كشف المحامي بهيئة المحامين في الرباط، خالد الإدريسي، عن أنَّ بدائل العقوبات السالبة للحرية، هي وضع حلول عقابية بديلة للعقوبات التقليدية.
وأوضح أنَّه بعيدا عن الاختلاف الواقع بين من يعتبر أنه لا ضرورة لأي بدائل عقابية، وبين اتجاه آخر يعتبر أنَّه لا يجب اللجوء إلى السجن إلا عند الضرورة القصوى، ينبغي الاعتراف أنَّ وضع بدائل للعقوبة السالبة للحرية يبقى محفوفا بالمخاطر.
وأضاف في حوارٍ له مع "المغرب اليوم": نادرا ما حلت هذه البدائل صراحة محل عقوبة الحبس، ويشكل طرحها محطة تكوينية للقضاء وللرأي العام تمكن على المدى البعيد من ظهور نظام جنائي أكثر إنسانية.
وأشار الإدريسي أن توظيف هذه الفلسفة الجديدة على مستوى العقوبات السالبة للحرية يجب وضعه في إطار واسع يروم إصلاح العدالة الجنائية، وبالتالي عاملا أساسيا في الإستراتيجية العامة للإصلاح القضائي.
وبيَّن أنَّه بالنسبة للقانون المقارن، نجد أن القانون الفرنسي اعتبر صراحة أنَّ السجن ليس هو الحل الوحيد للعقاب، وأنه يجب أن يطبق بشكل استثنائي وليس كقاعدة عامة، وهذا ما جعله يلغي العقوبة السالبة للحرية بالنسبة للجنح البسيطة بحسب مقتضيات الفصل 131 من القانون الجنائي الفرنسي، أو عندما يكون الضرر الحاصل للضحية في طريقه إلى الجبر أو التعويض أو يكون الإضراب الاجتماعي الناجم عن المخالفة قد توقف أو لما يظهر أن العقوبة قاسية كما ينص على ذلك الفصل 132من القانون المذكور.
وأشار الإدريسي إلى وجود أنواع عدة من البدائل بالنسبة للجرائم البسيطة من قبيل العمل لفائدة المصلحة العامة، وله ميزتين إيجابيتين أولها أنه يلزم صاحبه بفعل عمل ما بدل السجن، وثانيهما الإدماج داخل المجتمع وهو ما يجعل الشخص المدان أكثر سعادة بوضع إمكانياته لفائدة المجتمع ويعهد إلى قاضي التنفيذ تتبع سلامة تنفيذ العمل لفائدة المصلحة العامة، ومن أمثلة هذا العمل الكنس، وصيانة الحرائق والمنتزهات، والعمل داخل الإدارة.
وأضاف الإدريسي، أنَّ من بين العقوبات البديلة الوضع تحث المراقبة الإليكترونية، أو ما يسمى بالسوار المغناطيسي يتم بموجبه وضع المدان تحث المراقبة الإلكترونية بواسطة سوار يرسل إشارات إلى المصالح المكلفة بالمراقبة كلما تجاوز المدان الدائرة المحددة له من طرف قاضي تنفيذ العقوبات.
وأشار إلى أنَّه بالإضافة إلى ما ذكر هناك بدائل أخرى كالوضع في الفضاء الخارجي، نصف الحرية وقف وتخفيض العقوبة، رخص الخروج تحث الحراسة، الإفراج الشرطي، المتابعة الاجتماعية القضائية.
وأوضح خالد الإدريسي أنَّه من المعلوم أن القانون المغربي جاء شبه خال من أي تدابير تنص على إعمال بدائل العقوبات السالبة للحرية لاسيما أثناء جريان المسطرة كنظام المراقبة القضائية الذي يمنح كبديل للحبس الاحتياطي، وأيضا الإفراج المقيد وبعض التدابير الأخرى التي تؤكد بالملموس عدم وجود فلسفة تشريعية واضحة لدى المشرع المغربي بشأن العقوبات البديلة للسجن.
وتابع: نجد في المغرب أنَّ من بين الأشخاص الذين يتم توقيفهم يتم الإفراج على عدد منهم دون أن تصدر في حقهم عقوبة سالبة للحرية، إذ تم الإفراج عن مجموعه من 17715 معتقلا من الوافدين على المؤسسات السجينة موزعين بحسب القرارات الصادرة في حقهم سواء بالسراح المؤقت أو بعدم المتابعة أو سقوط الدعوى العمومية أو بالبراءة أو بالإعفاء من المسؤولية أو بالحبس الموقوف التنفيذ، خلال 2003.
وشدد على أنَّه كان حريًا العمل ما أمكن على تفادي إيداع هذا العدد الكبير من الأشخاص في السجن، والتخفيف بالتالي من ظاهرة الاكتظاظ التي تعرفها السجون في المغرب لاسيما في ظل انعدام وجود سياسة إصلاحية وإدماجية داخل المؤسسات السجينة.
وطالب بتدخل المشرع ـ على وجه السرعة ـ لإدخال تعديلات على القانون الجنائي من أجل ترسيخ مجموعة من البدائل التي تكون أفضل من السجن، لاسيما في بعض الجرائم البسيطة التي تغيب فيها الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص المدانين، مع ضرورة الاستهداء بالتجارب المقارنة لوضع فلسفة و إستراتيجية عامة وشاملة تروم إصلاح الجانب العقابي وإصلاح العدالة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر