أشاد وزير الدولة الإماراتي سلطان بن جابر، بمشروع قناة السويس الجديدة، مؤكدًا أنها إحدى إنجازات الدولة المصرية في العصر الحديث والقرن الحالي، معتبرًا القناة بمثابة "هدية "قدمها مصر إلى العالم".
وأكد بن جابر في مقابلة خاصة مع "المغرب اليوم" أنَّ "مصر بعد السنوات العجاف التي مرت بها منذ مطلع عام 2013، تختلف اختلافًا جذريًا عن مصر بعد 2013، حيث أن قبل ذلك التاريخ كانت مصرنا الغالية تمر بمنحدرات في مختلف الأصعدة والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكنا نحن قيادة دولة الإمارات نبدي حزننا وأسفنا على ما تمر به الشقيقة الكبرى من أحداث مؤسفة".
وأضاف: "كنا نخشى من أن تسقط الشقيقة الكبرى في يد الجماعات المتطرفة، فسقوطها لا قدر الله، بداية سقوط ما تبقى من دول المنطقة، إلا أن إيماننا بالله وبالشعب المصري، كنا على يقين وثقة بأنَّ مصر ستخرج سريعًا من كبوتها، وتعود مجددًا إلى صدارة المشهد السياسي والاقتصادي، وتعود إلى سابق عهدها تقود دول المنطقة نحو التنمية والتقدم والاستقرار".
وتابع: "هاهي بعد ثلاث سنوات تحقق نبوءتنا، واستجاب الله لدعائنا، وعادت مصر مجددًا إلى الساحة بفضل سواعد أبنائها ووقوف أشقائها العرب بجوارها أثناء كبوتها وبقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتترك لها بصمة تاريخية، بحفرها قناة السويس الجديدة في وقت قياسي أذهل دول العالم".
وأوضح بن جابر، الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية للقناة الجديدة، قائلًا: "قناة السويس الجديدة ستلعب دورًا إيجابيًا كبيرًا في تنشيط التجارة العالمية بما يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي لمصر خلال السنوات الخمسة المُقبلة، حيث ستسهم القناة الجديدة في زيادة عدد السفن التجارية يوميًا وتقليص مدة الانتظار من 11 إلى 3 ساعات فقط، الأمر الذي سيعود بالنفع على خزانة الدولة المصرية وسيدر دخلًا شهريًا يُقدر بمئات المليارات، وبالتالي سيشعر المواطن المصري البسيط بتغير كبير وجذري في حياته المعيشية، والخدمات المُقدمة له من جانب الدولة في مختلف مناحي الحياة".
واسترسل: "إننا كعرب أولًا وإماراتيين ثانيًا نشعر بالفخر الشديد لوجود قناة جديدة في منطقتنا العربية بحجم قناة السويس، وما يمكن أن تلعبه هذه القناة من دور سياسيا كبير داخل المنطقة، لاسيما في تغيير موازين القوة لصالح الدول العربية، كما أننا نشعر بالفخر لمساهمتنا في حفر القناة الجديدة، من خلال شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية التي ساهمت بدور كبير في حفر القناة الجديدة".
وكشف بن جابر، أنَّ وفدًا إماراتيًا رفيع المستوى بناء على تكليف من رئيس دولة الإمارات قام بزيارة القناة الجديدة 12 مرة، من أجل الاطمئنان على أعمال الحفر وتقديم الدعم اللوجستي"، واصفًا العلاقات التي تجمع بين مصر ودولة الإمارات بأنها علاقة تاريخية متينة صلبة راسخة في وجدان أبناء الشعبين تعود منذ تأسيس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لدولة الإمارات".
وبيَّن أن "مصر صاحبة فضل كبير على دولة الإمارات وشعبها، فآلاف الإماراتيين تلقوا تعليمهم من قبَل معلمين مصريين، كما أن آلاف الإماراتيين تلقوا الرعاية الصحية من قبَل الأطباء المصريين، فلا ينسى هذا الفضل إلا كل جاحد وناكر للجميل".
وشدَّد على أنَّ "مؤسس دولة الإمارات خليفة بن زايد كان يضع يده على قلبه أثناء حرب أكتوبر 1973، وكان يخشى ما يخشاه أن تصاب مصر بمكروه من العدوان الإسرائيلي، لذا قدَم كل ما في وسعه إلى الدولة المصرية آنذاك من دعم مادي وعسكري، ولم يكتف بذلك بل إنه أرسل ابنه الأكبر وولي عهده آنذاك الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة) إلى مصر، ليقف على الجبهة، حيث كان يعتبر أي مساس بمصر مساس بدولة الإمارات وأي عدوان يقع على الأراضي المصرية، بمثابة عدوان يقع على الإمارات".
واعتبر الشراكة السياسية والاقتصادية التي تجمع بين الجانبين المصري والإماراتي، "طويلة الأجل، لا تتأثر بأي متغيرات طارئة على الصعيد السياسي، ولكنها تنطلق من إيمان القيادة الإماراتية بحجم مصر ونفوذها داخل المنطقة العربية والعالم بآسره، لذا نسعى جاهدين إلى تطوير تلك العلاقات الأخوية ودعمها بما يصب لصالح أبناء الشعبين".
وأوضح أن العلاقات "الإماراتية المصرية خلال عام حكم جماعة الأخوان المسلمين، شابها قدر كبير من التوتر، نتيجة للاختلاف الأيدلوجي بين الجانبين"، لافتا إلى أن استمرار "حكم الأخوان لمصر، كان سيدخل مصر والمنطقة بأسرها إلى نفق مظلم لا يعلم مخاطره إلا الله، فما نراه الآن من أحداث عنف ودموية تشهدها المنطقة في كل من العراق وسورية وليبيا، هي نتيجة طبيعية لوصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في تلك الدول".
واستكمل بن جابر: "القيادة السياسية في دولة الإمارات على وعي تمامًا بما جرى داخل منطقتنا العربية منذ مطلع عام 2011 مرورًا بالوقت الحالي، واتخذت على إثر هذه الأحداث مجموعة من التدابير أهمها إصدار عدد من القوانين لمحاربة ومكافحة الجماعات المتطرفة، ومنع تواجد أعضائها على أراضي الدولة الإماراتية، وتشديد الإجراءات على الوفود القادمة من الخارج خشية من دخول عناصر مندسة تعمل على تأجيج الأوضاع داخل بلادنا".
وأشار إلى "إصدار حزمة من القوانين والتشريعات لمحاربة الأفكار الهدامة والخبيثة، وتقوية المؤسسة التعليمية والدينية في الإمارات لخلق أجيال واعية ومثقفة ومسلحة بأحدث أساليب العلم والتكنولوجيا، كل ذالك ساعد في منع تدفق أفكار الجماعات المتطرفة داخل الإمارات العربية المتحدة".
وكشف بن جابر، أنَّ الاستثمارات الإماراتية في مصر، زادت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 10 أضعاف ما كانت عليه إبان عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر إلى 500 شركة، وهو عدد كبير بالمقارنة لعدد الشركات الإماراتية العاملة في الدول الأخرى".
وأكد بن جابر، "حرص القيادة السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة على الحفاظ على تلك العلاقات مع جمهورية مصر العربية، لتحقيق كل ما فيه خير لصالح شعوبنا وأمتنا ومنطقتنا في ظل متغيرات والمستجدات الراهنة على المستوى الإقليمي والدولي".
ونوَّه وزير الدولة الإماراتي بأنَّ "ثمرة العلاقات القوية التي تجمع بين قيادة البلدين، أسفرت بعد ثورة 30 يونيو عن تأسيس المكتب التنسيق للإشراف على المشاريع التنموية التي تقوم بها دولة الإمارات داخل مصر"، لافتا إلى تزويد المكتب التنسيقي، بناء على اتفاق مع رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بكوادر من أصحاب الكفاءات والمؤهلات الرفيعة في كل من البلدين.
وأوضح بن جابر أن الهدف الأساسي من تدشين ذلك المكتب، هو توفير الدعم لمصر ولقيادتها الحكيمة بمختلف صوره، بما في ذلك تنفيذ حزمة من المشاريع، في مختلف المجالات الحيوية كالطاقة والإسكان والأمن الغذائي والتعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، لما تلعبه هذه المجالات من دور كبير في تحقيق نتائج إيجابية تعود بالنفع على المواطن المصري البسيط.
وأردف أنَّ "من أهم النتائج المترتبة على ثمرة التعاون بين مصر والإمارات خلال الفترة الأخيرة، توفير نحو ٩٠٠ ألف فرصة عمل مؤقتة ودائمة للشباب المصري، وتقديم الخدمة الصحية لـ 10مليون مواطن مصري وإنشاء عشرات المستشفيات في المناطق النائية، وتزويدها بأحدث الأجهزة العالمية، كذلك توفير دعم مادي لمصر بقيمة 12 مليار دولار أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ".
وأبرز أنَّ "التعاون بين مصر والإمارات غير قاصر على مجال التعليم والصحة والإسكان، بل امتد ليشمل تقديم الدعم لمؤسسة الأزهر الشريف، إيمانًا بالدور الكبير والحيوي الذي يلعبه الأزهر وشيوخه في محاربة السموم التي يبثها أصحاب الأفكار الهدامة والخبيثة من أعضاء الجماعات المتطرفة والتي للأسف الشديد تتخذ من ديننا الإسلامي الحنيف، سلاحًا وأداة لتحقيق أهدافها الشيطانية".
ولفت إلى أنَّ "الأزهر يقوم بالعديد من المهمات النبيلة في نشر الثقافة والوعي والعِلم ضمن مختلف التخصصات من خلال مؤسساته وهيئاته، فضلًا عن الدور الذي يلعبه شيوخه وعلماؤه ومبعوثوه والقوافل التي يسيِّرها داخل محافظات مصر وفي منطقتنا العربية، لتسليط الضوء على القيم الإنسانية السمحة التي يدعوا إليها ديننا الإسلامي".
وتابع أنَّ "الأزهر الشريف هو المدافع الأول والأخير عن ديننا، وملاذ وملجأ للمسلمين في جميع دول العالم، ومنارة الاعتدال والتسامح، وهو سدٌّ منيعٌ فى مواجهة الأفكار المتطرفة ، ويسرنا ويسعدنا التعاون مع هذه المؤسسة الدينية العظيمة في كافة المجالات التي تصب فى نهاية الأمر في صالح ديننا الإسلامي الحنيف".
وزاد بن جابر، أنَّ "دولة الإمارات قامت، بإنشاء 4 مبان لإسكان طالبات جامعة الأزهر على مساحة 5 آلاف و500 متر، وتأسيس مكتبة تعليمية وتزويدها بأحدث الوسائل الالكترونية على مساحة 14 ألف متر مربع في مدينة البعوث، إضافة إلى إنشاء معهد الشعبة الإسلامية الذي يتسع لـ1500 طالب بالتجمع الأول في القاهرة الجديدة، علاوة على ذالك ترميم مئات المعاهد الأزهرية بمختلف محافظات الجمهورية ولاسيما في محافظات الصعيد والدلتا".
وشدَّد بن جابر، على أنَّ الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية، "لا خوف منه فكل من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر على استعداد لدرء أي اعتداء يقع على أراضيها، وخير نموذج ودليل على ذلك التحالف العربي الذي قادته الشقيقة السعودية، وشاركت فيه كل من مصر والإمارات، بعد أن أدركنا أن سقوط اليمن في أيدي جماعات الحوثي المتطرفة سيشكل تهديدًا لأمننا القومي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر