق "Sec" الذي لعبت له لموسمين في الدرجة الخامسة هواة، قبل أن انتقل إلى فريق "Rood wit" في القسم نفسه حيث تألقت كثيرا مع هذا الفريق ولفتت انتباه مسؤولي النادي ومحبيه، الذين كانوا يهتفون باسمي ويقولون لي إنهم يستمتعون بتدخلاتي والدفاع عن المرمى بشكل جيد، رغم تقدمي في السن.
ما هي الإنجازات التي حققتها في الدوري الهولندي للهواة؟
عندما انتقلت إلى فريق "Keizerstad" موسم 2015، الكثير من أنصار النادي احتجوا على انتداب حارس مُتقدم في السن خصوصا أن الفريق يلعب على الصعود إلى الدرجة الثالثة، لكن المدرب الذي جلبني وضع في الثقة الكاملة، بعدما تابعني في الكثير من المباريات مع الفرق السابقة التي لعبت لها، فكان ذلك الموسم هو الأفضل بالنسبة لي في مساري الكروي بهولندا، بعدما تُوجت بجائزة أفضل حارس في القسم الرابع وفزنا بلقب البطولة.
هل لازلت مغامرتك متواصلة على الرغم من أنك على مشارف سن الخمسين؟
دخلت تاريخ الدوري الهولندي كأكبر حارس يُمارس في فريق تحت لواء الاتحاد الهولندي لكرة القدم، إذ لعبت مجموعة من المباريات خلال الموسم الحالي مع فريق "Sv Hatert"، وأشعر بالفخر بعد تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق، لكنني أُفكر في الاعتزال هذا الموسم أو الموسم المقبل على أكثر تقدير، حيث أصبحت أجد بعض الصعوبات مع التقدم في السن.
لماذا يلقبونك بالحارس "العملاق"؟
بعدما تجاوزت الأربعين سنة، كانت جماهير فريقي تُحب أن تُلقبني بالحارس "العملاق"، وهو اللقب الذي استمر معي، وكان ذلك يُحفزني لتقديم الأفضل، وأحرص على القيام بمجموعة من التداريب الشاقة التقنية والبدنية للحفاظ على جاهزيتي.
وتابع: "رغم أنني كنت أمارس كرة القدم مع فرق تحترم مواعد الحصص التدريبية، إلا أنني واصلت اشتغالي في قطاع الصحة بشكل متواز، وساعدني في ذلك تفهم المسؤولين.
كيف تتعايش مع الظرف الحالي بسبب انتشار "فيروس كورونا"؟
كجميع الموظفين الذين يشتغلون في قطاع الصحة، نشتغل تحت ضغط كبير خلال الآونة الأخيرة، ونُحاول أن نقوم بكل ما في وسعنا لخدمة المرضى، وتوعية الناس للحد من انتشار هذا الوباء الخطير.