آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

أبواب سلا العتيقة.متحف مفتوح وتراث ينبض بتاريخ فكري وجهادي

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - أبواب سلا العتيقة.متحف مفتوح وتراث ينبض بتاريخ فكري وجهادي

أبواب سلا العتيقة
سلا - المغرب اليوم

تروي أسوار المدينة العتيقة لسلا، التي تعرف بمدينة الأبواب السبعة تاريخ حاضرة عريقة كانت قديما حصنا قويا للجهاد البحري ومنبرا علميا ذا إشعاع عالمي، وتشكل اليوم شاهدا على الدور الذي اضطلعت به المدينة قديما والمكانة التي حظيت بها كمنارة علمية مشرقة.
فبعد أن كانت قبلة لمسلمي الأندلس الذين استقروا بها وجعلوا منها حصنا منيعا يتصدى لهجمات القوى الخارجية، شيدت سلا العتيقة لنفسها صورة مدينة العلم والفكر، فكانت الأسوار بمثابة درع قوي ساهم في تأسيس نواة فكرية قوية ذاع صيتها بين الأمصار، وجعل منها مركزا اقتصاديا وثقافيا استقطب التجارة البحرية وأعلام الفكر.
من باب لمريسة الذي كان مدخل ورشة إصلاح السفن الحربية إلى باب شعفة ومعلقة وبوحاجة والملاح الجديد وقرطبة وباب دار الصناعة، شكلت أسوار المدينة التي يرجع أقدم أجزائها إلى العصر المرابطي في القرن الثاني عشر وأحدثها إلى العصر العلوي، شاهدا على انبثاق حاضرة فكرية قوية بأعلامها ومؤسساتها الفكرية والثقافية. فعلى امتداد أزيد من أربع كيلومترات، تحيط الأسوار التي تخترقها ثمانية أبواب مازالت أربعة منها موجودة وتتوفر على خمسة أبراج، بالمدينة العتيقة لسلا.
تشير وثيقة للجماعة الحضرية لمدينة سلا إلى أن باب المريسة الذي بناه السلطان أبو يوسف المريني في القرن الثالث عشر بإشراف من المهندس الأندلسي محمد بن الحاج الإشبيلي، كان مخصصا لخروج السفن المشيدة داخل دار الصناعة الى المحيط الأطلسي عبر قناة نهر أبي رقراق، ويعد من أعلى أبواب المغرب التاريخية بارتفاع 30 مترا ويتميز بهندسته المعمارية، كما شكل جسر التواصل بين المدينة العتيقة والخارج.
أبواب المدينة حملت أسماء بعض المدن التي قدم منها سكان سلا، سواء بالأندلس كباب قرطبة، أو بالمغرب، على غرار باب سبتة الذي يعد من أقدم أبواب مدينة سلا، وكذا باب فاس الذي تم تشييده خلال العصر المرابطي وأعيد إصلاحه خلال القرن التاسع عشر، ويعرف أيضا باب الخميس لانعقاد السوق الأسبوعي أمامه لفترة طويلة.
كما حملت الأبواب أسماء أعلام بصموا بفكرهم وورعهم وعلومهم تاريخ المدينة، من قبيل باب سيدي بوحاجة الذي ينسب إلى ابراهيم بوحاجة الرندي الذي عاش في الأندلس ثم استدعاه السلطان أبو عنان المريني وعينه شيخا لزاوية النساك التي بنيت في القرن الرابع عشر، وكان يحظى في سلا بتقدير المسلمين واليهود على حد سواء.
وتميزت الهندسة المعمارية للأسوار بنموذج فريد لتزويد المدينة بالمياه، كما يشهد على ذلك سور الأقواس الذي تم تشييده في العصر الموحدي وتجديده في العهد المريني، وهو عبارة عن قناة مائية محمولة على سور طوله 14 كلم انطلاقا من عين البركة بمنطقة بالمعمورة إلى غاية مكان تجميع الماء في باب شعفة ليتم توزيعه على أحياء المدينة عبر شبكة من القنوات تحت الأرض.
أبواب المدينة التي تعد منافذ المدينة العتيقة عبر الأسوار شكلت وسيلة لحماية المدينة من الغزو وفي الوقت نفسه معبرا للتواصل، مما يجعل من حماية هذه المآثر التاريخية ضرورة للإبقاء على هذا التراث. وفي هذا الإطار تندرج العديد من البرامج، المندرجة على الخصوص في إطار مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق الذي يسعى إلى الحفاظ على ذاكرة المكان من خلال ترميم وتأهيل العديد من المواقع التاريخية التي تؤثث أسوار المدينة، من أبراج وأبواب، إلى جانب مشاريع الجماعة الحضرية لمدينة سلا التي تروم ترميم العديد من المآثر.
تظل أبواب مدينة سلا التي ترصع الأسوار الممتدة من المحيط الأطلسي إلى نهر أبي رقراق، حصنا تاريخيا ساهم في حماية المدينة من الغزو الخارجي، ومعلمة تاريخية تشهد على إسهام المدينة في كتابة فصول مجيدة من سيرة الحضارة المغربية عبر التاريخ.(و م ع)

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبواب سلا العتيقةمتحف مفتوح وتراث ينبض بتاريخ فكري وجهادي أبواب سلا العتيقةمتحف مفتوح وتراث ينبض بتاريخ فكري وجهادي



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca