في حوار مع مصدر اعلامي ، يدلي وزير العدل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي بدلوه في عدد من القضايا المثيرة للجدل، من قبيل ملتمس العفو على معتقلي احتجاجات الحسيمة، وسحب مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب المغربي ، وتعديل مدونة الأسرة، وقانون المحاماة.
كما لا يغفل هذا الحوار الوضع الداخلي حزب الأصالة والمعاصرة الذي يستعد لاستكمال هياكله.
يلاحظ العديد من المتتبعين تغير مواقفكم بعد استوزاركم، هل غيرتك المسؤولية؟
طبعا المواقع تتغير والمسؤوليات تتغير، لكن الخيط الناظم ما زال مستمرا، وأعتقد أنني ما زلت أقول الأشياء التي كنت أقولها ولو من موقع المسؤولية.
الآن، أنا أتكلم من موقع القرار وأضرب حسابا لكل شيء، لأن الدولة بكل مكوناتها تساهم في اتخاذ القرار ولست لوحدي، ولهذا آخذ بعين الاعتبار مختلف الأطراف قبل أن أقوم باتخاذ قرار أو الإدلاء بتصريح.
لو عاد بكم الزمن إلى الوراء، هل ستغير مواقفك من وزراء العدل السابقين الذين كنت تنتقدهم بشدة؟
ممكن، ولكن هناك أشياء مبدئية أنا مقتنع بها، من قبيل التعامل مع الأشياء بشكل حداثي والانفتاح أكثر، واتخاذ القرار وعدم التردد فيه، والحسم في بعض القضايا، فأنا ما زلت مقتنعا بأن الوزير يمكن أن يقوم بهذه المهام.
الكل يتذكر معارضتك لاستقلالية النيابة العامة، هل كان الأمر قناعة مبدئية أم موقفا ظرفيا فرضه وجودكم في المعارضة؟
لا، كانت قناعة مبدئية وما زالت قناعة مبدئية، ولكن لا يعني أنني حينما أكون في موقع سأطبق أفكاري مائة في المائة، فهذا اختيار الدولة واختيار السلطة التشريعية، وأنا ديمقراطي، فحينما تختار الأغلبية اتجاها أسير فيه.
الآن، أبلغت رئيس النيابة العامة والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن قناعتي سأحتفظ بها لنفسي، وأنني سأبذل كل ما يمكن من أجل الوصول إلى استقلالية كما نص عليها ميثاق لجنة إصلاح العدالة، حتى نضمن للمغرب نوعا من التجربة الاستثنائية الخاصة به، وحتى نحسم هذا الموضوع، لأنه لا يمكن للمغرب أن يعيش بين سلطة قضائية منقسمة بين اثنين، لأن الحسم فيه مصلحة للعدالة وللبلد كي يشتغل كل واحد بأريحية.
ما هي خلفيات سحب مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب؟
لقد تم سحب مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب بمبادرة مني، بعدما وجهت طلبا إلى السيد رئيس الحكومة، لأنه من الناحية الدستورية لا يمكنني أن أقوم أنا بسحب هذا القرار، بل يجب أن يقوم بذلك رئيس الحكومة، وذلك احتراما لتوازي الأشكال بين المؤسسات الدستورية.
لقد قدمت طلبا إلى السيد رئيس الحكومة واستجاب، وأنا أتحمل كامل مسؤوليتي في هذا القرار، لأنني أتطلع لقانون جنائي أفضل وأحسن ويتناسب ورؤيتي للمجتمع ورؤيتي للأشياء داخل المجتمع، لذلك تقدمت بطلب لرئيس الحكومة الذي استجاب فورا، وأؤكد مرة أخرى تحملي كامل المسؤولية السياسية والمؤسساتية في سحب هذا القانون.
هل تملكون تصورا لمشروع بديل عن المشروع الذي قمتم بسحبه؟
طبعا، ما قمت بسحبه إلا لأنني أملك تصورا مخالفا لمجموعة من القضايا التي سنعود إلى مناقشتها بتفصيل، خاصة أننا اليوم انتهينا من إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي سنحيله على الهيئات المعنية من أجل الإدلاء بوجهة نظرها، وبعد ذلك سنحاول أن نعدل مجموعة من النصوص في القانون الجنائي في اتجاه مخالف للاتجاهات السابقة.
المشروع الذي قمتم بسحبه كان قد قلص عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، هل ستذهبون في اتجاه مزيد من التقليص أم إنكم ستلغون هذه العقوبة نهائيا؟
سنتجه نحو التقليص أكثر، ولكن ليس هذا هو الموضوع الوحيد، فالمشروع الذي تم سحبه هو مشروع جزئي، أما أنا فرغبتي أن يحال مشروع القانون الجنائي بأكمله على البرلمان حتى يكون هناك نوع من الانسجام والتنسيق على مستوى التشريع، كما نسعى إلى التقليص أكثر من الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام.كما نرغب في التنصيص على العقوبات البديلة والغرامات، وألّا يكون السجن فقط هو الحل لجميع المخالفات والجرائم التي تقع.
هناك من اعتبر أن سبب سحبكم لمشروع القانون الجنائي هو عدم اتفاقكم مع الصيغة التي وردت في المشروع بخصوص تجريم الإثراء غير المشروع، نريد معرفة تصوركم لمعالجة هذا الموضوع؟
الإثراء غير المشروع حق يراد به باطل، لأن الصيغة التي وردت في المشروع تقلب عبء الإثبات، حيث يمكنني أن أتهمك بناء على سيارتك أو بناء على البذلة التي ترتديها، وعلي أن أثبت من أين حصلت على هذه الأموال، وهذا مخالف لمبدأ قرينة البراءة ومخالف لأشياء كثيرة في القانون. ولهذا سنعيد فيه النظر، لأن النص على حالته اليوم لن يجدي شيئا.وبناء عليه، سنبحث على صيغة جديدة مخالفة للصيغة الحالية، نعتبر أنها تتضمن كثيرا من الإيديولوجيا وقليلا من القانون.
مشروع القانون الجنائي يتضمن عددا من المقتضيات التي تثير جدلا في المجتمع من قبيل الإجهاض والحريات الفردية، هل ستفتحون حوارا مجتمعيا بخصوص هذه القضايا أم ستحتفظون بالنص الأصلي؟
سنرى، لأن هناك فتوى للمجلس الأعلى بخصوص الإجهاض، لكن هناك نصوصا سنعيد فيها النظر وسننفتح أكثر وسنأتي بقانون يوازي العصر ولا يرجعه إلى الوراء، فهناك معطيات يجب أن نتعامل معها كما هي، لا كما نريدها أن تكون.
وبناء عليه، أعتقد أنه حان الوقت لكي نكون جريئين وواضحين ومنطقيين مع أنفسنا ومع التحديات التي يعرفها العصر.
من جهة أخرى، فإننا نعتقد أن الحوارات المجتمعية قد تمت، ولذلك لن نستمر في الحوار، بل يجب أن نصدر قانونا، وسنتعامل مع قضايا الحريات الفردية بحرية أكبر وبجرأة أكبر، وسنعالج هذه المواضيع في وقتها.
هل هناك أجندة زمنية للانتهاء من إعداد هذا المشروع؟
الآن أنهينا إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية، وبعد ذلك سنشرع في إعداد مشروع قانون المسطرة المدنية، ومن المرتقب أن يكون مشروع القانون الجنائي جاهزا في فبراير أو مارس المقبل.
تودون أيضا تعديل مدونة الأسرة
قدمت إليّ طلبات من طرف المنظمات النسائية حول هذا الموضوع، وأخبرتها بأنه ليس لدي مانع، لكن الأمر مرتبط بما هو ديني محتكر لدى جلالة الملك. وبناء عليه، فما يمكنني القيام به هو الاستماع إلى هذه المنظمات وتقديم اقتراحاتها إلى جلالته. ولكن كما تعرفون، فالجانب الديني يجب الرجوع فيه إلى الهيئات التي تمتلك صلاحية تقديم رأي في القضايا الدينية، والتي هي مؤسسات دستورية في آخر المطاف.
هناك من يدعو إلى منع التعدد وزواج القاصرات، كيف ستتفاعلون مع هذه المطالب؟
تعرف أنني ضد “هاد الجوج”، فأنا ضد زواج القاصرات وضد التعدد، ولكنني سأرى ماذا ستعطي نتائج النقاش والحوار، لأن الأمر يتعلق بأحكام دينية يجب التعامل معها بكثير من الحذر وكثير من الشجاعة والذكاء، وحينما سيحين الوقت سنرى ما الذي يمكن القيام به، لأن القرار ليس قرار وزير العدل لوحده، بل قرار حكومة بأكملها وبكل مكوناتها، وقرار يهم كل المكونات المجتمعية، بما فيها الدولة، لذلك سأحتاج إلى كثير من النقاشات على مستويات متعددة من القرارات حتى يمكنني أن أصدر قوانين أخرى.
الاعتقال الاحتياطي يتسبب في الاكتظاظ بالسجون المغربية، ما الذي تنوون فعله لترشيده؟
أولا، لا يجب أن ندرج المعتقلين الذين أحيلت ملفاتهم على محكمة النقض ضمن المعتقلين احتياطيا، لأن محكمة النقض هي محكمة قانون.
هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، نرى أن هناك عددا من الإجراءات التي يمكن أن تقلص من عدد المعتقلين احتياطيا، من قبيل الغرامات والسوار الإلكتروني، كما قررنا عدم اللجوء للاعتقال الاحتياطي إذا كانت الجريمة المرتكبة لا تتعدى عقوبتها سنتين.
تنوون إحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على الهيئات المعنية للإدلاء بوجهة نظرها حوله، هل يمكن أن تقربنا من الخطوط العريضة لهذا المشروع؟
أعدنا النظر في الكثير من النصوص، واحتفظنا بالنصوص الجيدة.
وفي هذا الصدد، قمنا بتقليص آجال التحقيق في الجنايات من 12 شهرا إلى 8 أشهر، كما قمنا بوضع عدد من المقتضيات التي تضمن شروط المحاكمة العادلة.
ما هي الضمانات التي يوفرها هذا المشروع للموضوعين رهن الحراسة النظرية؟
هناك عدد من الضمانات، من بينها حضور المحامي أثناء الاستماع إلى المشتبه فيه، سواء بتعيينه من طرفه هو أو من طرف المساعدة القضائية، وسنرى مدى تفاعل مؤسسات الدولة مع هذا الأمر.ماذا عن اعتماد توثيق تصريحات المشتبه فيهم بالصوت والصورة، هل احتفظتم بهذا المقتضى؟
لم نحتفظ به، بل أزلناه واكتفينا بحضور المحامي.
عدد من المعتقلين يزعمون تعرضهم للتعذيب في مخافر الشرطة، ما هي الضمانات التي يوفرها المشروع لعدم حدوث ذلك؟
التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون، وإذا كانت هناك شكاية في الموضوع يتم إجراء بحث في حينه.
وهناك من يطالب بالتنصيص على ضرورة إجبارية اللجوء إلى الخبرة الطبية فور ادعاء المتهم تعرضه للتعذ ليس عندنا أي إشكال، يمكن اللجوء إلى الخبرة الطبية كلما لوحظ وجود أثر للتعذيب، أو في حالة تقدم الدفاع بطلب.
تصريحاتكم حول علاقة المحامين بالضريبة أثارت جدلا واسعا، وقد عقدتم مؤخرا لقاء معهم، هل انتهى الأمر إلى تصفية الأجواء؟
الأجواء دائما كانت صافية، لأن الجهة الرسمية التي أتعامل معها هي جمعية هيئات المحامين في المغرب والنقباء الممارسون، بغض النظر عن البيانات التي صدرت من جهات أخرى.كما أنني قدمت معلومة فقط، ولم أقصد المساس بهيئة المحامين، بل دعوت فقط إلى تعديل القانون، لأن المشكل في القانون وليس في المحامين فقط.
وقد ناقشت الأمر مع المحامين، وآخذوا علي تصريحاتي، وقلت لهم في جميع الأحوال ما صرحت به حقيقة، لا يمكن أن نترفع عليها “هادشي اللي عطى الله”. ويجب أن نعالج الأمر، وقد عبر المحامون عن رغبتهم في إيجاد حلول، سواء بالنسبة لموضوع الضريبة، أو بالنسبة لإعادة النظر في القانون المنظم للمهنة، الذي سنبدأ النقاش بشأنه في يناير المقبل، متطلعين إلى إخراج قانون في مستوى عال.
هناك من يتساءل حول ما إذا كان ولوج مهنة المحاماة سيصبح حكرا على الحاصلين على شهادة الماستر؟
لا، أنا مقتنع بأن المحاماة والقضاء يجب أن يظلا بالإجازة، لأن عدد الحاصلين على الماستر لا يتعدى 10 في المائة. ولهذا، فجميع الامتحانات التي ستجري في وزارة العدل ستكون بالإجازة أساسا.
هناك حديث عن استقالات وإعفاءات في وزارة العدل، ما خلفية ذلك؟
أولا، لم يقدم أحد استقالته، بل تمت إقالة مدير وتم إعفاء مدير آخر، كما جرى تغيير مواقع بعض المسؤولين، وقد تم ذلك بناء على ما عندي من معطيات وبناء على اطلاعي على الأشياء.
ما زال المغاربة ينتظرون تعيين كتاب الدولة في الحكومة، ما سبب هذا التأخر؟
لا، ليس هناك أي تأخير، فقط لم نفتح بعد حوارا في هذا الشأن، فالحكومة انشغلت بمشروع قانون المالية وبعض الأمور المستعجلة، وأعتقد أنه سيحين الوقت لمناقشة هذا الأمر إذا ارتأى المسؤولون ذلك.
في اعتقادك، هل الحكومة في حاجة إلى كتاب الدولة؟
يمكنك أن تسألني هل وزارة العدل في حاجة إلى كاتب الدولة، أما باقي الوزراء فلكل ظروفه، وأعتقد أن الأمر ستتم مناقشته.
ما رأيك في قرار وزارة التربية الوطنية تسقيف سن الولوج لمهنة التعليم في 30 سنة؟
لا يجب أن نختزل الموضوع في 30 سنة، فهذا القرار يهم الذين سيلجون معاهد التكوين، وهذا الأمر يدخل في اختصاص وزير التربية الوطنية الذي ارتأى اشتراط عدم تجاوز المرشحين لمباراة توظيف الأساتذة 30 سنة، والذين سيخضعون للتكوين أولا قبل أن يشرعوا في ممارسة مهامهم.
وإذا كنا نريد أن نقوم بالإصلاح، فيجب أن نقوم به كاملا، وبشجاعة وبجرأة، أما إذا تبعنا فيسبوك فسنبقى في أمكنتنا. وأنا مؤمن أننا كوزراء يجب أن نتخذ القرارات الصحيحة وليس القرارات التي يريدها فيسبوك وتريدها وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك أنا لا أسأل ما الذي يريد فيسبوك، أنا أسأل أين هي المصلحة؟ وأقوم بما فيه المصلحة.
ولذلك، فشكيب بنموسى هو وزير من مستوى عال، ويضبط هذه الملفات ويضبط الأشياء، وحينما أعلن عن قراره، حدد سن ولوج المراكز الجهوية للتربية والتكوين في 30 سنة بناء على ما يملكه من قرار، وهو قرار يرتبط بإصلاح شامل، لا يتعلق بتحديد السن فقط، بل هناك قرارات أخرى ستزعج مجموعة من المصالح ومجموعة من الأطراف، وستقوم ضجة بشأنها. ولكن أنا أؤيد السي شكيب بنموسى في هذا القرار وأعتبره صحيحا.الحديث عن التعليم يجرنا إلى الحديث عن الأساتذة أطر الأكاديميات الذين وعدت الحكومة بإيجاد حلول مبتكرة لوضعيتهم، ما هي هذه الحلول؟
يناقش هذا الموضوع، لكننا لم نحسمه بعد.
ما مآل ملتمس تقديم العفو عن معتقلي احتجاجات الحسيمة؟
كانت لدي رغبة في حل هذا الموضوع، ولما توليت المسؤولية في وزارة العدل وجدت أنه لم يقم أي أحد بتقديم طلب العفو.
وبناء عليه، لا يمكنني أن أقوم مقام أي شخص آخر بالإجراءات القانونية، “مكاينش” طلب العفو، وليس لدي ما أحيله على لجنة العفو التي تظل هي صاحبة القرار، وقد أغلقت هذا الملف.
ماذا لو بادروا إلى تقديم طلبات العفو في المستقبل؟
إذا بادروا وقدموا طلبات العفو آنذاك لكل حادث حديث، وآنذاك “نشوفو”.
هل هناك حوار مع عائلات المعتقلين؟
أنا لم أفتح أي حوار ولا صفة لي كي أفتحه. هناك أحكام قضائية، ومسار طلب العفو معروف. إذا أرادوا أن يمارسوه، فذلك حقهم. وإذا لم يريدوا، فذلك أمر يهمهم.
ما رأيك في عودة بنكيران لقيادة حزب العدالة والتنمية؟
المهم ليس عودة بنكيران، بل استمرار حزب العدالة والتنمية في القيام بدوره والمساهمة في العملية الديمقراطية، ولدي ثقة كبيرة في بنكيران الذي يتوفر على حنكة وتجربة سياسية، كما أن رجوعه إلى الوراء لمدة خمس سنوات مكنه من تقييم تجربته وتجربة الآخرين، مما يؤهله ليكون أكثر حكمة في التعامل مع القضايا. وأنا مسرور لعودة بنكيران، ومسرور كذلك لفتح حوار جديد بيني وبينه كأمينين عامين، وسأتعاون معه وليس عندي أي إشكال في ذلك، كما أنني هنأته بمناسبة انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، ومن المقرر أن ألتقيه قريبا.
ما رأيك في تصريحاته حول الحكومة؟
تصريحات تنم عن رجل دولة يعرف الأمور، خاصة أنه مر من دهاليز الحكومة ويعرف تحديات ومطبات العمل الحكومي، كما كان صريحا وعقلانيا وواضحا كما هو دائما.
كيف هو الوضع الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة، خاصة أنكم مقبلون على مجلس وطني من أجل انتخاب المكتب السياسي؟
الحزب الآن في حاجة إلى إعادة الهيكلة، وأعتقد أن الوقت قد حان لذلك، فقد تزامن خروجنا من الصراعات مع جائحة كورونا ثم الانتخابات، ما يعني أننا أمضينا سنتين منهكتين.
الآن، نحن مقبلون على مجلس وطني، وسنقوم بانتخاب المكتب السياسي الجديد، وستتم إعادة هيكلة الحزب ماليا وتنظيميا وسياسيا، كما سنعد برنامجا بالنسبة للسنوات الخمس المقبلة، وسنرى ما يمكننا القيام به، وأنا متفائل، لأن الحزب بعدما أعد ورقة خاصة بالنظام الداخلي وأخرى سياسية سيتجه نحو إعادة بناء نفسه بذاته.
كان شغلك الشاغل هو أن يصبح “البام” حزبا عاديا، هل تعتقد أنك نجحت في مهمتك؟
لقد أصبح حزبا عاديا، وما تواجدنا في الحكومة إلا دليل على هذا النجاح، بعدما قبل بنا الشعب المغربي وصوت علينا، واستطعنا أن نتموقع، وهذا إنجاز كبير يجب تثمينه، ولكن التحدي الكبير الذي نواجهه هو الحفاظ على هذا الموقع، وألّا نعود إلى الوراء، وهو ما يستدعي إعادة هيكلة الحزب وتثمين دوره والمساهمة في بناء مؤسساته حتى يكون أفضل.
ما مصير وموقع المؤيدين لبنشماش وإلياس العماري في حزب الأصالة والمعاصرة اليوم؟
هم موجودون في الحزب، وليست هناك أي مصالحة، لقد اختلفنا واجتمعنا من جديد، وربما تركيبة المكتب السياسي المقبل ستجيب عن هذا السؤال.
كيف دبرتم عملية اختيار وزراء حزب الأصالة والمعاصرة في الحكومة؟
ناقشنا هذا الموضوع في المكتب السياسي، وبعد ذلك أعطيت هذه المهمة للأمين العام ولرئيسة المجلس الوطني، وقد كانت تحيط بهذا الموضوع كثير من السرية، وقد كنت على تواصل يومي مع السيدة رئيسة المجلس الوطني، وكان هناك نقاش واختلافات.
وكان هناك غاضبون أيضا
طبيعي، لأن الأمر يتعلق بستة أو سبعة مقاعد مقابل مطالب كثيرة، ولكننا أعطينا لكل ذي حق حقه، وقد درسنا سير جميع الذين قدموا طلبات من أجل الاستوزار.
ألم يستوزر باسم “البام” من لم يقدم سيرته الذاتية إليكم؟
(يضحك) عبد اللطيف وهبي.
أعلنتم أنكم غير معنيين بالاستوزار ثم تراجعتم، ما الذي حدث؟
هذا تقدير، فأنا أقول بأن الحزب يجب أن يشتغل أكثر ويستعد لانتخابات 2026، وكانت رغبتي أن تبقى القيادة داخل الحزب، وتترك الحكومة بعيدة عن القيادة، ولكن أعضاء المجلس الوطني وأعضاء المكتب السياسي ارتأوا خلاف ذلك، واعتبروا أن من يجب أن يقود مجموعة الأصالة والمعاصرة داخل الحكومة هو الأمين العام، وتغيرت الرؤية.
اتهمتم من قبل قيادة الاتحاد الاشتراكي بالاعتراض على دخوله الحكومة، ما حقيقة الأمر؟
لم يطرح هذا الموضوع خلال النقاش إطلاقا، بل لم يتحدث أحد عن دخول الاتحاد الاشتراكي أو خروجه، كما لم أتطرق لا أنا ولا نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، مع السيد رئيس الحكومة حول هذا الأمر.
لما قبل بنا كأعضاء في الحكومة، انتهى الموضوع، ولم نعترض لا على الاتحاد الاشتراكي ولا على غيره.
إن قيادة الاتحاد الاشتراكي تبحث عمن ستلقي عليه اللوم لفشلها.
وهل أصبح التوجه للمعارضة فشلا؟
ولماذا هو أعلن (يقصد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي) أنه يريد أن يدخل إلى الحكومة؟ إذن فقد فشل بعدما رفض، هذا هو الفشل الذي أقصد. أما المعارضة فهي شرف إذا مارسها الشخص بكل نزاهة، وليس أن يفتش عمن هو مسؤول عن أشياء لا توجد إلا في ذهنه.
لقد قال كلاما كثيرا، ولكن احتراما للاتحاد ولتاريخه ولأن جل مناضليه أصدقائي إن لم أقل إخواني، ما زلت أتردد في الجواب عن كاتبه العام، أما إذا تكلمت فستكون هناك حكايات أخرى.
أيضا اتهمك إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، بأنك وعدت الراحل عبد الوهاب بلفقيه بحل أحد ملفاته القضائية مقابل الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة، ما تعليقك؟
لا تنسى أنك تتحدث هنا مع محام ليس من السهل أن ينزلق في مثل هذا التصريح، ولكن العلاقة بين إدريس لشكر وبلفقيه وما وقع يعرفه السي ادريس لشكر نفسه، ويمكن أن يقول الحقيقة إذا أراد الأستاذ الحبيب المالكي، فهو يعرف كيف اتصلت به وماذا قلت له. لذلك، أنا سأحترم نفسي وأحترم الفقيد لأنني إذا تكلمت سأقول حقائق أعتقد أنه من الأخلاق ومن السياسة أن نتركها بين السياسيين.
ما تعليقك على هذه الأسماء؟
مصطفى الرميد
زميل ومحام ووزير سابق قدم الكثير، نختلف حول التوجه والرؤية ولكن في جميع الأحوال لا يمكن بخس حق الأستاذ الرميد، فهو اشتغل بنية حسنة، وفي جميع الأحوال تظل التقديرات شخصية بالنسبة لكل واحد.
إلياس العماري
أمين عام اشتغلت معه وواجهته في الحزب، الآن هو ابتعد عن القرار الحزبي، أحترمه واحترمت فيه ذلك وأكبرته فيه، والآن نحن أصدقاء ونتواصل هاتفيا.
عزيز أخنوش
اختلفت معه كثيرا، والتقيت معه كثيرا، وقد كان الصراع الانتخابي بيننا صراع وجود وتموقع، لكن حينما بدأنا الاشتغال اكتشف كل منا الآخر، وتغيرت الكثير من الأشياء وأصبح الآن صديقا قريبا مني، وإلى حد الآن علاقتنا جيدة جدا، تجاوزنا الماضي بجراحاته وبخلافاته، وخلقنا علاقة جيدة ومستقبلا جيدا، وأنا أشعر بالارتياح في العمل معه.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر