آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

العمل الخيري أداة السلفيين للتغلغل في الأحياء الفقيرة في تونس

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - العمل الخيري أداة السلفيين للتغلغل في الأحياء الفقيرة في تونس

تونس ـ وكالات

يتغلغل سلفيو تونس في مناطق فقيرة بفضل الاعمال الخيرية وسط تحذيرات من انتشار الفكر السلفي المتشدد بين الفقراء. تمويل أنشطة السلفيين "الضخمة" تثير جدلا في تونس، وخبراء يحذرون من صراع حادٍ بين الحداثة والسلفية.تاجة )63 عاما( سيدة فقيرة تعاني من ضعف في الإبصار، حصلت على نظارات طبية بفضل مساعدة "قافلة طبية" نظمها سلفيون إلى "حي التضامن" الشعبي وسط العاصمة تونس. وقالت تاجة  لـDW عربية: "عندما جاؤوا (السلفيون) فحصني طبيب عيون مجانا، وفي وقت لاحق اشتروا لي النظارات ولولا مساعدتهم (السلفيين) لبقيت على حالتي الأولى، فأنا لا أملك مالا لأدفعه إلى طبيب أو اشتري به نظارات".ومنذ وصول حزب  النهضة الإسلامي إلى الحكم قبل أكثر من عام، كثفت الجماعات السلفية من أنشطتها "الخيرية" في أحياء شعبية ترتفع فيها الكثافة السكانية ومعدلات الفقر والبطالة والأمية، وتغيب فيها أحيانا خدمات أساسية يفترض أن توفرها الدولة. وتنظم هذه الجماعات "قوافل" لتقديم خدمات "طبية" وتوزيع مساعدات (ملابس وأغذية..) على الفقراء خاصة في شهر رمضان وعيدَيْ الفطر والاضحى وخلال العودة إلى المدارس أو عند حصول كوارث طبيعية )فيضانات ، ثلوج(، كما تساعد عائلات على ختان أو تزويج أبنائها. يعتبر تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي المتشدد الذي يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في تونس، من أكثر التنظيمات السلفية نشاطا في المجال الخيري. ويقول سيف الدين الرايس الناطق باسم التنظيم "لدينا مكتب اجتماعي يعمل في (مجال) إيصال القوافل الطبية. القافلة الواحدة تضم حوالي 10 أطباء بينهم أطباء اختصاص (..) وهذا لم تفعله حتى الدولة ولا أكبر الأحزاب السياسية التي تريد من الناس انتخابها فقط".ولا يخلو العمل الخيري السلفي من طابع إشهاري واستعراضي إذ يتم الإعلان مسبقا عن تاريخ ومكان ومنظمي القوافل الخيرية بتعليق لافتات كبيرة في الشوارع وبنشر بيانات في شبكة الفيسبوك. وتسير السيارات المحملة بالمساعدات السلفية في طابور طويل رافعة أعلام السلفيين السوداء (العُقاب) ومطلقة العنان لتسجيلات أناشيد دينية سلفية. ويحرص السلفيون على توثيق مختلف مراحل أنشطتهم الخيرية بالصورة والفيديو لنشرها لاحقا على منابرهم الخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.وتثير الامكانيات المادية الكبيرة التي يظهرها السلفيون خلال تحركاتهم "الخيرية" تساؤلات حول مصادر تمويلهم في بلد يؤكد خبراء انه يمر بأسوأ أزمة اقتصادية منذ ثمانينات القرن الماضي. يقول سيف الدين الرايس الناطق باسم تنظيم أنصار الشريعة "نحن نطلب المال (تبرعات) من الأغنياء والموسرين حتى نردّه (نوزعه) على الفقراء". لكن هذا الجواب لا يقنع خبراء يؤكدون  أن دولا خليجية تضخ "البترودولار" إلى سلفيي تونس من أجل تمرير مشروع "خطير" على البلاد.الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد قال إن دولا خليجية "وهابية" ترعى فكريا وماليا سلفيي تونس و"تستخدمهم لتغيير نمط المجتمع التونسي". ويضيف الباحث "ظهرت في هذا الإطار طبقة جديدة من السلفيين الأثرياء، مراجعهم وولاؤهم للخارج وليس للوطن، يدافعون عن مصالحهم المالية المرتبطة بمنطقة البترودولار". "وقد حاولت  الحصول على رد من سفارتين خليجيتين توجه لهما الانتقادات بهذا الصدد، لكن لم يتسن ذلك.وينتقد سياسيون في تونس الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي، بأنها تتساهل إزاء نشاط السلفيين، ويذهب بعضهم إلى حد الحد عن"حصانة سياسية" يتمتع بها السلفيون في البلاد، وهو ما ينفيه مسؤولون في الحكومة وفي حزب النهضة. لكن بعض قادة حزب النهضة يعترفون بأن تزايد نشاط السلفيين "يحرجهم".قال سيف الدين الرايس الناطق باسم تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي، صراحة، أن التنظيم يطمح من وراء الأعمال الخيرية الموجهة إلى الفقراء إلى أن يكونوا سندا له في المستقبل من أجل تطبيق "الشريعة". وصرّح في مقابلة صحفية أن "الضعفاء كانوا أول من نصر" نبي الإسلام محمد وأن تنظيم أنصار الشريعة "يمضي في طريق الرسول" داعيا الفقراء الذين يستفيدون من مساعدات تنظيمه إلى أن "يكونوا سببا في أن تقام شريعة الله في الأرض".الباحث طارق بلحاج محمد حذر من أن الجماعات السلفية تحاول "التغلغل في النسيج الاجتماعي بالمناطق ذات الحصانة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الرخوة لتمرير الفكر الوهابي الضحل الذي يمكن أن يجد في الفئات المهمشة والجاهلة بنية حاضنة له تبنّيا ودفاعا". وبالفعل فإن السلفيين يوزعون بالتوازي مع المساعدات، كميات كبيرة من الكتب والمناشير والأقراص المضغوطة (سي دي) التي تروّج، بحسب باحثين، للفكر الوهابي. وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام أن سلفيي تونس يحصلون على هذه الكتب والمناشير مجانا مع ملابس نسائية ورجالية "طالبانية" (جلابيب وبرقع) لتوزيعها مجانا أو بيعها في تونس. وكان دخول مثل هذه الأشياء محظورا في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي ضيق الخناق على الإسلاميين وزج بالآلاف منهم في السجون. ولا يجد السلفيون حرجا في الإقرار بتوزيع هذه المحامل الدعويّة لأن تونس هي "بلد دعوة وليست أرض جهاد" مثلما يردّدون دائما. لكن علي العريض وزير الداخلية والقيادي البارز في حركة النهضة قال مؤخرا "أرفض مصطلح تونس ارض دعوة لان لها خلفية، واعتقد أنهم (السلفيين) يقصدون أن المجتمع جاهلي وسنفتحه بالدعوة في انتظار الجهاد، وهذا مرفوض".وقال مسؤول أمني رفيع المستوى  إن تونسيين يسافرون إلى دول خليجية تحت غطاء عقود عمل أو أداء شعائر دينية من أجْل تلقي تكوين في الفكر الوهابي، وأن أئمة وشيوخا خليجيين يحلُون بتونس لنشر هذا الفكر خلال دورات تنظمها جمعيات إسلامية تونسية "مشبوهة التمويل والأهداف". ويحل الدعاة والأئمة الخليجيون بتونس بدعوة من جمعيات دينية تونسية تأسست بعد الثورة. وقد طالبت أحزاب معارضة بمنع من تصفهم بـ "شيوخ الفتنة" من زيارة تونس، لكن وزير الداخلية علي العريض قال انه ليس لوزارته صلاحية منعهم لأنهم مدعوون من جمعيات مرخص لها قانونيا.تسعى "الحركة الوهابية"، بحسب الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد، إلى "تغيير نمط المجتمع التونسي عقابا لتونس لأنها كانت أول دولة عربية تحرر المرأة وتكتب دستورا مدنيا، وتحرر الرقّ (العبيد) وتحمل علما وهي تحت الخلافة العثمانية، وأول دولة في التاريخ الحديث تثور وتطيح بدكتاتور عربي". ولفت الباحث إلى أن الحركة الوهابية تريد نشر فكرها للقضاء على كل فكر تنويري في محيطها العربي لأنه يمثل نقيضا لوجودها ويجعلها محل تساؤل أو احتجاج قد يؤدي في وقت لاحق إلى الثورة عليها والإطاحة بها".ويقول كمال الساكري الباحث في الحضارة العربية والمتخصص في الإسلام السياسي "نحن نعيش بداية فتنة حقيقية في تونس، إنّ للوهابية موطئ قدم ما فتئ يتعاظم في بلادنا بفضل البترودولار والأئمة الذين يبعثونهم" من دول الخليج. الباحث حذر من أنه "ثمة أطراف خليجية تمول عملية فتنة طائفية في تونس (...) للرمي بالبلاد في أتون معركة بين المذاهب" في تونس التي تعتمد المذهب المالكي.وشكلت دول الخليج العربي، وخصوصا السعودية وقطر، ملاذا لعدد من اللاجئين الإسلاميين من حزب النهضة خلال فترتي حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. وأيدت وسائل إعلام خليجية الإسلاميين التونسييين في مواجهة ما يعتبرونها "علمانية مستبدة" في تونس. وبعد الثورة التونسية، اكتسى الدعم الخليجي للإسلاميين التونسيين أشكالا متعددة ومتباينة أحيانا، فقطر لا تخفي دعمها لحزب النهضة، بين ان الدولتين القطرية والسعودية اللتين يهيمن فيهما المذهب الحنبلي، تنأيان عن الخوض في مسألة الدعم الذي تتلقاه جماعات سلفية ايديولوجيا وماديا من مؤسسات خليجية، وغالبا ما تتم الإشارة إلى هيئات غير حكومية. وقد حاولت عربية الحصول على ردود بشأن هذه المسائل من سفارتي البلدين الخليجيين لكن لم يتسن.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمل الخيري أداة السلفيين للتغلغل في الأحياء الفقيرة في تونس العمل الخيري أداة السلفيين للتغلغل في الأحياء الفقيرة في تونس



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca