الدارالبيضاء - حاتم قسيمي
هاجمَّ الباحث والقيادي البارز في الحزب "الاشتراكي الموحد" المغربي عبد الإله المنصوري، التوجه السابق للدولة نحو تأسيس "حزب مخزني" على مقاسها، بقيادة كاتب الدولة في الداخلية المستقيل فؤاد الهمة الذي أشرف على بناء "حزب القصر" الجديد بسرعة مضحكة ليصبح "الحزب الأول" في البلاد بفريق برلماني من 55 من الرحل، رغم أنه لم يشارك في انتخابات 2007 ثم الحزب الأول في انتخابات 2009 الجماعية، قبل أن تعصف به رياح الثورة الشعبية العربية ومطالب حركة" 20 فبراير"، مضيفًا "إن حزبه تصدى لانتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة في بلادنا والتي أخذت طابعا منهجيا بعد أحداث 16 أيار/ مايو 2003"
قال القيادي في الحزب "الاشتراكي الموحد" المغربي عبد الإله المنصوري في حديث إلى " المغرب اليوم" " رغم الصعوبات أستطيع التأكيد على أن الحصيلة السياسية "للحزب الاشتراكي الموحد" كانت إيجابية على العموم، ذلك أن هذه المرحلة خاصة منذ الاندماج الذي أعطى ما يعرف الآن بالحزب الاشتراكي الموحد سنة 2005 واجهتنا تحديات على جبهتين، جبهة بناء الذات حيث تم الانكباب على بناء تنظيم حزبي متحرر من الطرائق التقليدية في العمل الحزبي القائمة على تنظيم مركزي يحتل فيه المكتب السياسي أو حتى شخص الأمين العام مكانة مركزية مع ما يعنيه ذلك من سيادة للرأي الواحد أو للأطروحة الواحدة في أحسن الأحوال وجعل كل من يختلف معها خارج الحزب أو خارج الهياكل الحزبية يعاني التهميش في أفضل حال.
وأضاف المنصوري " قمنا ببناء حزب يعمل بالتيارات ويحترم آراء كل مناضليه في أول تجربة تعرفها الساحة السياسية الوطنية بالمغرب بل وحتى على صعيد الوطن العربي، مستلهمين في ذلك أرقى النماذج في التنظيم الحزبي. كما واجهنا في نفس الآن تحدي مواجهة نزوع الدولة والمؤسسة الملكية باعتبارها الطرف المهيمن على النسق السياسي ببلادنا، نحو التحكم وإغراء الخضوع للنموذج التونسي البائد الذي شيده الدكتاتور الهارب بنعلي على جماجم وآلام قطاع واسع من أبناء شعبه، خاصة بعد 2007 التي بدا فيها هذا التوجه لافتا بقيادة كاتب الدولة في الداخلية المستقيل آنئذ فؤاد الهمة الذي أشرف على بناء حزب القصر الجديد بسرعة مضحكة ليصبح "الحزب الأول" في البلاد بفريق برلماني من 55 من الرحل رغم أنه لم يشارك في انتخابات 2007 ثم الحزب الأول في انتخابات 2009 الجماعية، قبل أن تعصف به رياح الثورة الشعبية العربية ومطالب حركة" 20 فبراير"، كما تصدينا لانتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة ببلادنا والتي أخذت طابعا منهجيا بعد أحداث 16 ماي 2003، وناضلنا من أجل تغيير الدستور وكنا في قلب الحراك والنقاش الذي أفرزته حركة 20 فبراير، حيث لقيت العناوين التي كنا ندافع عنها صدى في أساط الشارع وجزء هام من النخبة، إضافة إلى أشياء ومكاسب كثيرة حققناها، رغم أوجه القصور الملاحظة في أداء المكتب السياسي للحزب والتي أوردناها في التقرير الأدبي والأرضية المقدمة للمؤتمر الوطني الثالث للحزب".
ونفى المنصوري مزاعم البعض أن قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات التشريعية، نتيجة الضعف التنظيمي لحزب الاشتراكي الموحد، أو عجزه عن الحصول على مقاعد قائلا " نحن شاركنا في الانتخابات في لحظة كنا أضعف فيها من هذه اللحظة التي يعيش فيها الحزب الاشتراكي الموحد تألقا لافتا وحضورا متميزا بشهادة الخصوم قبل الأصدقاء. كما أن هناك أحزابا أخرى أضعف منا بكثير شاركت في هذه الانتخابات، ولم تقاطعها رغم يقينها أنها لن تحصل ولو على مقعد واحد. كل ما في الأمر أننا نعتبر أن النضال والحضور في الشارع يحقق في هذه المرحلة ما لم يتحقق طيلة نصف قرن من الحضور داخل المؤسسات، والدليل على ذلك ما حققه الشعب المغربي من مكاسب منذ انطلاقة حركة 20 فبراير التعبير المغربي عن ثورة الربيع العربي، وهي مكاسب استفاد منها حتى من كان يعادي هذه الحركة ولا أدل على ذلك من عجز القصر عن منع حزب العدالة والتنمية من احتلال الرتبة الأولى بين الأحزاب المشاركة فيها مما لم يكن يتوقعه قادته حتى في الأحلام، رغم موقفنا المعروف من هذه الانتخابات.
وقال المنصوري "قد نكون حزبا صغيرا من حيث الحجم التنظيمي، لكننا حزب كبير من حيث التأثير والجاذبية، ولا أدل على ذلك من الحضور المكثف لمذكرة الإصلاحات الدستورية التي صاغها الحزب وقدمها للرأي العام في اللحظة التي كانت غالبية الأحزاب تنتظر تعليمات لتقديم "مذكراتها" للجنة تغيير الدستور. كما أن معيار قوة أي حزب لا يقاس بعدد المقاعد التي يحصل عليها في انتخابات غير نزيهة يتحكم فيه القصر بأدوات مختلفة، فلتنظم انتخابات نزيهة تحترم فيها المعايير الدولية للنزاهة من هيئة مستقلة للإشراف عليها ولوائح انتخابية غير مطعون فيها تشمل 22 مليون مواطن ممن بلغوا سن التصويت وتقطيع انتخابي نزيه وموضوعي لا يعطي مدينة بنكرير وما أدراك ما بنكرير ذات السبعين ألف نسمة ثلاثة مقاعد في مجلس النواب مقابل خمسة فقط لمدينة طنجة التي يربو سكانها على التسعمائة ألف".
وعلق على فوز حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات25تشرين الثاني/ نوفمبر قائلا " في ظل الشروط التي نظمت فيها الانتخابات الأخيرة كان ذلك الأمر متوقعا، حيث كان الحزب الأكثر تنظيما واستعدادا، ناهيك عن أنه استفاد من ارتفاع نسبة المقاطعة بسبب الحراك الذي تقوده حركة" 20 فبراير"، والقوى الداعمة لها، ولو كانت اللعبة الانتخابية مفتوحة كانت صورة أخرى سترتسم في المشهد".
وأضاف " أما فيما يتعلق بمدى قدرة هذا الحزب فأعتقد أنهم يعرفون مثلنا أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي وأن القصر الملكي لا يزال صاحب الكلمة العليا في القرار السياسي ببلادنا، وما طريقة تعامله مع الوضع الجديد إلا دليل واضح على ذلك، استقبال بنكيران لتكليفه في مدينة ميدلت، وتعيينه للسفراء ولعدد من المديرين ورفضه لطريقة هيكلة الحكومة المقترحة والبقية تأتي. لكن النقطة التي أفاضت الكأس هو تعيين الهمة مستشارا للملك وكأن مطالب الشعب برحيله عن المشهد السياسي ليس لها أية قيمة في عرف المؤسسة الملكية".
وعن مزاعم البعض بأن القرارات الكبرى التي اتخذها الملك، أجهضت "ثورة" حركة "20فبراير"، انطلاقا من مرحلة الاستفتاء على الدستور، مرورا باستحقاقات25تشرين الثاني/ نوفمبر وانتهاء بتعيين رئيس حكومة من الأغلبية قال المنصوري" كان ذلك سيكون صحيحا لو أن النظام اختار الإشراف على نقل البلاد نحو الديموقراطية بإرادة صافية وإصرار واضح، مثلما قام به الملك خوان كارلوس في إسبانيا عقب رحيل الدكتاتور الدموي فرانكو، لكن هذا لم يحصل حيث أن المنطق الذي يوجه الدولة هو إرادة الالتفاف حول مطالب الشعب والعمل على إنهاء حركة 20 فبراير بكل الأساليب، وهو ما لا حظناه في طريقة تدبير الدستور الذي لم يحقق لنا الانتقال نحو ملكية برلمانية يملك فيها الملك ولا يحكم وتكون فيها السيادة للشعب كاملة غير منقوصة، كما لا حظناه في طريقة الإعداد للانتخابات حيث أن جميع القوانين التي قدمتها وزارة الداخلية (انتبه وليس الحكومة) صوت عليها حزب العدالة والتنمية بالرفض مشيرا إلى نزعتها التحكمية، حيث طالما هدد قادة من حزب بنكيران بأن الدولة تدفعهم دفعا للالتحاق بحركة 20 فبراير. ناهيك عن أن ما جرى بعد التعيين يبقي حال التوتر قائما . وعموما فمطالب حركة 20 فبراير مستمدة من شرعيتها لذا لا يمكن الحديث عن انتهائها كحركة حتى تحقيق مطالبها جميعًا".
وبشأن مسار "حركة 20 فبراير" ومستقبلها قال " أتصور أنها حركة أدخلت المغرب في مرحلة جديدة يصعب على أي كان إنهاءها إلا بعد تحقيق أهدافها كاملة، كما أن السياق العربي سياق مساعد على منع الرجوع إلى الوراء بعد هذه الموجة العاتية التي أسقطت جدار الخوف وأطاحت بأنظمة كان مجرد التفكير في دفعها إلى تقديم تنازلات جزئية لشعوبها قبل سنة من الآن ضربا من الخيال".
أما عن مطالبته بإلغاء البروتوكول المخرني فعلق قائلا " هو مطلب للحركة الديموقراطية والتقدمية ببلادنا منذ زمن بعيد ليس بعد الاستقلال بل وقبله بكثير، إنها قضية طرحت بين النخبة المغربية لحظة إعداد مشروع دستور 1908 والبلاد تحت تهديد جحافل الغزو الأجنبي. إذ لا معنى لأن تنتهك كرامة المواطنين بتلك الطريقة المذلة التي يجبر فيها الناس على الركوع لإنسان مثلهم أو تقبيل يده أو كتفه مهما كان منصبه في الدولة. إنها ممارسات تنتمي إلى عصور غابرة مظلمة من التاريخ البشري كان فيها الإنسان عبدا لأخيه الإنسان، لذا طالما رفضها رموز ألهموا سيرة الشعب المغربي وناضلوا من أجل إلغائها مثل الزعيم محمد عبد الكريم الخطابي وشيخ الإسلام محمد بلعربي العلوي والشهيد المهدي بنبركة والمناضل محمد الفقيه البصري والمجاهد بسعيد آيت يدر ...وهي ممارسات لا تتنافى مع روح العصر ومنطق العقل فحسب، بل وتتناقض مع قيم الإسلام السمحة التي طالما نصت على تكريم بني الإنسان وإحلالهم المكانة اللائقة بهم. ناهيك عن أن إلغاء تلك التقاليد المتخلفة لا يتناقض مع احترام رئيس الدولة، بل العكس هو الصحيح، إذ أن عدد الأنظمة الملكية الباقية في العالم ما عدا المغرب هو ستة وعشرين نظاما، لا تجيز جميعها هذه الممارسات المذلة ومع ذلك لا يتحدث أحد عن أن ذلك يتنافى مع الاحترام المخصص لملوكها".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر