آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

طالَبت بتعويد النشء على احترام الآخر وقبول الاختلاف

آمال قرامي تُوضِّح على أنَّ "الإرهاب" ليس وليد "الربيع العربي"

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - آمال قرامي تُوضِّح على أنَّ

آمال قرامي
تونس- الدار البيضاء اليوم

أكّدت آمال قرامي عَلَى أن التطرّف ليس وليد ما يسمّى بالربيع العربي، فالظاهرة موجودة منذ القدم، موضحة أنّ التعصّب والتطرّف والتكفير وغيرها من أنماط السلوك العنيف لازمت المجتمعات القديمة وكذلك المعاصرة، لكن التحوّلات الأخيرة في المنطقة جاءت لتوفّر مناخاً ملائماً لبروز هذه الجماعات المتطرّفة علنا.

برزت آمال قرامي كرائدة في مجال الدراسات الجندرية، واصلت جهود الباحثة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي بعدما لفتت الاهتمام إليها بكتابها "الردة في الفكر الإسلامي الحديث" الذي مُنع في تونس قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011، فصدر في المغرب، ومنذ بروز هذا الكتاب لم تغِب الأكاديمية التونسية عن واجهة المشهد الثقافي ليس في تونس فحسب، بل أيضا في الوطن العربي وأوروبا.

رغم الهدوء الذي يطبع شخصيتها وملامحها الهادئة فإن قرامي تخفي وراء ذلك الهدوء شخصيةً «شرسةً» في الدفاع عن حقوق المرأة ومختلف قضايا الحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية،فهي ليست من الأكاديميين المنضوين داخل الفضاء الجامعي، بل تشارك في كل معارك الحريات سواء عبر مقالاتها في الصحف التونسية والعربية أو عبر الندوات والملتقيات التي تنظّمها أو تسهم فيها.

ونالت من الإسلاميين الكثير من الأذى عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حملات منظمة ترمي إلى تشويه صورتها وتكفيرها. وهي في ذلك لم تكن استثناء، إذ يعاني معظم المثقفين التونسيين، بخاصة المثقفات، من حملات التشويه والتكفير من «ميليشيات الفيسبوك» كما تسمى في تونس. آمال قرامي أستاذة الحضارة المتخصصة في دراسات الجندر من الجامعيين المنخرطين بجدية في الشأن العام. لذلك، فإن مواقفها وظهورها الإعلامي يلفت الانتباه دائما، بخاصة أنها معروفة باستقلاليتها عن الأحزاب السياسية. وهو ما يمنح مواقفها المصداقية التي يفتقر إليها الكثير من المثقفين سواء الذين احترفوا السياسة وانتموا إلى أحزاب أو المنطوين على أنفسهم... كأن الشأن العام لا يعنيهم.

وعلّقت على إشرافها على فريق في مجال الدراسات الجندرية قائلة: "يأتي هذا الاختيار تلبية لطلب عدد من الباحثات والباحثين الراغبين في الانضمام إلى هيكل غير رسمي يوفّر لهم إطارا للبحث والتدرّب على تطبيق عدد من المقاربات وممارسة النقد البنّاء. وحفّزني هذا المقترح على الخروج من إطار العمل الكلاسيكي إلى فضاء أرحب يسمح بالتفاعل مع الأصوات الجديدة، وفي الوقت عينه، مواكبة أعمال زملائي وزميلاتي الذين قبلوا الانخراط في هذا المشروع كالأستاذة سلوى بلحاج صالح، والأستاذة سلوى السعداوي، بالإضافة إلى أنّ هذه التجربة مكّنتني من اكتساب خبرة في مجال إدارة هذه الفرق والاطلاع على طاقات شبابيّة خلاقة تبشّر بمستقبل علميّ مشرّف".

وأضافت: "وعلى خلاف فرق البحث الرسميّة التي تتمتّع بالدعم المالي وتنشط داخل الجامعات، فإنّ هذه الفرق التي أشرف عليها تتفاعل عبر صفحات فايسبوكيّة مخصّصة لكلّ موضوع، وتضمّ نحو عشرة باحثين في كلّ فريق. لعلّ ميزة هذه الفرق أنّها متعدّدة الاختصاصات (الفلسفة، الأنثربولوجيا، الأدب، التاريخ، الحضارة...) واستطاعت أن تجمع البحّاثة في مستوى الماجستير والأساتذة الحاصلين على الدكتوراه أو في صدد إعدادها مع عدد من الأساتذة المساعدين أو المحاضرين، فتجاوزنا بذلك معيار الرتب العلمية والتقوقع حول الأنوات والنرجسيّة التي تجعل عدداً من الجامعيين يرفضون العمل الجماعيّ ويؤثرون الإنتاج الخاصّ. أضف إلى ذلك أنّ العمل من خلال ما توفرّه وسائل التواصل الحديثة من إمكانات، يتيح لعدد من الباحثين (في الجنوب أو خارج البلاد كعمان، والسعودية..) المشاركة في المشاريع من دون تكلّف عناء السفر ويجعلهم يكوّنون صداقات على هامش العمل داخل الفرق «الافتراضية».

وتحدَّثت عن أهم المحاور المقررة في مجال بحوثها، موضحة: "لنا فريق أوّل خصّصناه لدراسة علاقة النساء بالمعرفة والسلطة، وكان مشاركة نسائية صرفة وصدرت أعماله ضمن سلسلة «عدسات جندرية» التي أشرف عليها بالتنسيق مع «دار مسكيلياني»، وتنشر بالشراكة مع «دار الرافدين» في العراق. وهي سلسلة تُعنى برصد مساهمات النساء في التاريخ والثقافة والمجتمع، وتبيّن أشكال حضورهنّ وتعبيرهنّ عن ذواتهنّ. لكنّ التركيز على النساء لا يعني إغفال دراسة حضور الرجال وأنماط علاقاتهم بالنساء وتحليل خطاباتهم المختلفة وغير ذلك من المسائل المندرجة في إطار الدراسات الجندريّة، التي تختلف بالضرورة عن الدراسات النسائية أو الدراسات النسويّة وإن تقاطعت معها".

وأزعم أنّ هذه السلسلة تعتبر الأولى من نوعها في تونس، إن لم نقل مغاربيا، وصدر العدد الأوّل من هذه السلسلة «النساء والمعرفة والسلطة» في «معرض تونس الدوليّ للكتاب» لسنة 2019 وهو مؤلف جماعي تناول مواضيع مختلفة كدور الكاهنات والداعيات في إنتاج المعرفة، وتصوّر المتصوّفات للتجربة الدينيّة، وإمامة المرأة للصلاة وغيرها من المواضيع التي تقدّم إضافةً من حيث المنهج أو المقاربة أو من حيث طريقة التحليل. وقد سعت كلّ باحثة إلى إبراز صوت المرأة المهمّش ورصد علاقاتها وأدوارها ومساهمتها في بناء المعارف وإبراز خصوصية تجربتها. أمّا العدد الثاني، فقد خصّصناه لدراسة المواريث، ولنا عدد آخر يدرس مواقع النساء داخل الأحزاب، وآخر يحلّل علاقة الجندر بالسنّ.. ولئن كانت هذه المواضيع من اختياري، فإنّ العمل التشاركيّ يبقى منفتحاً على مقترحات يقدّمها البحاثة ويرون أنّها جديرة بالتمحيص والتفكيك. والجدير بالذكر أنّ هذه الفرق تضمّ عناصر متعدّدة من الجنسين وشرائح عمريّة مختلفة من تونس وخارجها. وغاية ما نطمح إليه هو إحداث ديناميكيّة جديدة في المجال الأكاديمي والفكريّ عموما وتغيير موازين علاقات السلطة المعرفية بين الجنسين حتى تتسم بالتكافؤ.

وتحدّثت عن بروز ظاهرة دعوات التكفير والاغتيال، قائلة: "ليس التطرّف أو الإرهاب، في تقديري، وليد ما يسمّى بالربيع العربي، فالظاهرة موجودة منذ القدم. يكفي أن نتأمّل في كتب التاريخ وغيرها من المؤلفات، لنفهم أنّ التعصّب والتطرّف والتكفير وغيرها من أنماط السلوك العنيف لازمت المجتمعات القديمة وكذلك المعاصرة. لكن التحوّلات الأخيرة في المنطقة جاءت لتوفّر مناخاً ملائماً لبروز هذه الجماعات المتطرّفة علناً بعدما كان جلّها ينشط بطريقة سريّة وغير رسميّة وفي مناطق جغرافية محدّدة، وهي في الغالب مرتبطة بالجبال والأدغال. على سبيل المثال، عرفت تونس في فترة ما بعد «الثورة» وفي إطار التأسيس لاحترام الحقوق والحريات، بروز جمعيات خيريّة جديدة تمارس الدعوة وتهتم باستقطاب الشباب للأيديولوجيا الجهادية. وعاينّا تنظيم القافلات الدعوية، والخيمات الدعوية وغيرهما من الأنشطة التي أسهمت في «تمكين» هذه الجماعات وحضورها في الفضاء العمومي، لا باعتبارها فئة تبحث عن الاعتراف، بل فئة مهيمنة تريد فرض قوانينها على الجميع. وقد استمتعت بالإفلات من العقاب نظراً إلى أنّ أجهزة الدولة كانت آنذاك تأتمر بتوجيهات قيادات ترى أنّ الأسلمة لا بدّ من أن تكون وفق نسق سريع ما دام الظرف ملائماً لتحقيق الأحلام. وعموماً، يجب الإقرار بأنّ التكفير أو التطرّف ممارسة تثبت أنّ صاحبها ذو شخصيّة معطوبة، وهو غير قادر على فهم الآخرين واحترام حقهم في الاختيار، وهو أيضاً لا يعترف بالقانون وينشط خارج أطر الدولة المدنية في سبيل تحقيق حلم «دولة الخلافة» التي تبقى أوتوبيا.

وأضافت: "أعتقد بأنّ فسح المجال لفاعلين جدد ليضطلعوا بمسؤولية سياسية تخصّ إدارة البلاد في مرحلة عصيبة كان لا بدّ من أن يحدث حتى تختبر قدرة الأحزاب الإسلاموية مثلاً على تجسيد مقولة الحكم «العادل» على أرض الواقع، وحتى نتبيّن مدى التزامهم بالقيم الإسلامية ودفاعهم عن القضايا العادلة (فلسطين...) فلطالما سوّقت الأحزاب الإسلاموية سردية المظلومية لتكسب تعاطف الجميع، ودافعت عن برامجها البديلة ورؤيتها للانتظام البشري، وأعلنت عن مشروعها الاجتماعي الأخلاقي الذي سيحقّق الرفاه والاستقرار... لكن بعدما اختُبرت، سقطت الأقنعة وبرزت مواطن الضعف ولاحت فتنة السلطة والرغبة في الهيمنة، وبرز الانفصام بين المعلن والمضمر والمكتوب في الصحف والممارس على أرض الواقع، والمصرّح به لوسائل الإعلام الغربية والمصرح به لوسائل الإعلام المحليّة.. وأعتقد بأنّ هذا الحجاب الذي رفع عن الأعين، جعل الناس يدركون التباين بين تمثّلهم للأحزاب الإسلاموية قبل تجربة نيلها السلطة وبعدها، لكن ينبغي الإقرار بأنّ فسح المجال لمن كانوا في الهامش حتى يكونوا في المركز، قد فضح عيوب النخب السياسية بأجمعها، فلم يقتصر الأمر على الإسلاميين وحدهم، إذ لاحظنا السقوط الأخلاقي لأحزاب أخرى فتيّة وشهدنا الصراع من أجل خدمة المصالح الخاصّة وغيرها من الآفات التي جعلت مسار الانتقال الديمقراطي متعثرا".
وقالت: "أعتقد بأنّ برامج الإصلاح الفعليّ لا بدّ من أن تنطلق من التنشئة الاجتماعية. المسؤولية تُلقى على الأسرة، إذ يجب تغيير العقليات وتعويد الناشئة على احترام خصوصيات الآخر وقبول الاختلاف باعتباره ثراء. ثمّ يأتي بعد ذلك دور المؤسسات التعليمية في مراحلها المتعدّدة لتكون فضاء لاختبار العيش معاً والاطلاع المعمّق على الديانات المختلفة والثقافات المتنوّعة ومن ثمّ تعديل البوصلة. وتأتي بقية المؤسسات الثقافية والدينيّة لتعضد هذا المجهود التربوي والمعرفيّ، ولتسهم من موقعها في تكوين شخصية الفرد بطريقة تضمن له التفاعل مع الآخر تفاعلاً يولي الأنسنة القدر الأكبر من الاهتمام. وطالما أنّنا نتلكأ في تنفيذ برامج الإصلاح وفي مدّ الأفراد بأجهزة مناعة تمكّنهم من العيش معا فإنّ هيمنة الساهرين على بعض المساجد على العقول مستمرّة، ونزعة المحافظة المسيطرة على وزارة الشؤون الدينية متواصلة".
وبشأن مناهج التعليم المتعلقة بالتربية الإسلامية التي يتلقاها الأطفال والشبان، قالت: "أعتقد بأنّنا بحاجة ماسّة إلى تقييم تجربة تدريس التربية الدينية والتفكير الإسلاميّ والأديان لنقف عند الهنات أوّلاً ونحاول طرح مشاريع إصلاح حقيقية ثانياً. بعض النصوص بحاجة إلى إعادة النظر في مدى ملاءمتها للسياق الحاضر، وبعض المواد تقدّم بطريقة تلقينية تكرّس الفكر الوثوقي، ولا تساعد على ممارسة الفكر النقديّ. يضاف إلى ذلك أن طرق تعليم هذه المواد لم تواكب الثورة الرقمية ولم تعد تستهوي التلاميذ، ممّا جعل العزوف عن حضور الحصص المخصصة للتربية الدينية ظاهرةً مستشريةً في كل المعاهد، ولا يمكن أن لا نتحدث عن دور المربّي. بعضهم أضحى يفرض قناعاته على المتقبلين ويعاقبهم متى طرحوا أسئلة تبدو له من المسكوت عنها، والبعض الآخر صار يمتحن التلاميذ على مسائل خلافية مرتبطة بالأيديولوجيات، وغير ذلك من الممارسات التي تثبت أنّ الإطار التربوي بحاجة إلى إعادة تأهيل حتى يتحمّل مسؤوليته الفعلية وهي تحصين الناشئة من خطر التقوقع على الهوية والانغلاق والتعصب وإلغاء ملكة التفكير والإقبال على التكفير باعتباره ممارسة يسيرة لا تتطلب جهدا كبيرا".

وقد يهمك أيضاً :

تعرّف على تاريخ الحنّاء وطقوسها في مختلف الدول حول العالم

برلمانيات مغربيات يشاركن في قمة النساء السياسيات القياديات في طوكيو

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آمال قرامي تُوضِّح على أنَّ الإرهاب ليس وليد الربيع العربي آمال قرامي تُوضِّح على أنَّ الإرهاب ليس وليد الربيع العربي



GMT 21:20 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نور الدين مضياف البرلماني الشرس بمجلس النواب

GMT 02:57 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

حنان مطاوع تكشف أن شخصية "كريمة" مركبة وصعبة

GMT 03:38 2017 الإثنين ,14 آب / أغسطس

غادة عادل تكشف أخطر مشاهد "هروب اضطراري"

GMT 02:05 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أول صور رسمية لحفل زفاف نيك جوناس وبريانكا شوبرا

GMT 01:41 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مصممة الأزياء داليا يوسف تعود بقوة لمنافسة المستورد

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أجدد مجموعة عطور خريف 2018 المناسبة لجميع الأذواق

GMT 00:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف رجل أعمال في قضية تهريب كميات من المواد المخدرة

GMT 07:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"Mon Guerlain Eau de Parfum Florale "لاطلالة أنثوية تأسر القلوب

GMT 11:47 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

شركة يابانية تطرح سيارة كهربائية خارقة في معرض باريس

GMT 05:56 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تعرف على أكثر السلالم إثارة في العالم

GMT 10:23 2018 الخميس ,30 آب / أغسطس

"Greenpeace" تحاصر مقر فولكس فاغن في بريطانيا

GMT 18:19 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تختبر جلب Assistant إلى تطبيق Android Messages
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca