الرباط - سناء بنصالح
أكد الكاتب العام للمرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات الدكتور حسن فتوخ، أنَّ جريمة الإجهاض لها خصوصية داخل القانون الجنائي المغربي، على اعتبار أن الكل مجمع على التستر، وبالتالي ما يصل إلى المحاكم قليل حتى لو وجدت إحصاءات.
وأوضح الدكتور فتوخ في مقابلة مع "المغرب اليوم" أن الملك محمد السادس صرَّح بأنه يجب الاستماع أيضا إلى الرأي المخالف، مضيفًا: "نحن كمرصد حقوقي نؤكد أنه يجب الاجتهاد داخل الشريعة؛ لأن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، ولا يمكن أن يكون الاجتهاد خارج الدين، وبالتالي يجب الاجتهاد والتشاور مع العلماء خصوصًا المجلس العلمي الأعلى في إطار إمارة المؤمنين والمؤسسات الحقوقية خصوصا المجلس الوطني لحقوق الإنسان".
وبيّن أن تناول موضوع الإجهاض يطرح مسألة أخلاقية "شئنا أم أبينا أيضا"، مؤكدًا أن "هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو جريمة الفساد، حيث لا يمكن أن نناقش ونقنن الإجهاض، وما محل جريمة الفساد من الإعراب؟ هل هي حاضرة أم لا؟ أقول هي حاضرة بامتياز، خصوصًا مع وجود تصاريح مخيفة للجمعيات الحقوقية المتعلقة بعدد الأطفال المتخلى عنهم، وفي ظرف خمسة أعوام سنصل إلى عدد خيالي"
وشدَّد على ضرورة أن يكون الجميع عمليًا منسجمًا في تحليل مطالب البعض في تقنين الإجهاض، من خلال رؤية مندمجة ومقاربة وقائية تحافظ على الأسرة والأخلاق العامة، تستحضر الأسرة والمنظومة التعليمية والإعلام، من خلال التوعية والمنظومة الطبية، من خلال التأكيد وتكريس قيم وأخلاق الأطباء في تكوينهم، على اعتبار أن هذا الطبيب يحافظ على حياة المجتمع.
وأضاف الدكتور فتوخ فيما يخص العمل القضائي: "ليس هناك توحيد على مستوى العقوبة، حيث أن بعض المحاكم تحكم مثلا بالموقوف بينما محاكم أخرى تحكم بالحبس النافذ، إذ أنه عرض في نازلة على القضاء إجهاض الجنين بعد مرور ثلاثة أشهر، واعتبرت المحاكم أن الأمر لا يتعلق بجنحة الإجهاض بل يتعلق بجناية، وأن المادة التي استعملها الطبيب في قتل الجنين بمثابة تسميم، خصوصًا وأن عقوبة الجنحة ليست هي عقوبة الجناية، ولكن مع ذلك أعادت محكمة النقض النظر في هذا الحكم، وأكدت أن هناك فرقا كبيرا بين الإجهاض وجناية التسميم، على اعتبار أن هذه الأخيرة تقتضي نية إزهاق الروح، وتنطبق على الأحياء وليس على الأجنة".
واستطرد: "إنَّ النقاش ليس مطروحا فقط على المستوى القانوني أو الاجتماعي، بل حتى على المستوى القضائي"، موضحًا: "إننا حينما نعتبر أن المسألة خلافية حتى بين الأئمة والمذاهب الأربعة، نجده حتى على المستوى القضائي، إذا كانت وزارة العدل والحريات تفكر في حصر الموضوع في ثلاث حالات، وهي زنا المحارم والاغتصاب والتشوه الخلقي، نحن كحقوقيين ومرصد حقوقي نطالب باستحضار الوزارة مسألة الأم عندما تصاب بداء فقدان المناعة المكتسبة، وينتقل الداء إلى الجنين، وهي مسألة مطروحة على المحك، هل يجوز لها طبيا أن تسقطه؟ هناك حالات أخرى كأطفال الأنابيب، حيث يقع زرع البويضة خارج الرحم، وهي إذن مسألة فقهية ! أي رأي يمكن أن نتبعه؟ هل نتبع المذهب المالكي؟ هل ننفتح على غرار باقي المذاهب؟ وحينما نفكر بفتح المجال أمام أطفال الأنابيب من الناحية القانونية والفقهية، وفي إجازة هذا النوع من المختبرات، هل يعتبر جنينا أم لا؟".
واختتم الدكتور فتوخ حواره، قائلًا: "إننا نريد مجتمعا مغربيا وفق الخصوصية المغربية في ضوء ما تسمح به الشريعة، ولا يمكن أن نخرج عن الضوابط الشرعية التي تسمح بالاجتهاد المنفتح والمسؤول مع أهل العلم والاختصاص".
يُذكر أنَّ موضوع تقنين الإجهاض أثار جدلا كبيرا حقوقيًا ودينيًا وقانونيًا في الآونة الأخيرة، إلا أن الملك محمد السادس حسم الأمر بإصدار تعليمات تقضي باحترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وضرورة التنسيق والتعاون مع المجلس العلمي الأعلى بشأن التداول حول مختلف الآراء والتوجهات، ورفع الاقتراحات له في هذا الشأن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر