آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

يعتمد على شخصيتين في رحلة بحث عن عدو في الصحراء

"أبو ليلى" يلقي الضوء على كوابيس استثنائية مٌستعارة من الجزائر

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

فيلم "أبو ليلى"
الرباط ـ الدار البيضاء اليوم

شخصيتان مختلفتان في المزاج والسلوك والمعجم تقومان برحلة بحث سريالي عن عدو في فضاء صحراوي لا نهائي في فيلم "أبو ليلى" (2019) من إخراج أمين سيدي بومدين، وقد عُرض الفيلم في أسبوع المخرجين في مهرجان "كانْ" في مايو 2019. الفيلم من بطولة إلياس سالم وسليمان بن واري الذي عمل في المسرح، وهذا ما أتاح له قوة الحضور أمام الكاميرا بوجه معبّر وحوارات موجزة.تتْبع الكاميرا شخصيتين في قفار لا نهائية: طيّب وقاس، حساس (أنثوي؟) ووحش مُسلح. يحاول الوحش أن يُساعد الحساس الذي تعطلت لديه حاسة التمييز بين الأزمنة. وبذلك يركز الفيلم على شخصية مهزوزة، على معاناة روح معذبة، شخصية مترددة بأحلام سوداء دموية.يعرض الفيلم محاولة شخصية مجروحة تجاوز تجربتها المريرة والعيش من جديد. تعرض الكاميرا روح الشخصية لا وجهها فقط. يحفر الفيلم في شخصيته الرئيسية بأقل ما يمكن من السكيتشات الجانبية المُغرية كلما مرت الشخصيتان من مكان يوجد به كومبارس ظرفاء... نادرا ما تترك الكاميرا الشخصية الرئيسية لتتْبع شخصيات ثانوية كوميدية من فرط الغباء لا من فرط الظرف.

الفيلم إضاءة نفسية للمرحلة، شخصية رئيسية تعيش كوابيس استثنائية مستعارة من واقع الجزائر، من فرط اللحْم المنثور صارت الحيوانات العاشبة لاحمة.يسرد الفيلم هلوسات حسية هي مزيج من الحكمة والجنون. يختلط الواقع بالكوابيس في رحلة علاجية على درب وعْر، يتجه اللابطل إلى المستقبل باسترجاع الماضي دون "فلاش باك"، لأن اللابطل مازال يعيش أوجاع المجازر التي عاشها.كان الماضي الدموي هو غْرام الجنون الذي منح القصة عمقها في بلد يبدو كمستشفى كبير للمجانين. في هذا الخراب شخص لديه أولويات مرتبكة، يهتم بدفن ميت أكثر من انشغاله بإسعاف جريح يصدر عنه أنين. وهذا العبث نتيجةَ شراسة دولة وعنف مجتمع يعتبر أن رؤية طفل لدم الكبش في عيد الأضحى علامة على الشجاعة، ومن يخاف الدم يُشتم ويتهم بالأنوثة.اللابطل شخصية مترددة، تحجم أن تقاتل إما لطيبوبتها أو لجُبنها. شخصية مأزومة يفترسها ماضيها وتتسكع في فضاء مطلق. تُعمّق طبوغرافية المكان هواجس الشخصيات المعزولة عن زحام الشعب.

"أبو ليلى" فيلم عن جزائر منتصف تسعينات القرن الماضي، في بلد بمساحة مهولة تُصعّب السيطرة الأمنية، كان هناك في كل منعطف إرهابيّ ومصيبة تتربص. عاش البلد أجواء الرعب. من لم يصبه الرصاص أنهكته الكوابيس.بذكر العشرية السوداء (200 ألف قتيل بين 1991 و2002) يمكن تحميل قراءة الفيلم ما لا يُحتمل. ذلك أن الفيلم لا يصور تلك المرحلة الدموية بل يكثف نتائجها في حفنة صغيرة من الكوابيس المريرة، وحالة غثيان مزمنة تحرض على التساؤل:

كيف يمكن تحمل ماض بالغ الدموية والمرارة؟

من الصعب تجاهل آلام الماضي القريب جدا.

للتصالح مع الماضي يجب تصفية الحساب، فأين العدو؟

يجري البحث عنه في الصحراء، بينما أفعال ذلك العدو تهاجم خيالات الشخصية المأزومة. وبينما الصديق الوحش يمضي لهدفه مهما كان الثمن، يمضي في رحلة انتقام أو رحلة لتحقيق العدالة.تتقدم الأحداث مصحوبة بموسيقى تصويرية مخدوشة أشبه برنين وضجيج يخرج من روح الشخصية. وقد كان لسفر البحث عن العدو في هذا الفضاء فوائد على وعي سينمائي حاد. تطارد الكاميرا شخصيتين في فضاء صحراوي شاسع، وبشكل عرضي تتشكل لوحات صفراوية تنكسر فيها أشعة الشمس على الصخور وتلال الرمل، يغير الظل الإضاءة.اتخذ الإخراج منحى مينيماليا، وقد نجح الفيلم ببطء وبعناصر قليلة في وضع المشاهد في قلب جزائر التسعينات. فيلم على الطريق. رجلان يسافران صامتين تقريبا بسيارة في منطقة صحراوية لأكثر من خمسة وأربعين دقيقة قبل أول توقف. نادرا ما يتغير شيء. هذا يولد الملل.

هل يمكن لمتفرج جزائري تحمل هذا؟

لا. لكن المهرجانات التي يقدسها السينيفيليون تفضل أفلاما فيها شخصيات قليلة وإيقاع رتيب ليصل المعنى بطيئا إلى مُخيلات أعضاء لجان التحكيم.هذه عينة أفلام مبنية على سيناريوهات تنحت وتحذف بغرض التركيز على شخصية واحدة لوقت طويل للحفر في ذاتها. ولهذا تأصيل فلسفي وبصري، فكثرة المعلومات ترهق الوعي. يتجلى ذلك في تقليل كمية الأجساد في الفضاء، وقد اشتهرت الكثير من الأفلام التي تتْبع شخصية واحدة طيلة ساعتين.النصف الثاني من فيلم "أبو ليلى" أفضل لأنه يفسر ما سبقه. النصف الأول ممل والنصف الثاني مشوق، لكن النصف الأول رغم عيوبه كان تمهيدا ضروريا لإدخال المتفرج إلى جمجمة الشخصية الرئيسية.كان للسفر بحثا عن العدو فوائدُ على نفسية الشخصيات، فالمسافة والعزلة علاج، على أمل استرجاع براءة صداقة منتهكة. لكن ما ضاع لا يسترجع، وكل الأمل ألا يتكرر ما جرى في الجزائر.

وقد يهمك أيضا" :

15-فيلمًا-عرضًا-عالميًا-أول-في-مهرجان-الأقصر-للسينما-الأفريقية

-تعرف-على-ايرادات-فيلم-صندوق-الدنيا-فى-أول-أيام-عرضه-بالسينمات

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو ليلى يلقي الضوء على كوابيس استثنائية مٌستعارة من الجزائر أبو ليلى يلقي الضوء على كوابيس استثنائية مٌستعارة من الجزائر



GMT 17:50 2015 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

فتاة اعتادت إخفاء وحمة على وجوهها تقرر التخلص من المكياج

GMT 19:00 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار ومواصفات مازدا CX5 2016 في المغرب

GMT 11:23 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بوكوفا تثني على جهود الملك المغربي في إنجاح فعاليات "كوب 22"

GMT 06:35 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

أجمل 8 مطاعم حول العالم أحدها في دولة عربية

GMT 08:45 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة مرسيدس -بنز GL 500 في المغرب

GMT 18:09 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق النار على مواطن مغربي في معبر سبتة

GMT 22:03 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رضوان النوينو مستثمر سياحي يفوز بمقعد برلماني

GMT 02:14 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سلطنة عمان تحتفل بعيدها الوطني في العاصمة الرباط

GMT 15:56 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

في حب أحلام شلبي

GMT 00:49 2016 الإثنين ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نغم منير تطلق تصميمات غير تقليدية من "الكيمونو"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca