آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

رواية "في غرفة العنكبوت" تحكي عن أسرار حياة المثليين

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - رواية

رواية "في غرفة العنكبوت"
القاهرة - المغرب اليوم

اعتاد القارئ العربى دومًا أن تكون المثلية عرضًا ثانويًا فى الأحداث، ضيفة على الرواية لا تذكر إلا كهامش، كما فعل نجيب محفوظ حينما ذكر عرضًا واحدًا من فتواته من أبناء الناجى اتخذ حوله غلمانًا، وعندما حطّم علاء الأسوانى شيئًا من هذا التابو جعله واحدًا من سكان عمارة يعقوبيان، تمتزج أحداثه بيوميات العمارة.

لم يفعل أحد كما كتب صراحة الفرنسى جان جينيه الذى طالما تباهى بشذوذه، ويجعل المثلية بطلًا لعمله، هنا تجد القارئ فضوليا نحو ذلك العالم الذى يُثير مشاعره السلبية، يترك مكونات الرواية على حساب التفاصيل، ويستغرق فى نافذة تطل على عالم هو الأكثر اضطهادًا فى هذا المجتمع المليء بالعواصف، والذى تكون المثلية هى آخر الموضوعات التى تشغله.. هكذا كتب محمد عبدالنبى روايته «فى غرفة العنكبوت»، التى تحكى عن حياة مثلية منذ صفحتها الأولى وحتى الأخيرة، ولكنها فى الوقت نفسه لا تتناول عالم المثلية الجنسية فى مصر.

كانت قضية المثليين الأكثر شهرة فى مصر فى أوائل القرن الحالى، والتى عُرفت إعلاميًا بعنوان «كوين بوت» -مركب الملكة ناريمان- وهى القضية التى تم التنكيل فيها بمئات المثليين جنسيًا، وتم حبسهم وفضحهم أمام الرأى العام هم وعائلاتهم هى المدخل لعالم هانى محفوظ، مهندس الديكور المثلى، الذى طالما رأى حياته ضيقة وهشة كشبكة العنكبوت، والذى كان تكرار اسمه الثنائى فى مواضع عدة من الرواية يوحى برغبة عبد النبى فى صب الاهتمام والتأسيس لشخصيته، بهدف تعلق القارئ باسمها وتذكره، دافعًا إياه لاستكشاف البعد المميز فى تلك الشخصية، وسيرة حياتها، حيث رسّخ الكاتب الصورة الموجودة فى الوجدان الجمعى عن الشاذ جنسيًا؛ فجاءت ميول هانى الجنسية باتجاه الرجال، والتى ظهرت عليه فى سن مبكرة، تتناسب مع صورته كبدين يملك أثداء مثل النساء لفرط بدانته، إضافة إلى مُعاناته من نشأة اجتماعية مفككة، حيث توفى والده وهو لا يزال طفلًًا، بينما انشغلت عنه والدته فى مراهقته بعملها كممثلة، والتى قامت بتعويضه عن انشغالها بالمزيد من الأموال، ليُنفق على حياته الأخرى فى البارات المنتشرة فى القاهرة.

كذلك لم يستعرض الكاتب أيا من هؤلاء الذين ولدوا ميالين للرجال، بل على العكس استمر فى تقديم الصورة النمطية، فعبد العزيز الذى يقع هانى فى حبه، الطرف الإيجابى فى العلاقة، صعيدى وأسمر، عانى تنشئة ذكورية محضة، أبوه عسكرى صارم ولا وجود تقريبًا للأنثى فى بيتهم، كما تستعرض الرواية لمثلى آخر، وهو كريم سعدون، خفيف العقل المولود فى أسرة فقيرة وأبوه الغائب عن البيت منذ ولادته، واستمرارًا فى الخط ذاته يرتبط هانى بامرأة فقيرة قليلة الجمال تأخرت فى سن الزواج لاستكمال مظهره الاجتماعى، بالطبع تسوقه للاقتران بها ظروف أخرى، ولكن يظل موقعه الاجتماعى كفيلا لها للتغاضى عن الشكوك فى ميوله الجنسية، وأكدت الصورة أحاديث هانى وكريم، اللذين لم يعتبرا نفسيهما رجالًا نظرًا لكونهما الطرف السلبى فى العلاقة، رغم نفى عبد النبى فى سرده فكرة الجوع الجنسى لدى المثليين، وعدم إبرازه أى صبغة أنثوية فى ملابسهما. 

يبدو هدف السرد فى الرواية استعراض الحالة النفسية للبطل أكثر من استعراض العالم المحيط به، والذى اختصر الكاتب تفاصيله خلال صفحتين، وربما كانت اللغة التى سرد بها عبد النبى أحداثه هى ما منعته من مُلاقاة مصير أحمد ناجى، ابتعد عن فجاجة الألفاظ ووضوح التفاصيل إلى طريق آخر، فقد اجتهد الكاتب لصياغة لغة خاصة وناعمة، مثل ما أطلق «الحبايب» كلفظ يدل على المثليين، وحرص على عدم استخدام المصطلحات الخاصة بعالم المثليين المعروفة «كوديانا، برغل، طلية بطلية»، فلم يستخدم أحدها إلا على لسان أحد المساجين، هكذا لم يسقط فى فخ الابتذال فى صياغته للقاءات الجنسية التى وضعت ناجى فى محبسه.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية في غرفة العنكبوت تحكي عن أسرار حياة المثليين رواية في غرفة العنكبوت تحكي عن أسرار حياة المثليين



GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca