ولدت نعيمة عاكف في 7 أكتوبر 1929 في مدينة طنطا ، ووجدت نفسها تعيش وسط الحيوانات والألعاب البهلوانية مثل والديها وسائر أفراد أسرتها، حيث كانت تشارك والدها في أعمال السيرك الخاص به، و عروضه خلال ليالي الاحتفال بمولد السيد البدوي .
عندما بلغت الرابعة من عمرها أراد والدها أن يعلمها الفن الذي يتوارثه أفراد الأسرة، لكنها لم تظهر استعدادا أو تبذل أي نشاط ، فلجأ والدها إلى حيلة جعلتها تتعلم المبادئ الأولى للفن في بضعة أيام، فبدلا من أن يقوم بتعليمها، قام بتعليم شقيقتها الكبرى حركات جديدة أمامها .
«علقة ساخنة»
كان والدها دائما ما يُعنفها ويصفها بالضعف ولا تصلح للعمل مثل شقيقتها فامتلأت نفسها بالغيرة، وتعلمت مبادئ الأكروبات في بضعة أيام، وبعد عدة أسابيع تفوقت على شقيقتها وأصبحت نجمة الفرقة الأولي، تُغني وتستحوذ على إعجاب الجمهور، وعندما بلغت نعيمة عامها السادسة طلبت من والدها أن يخصص لها مرتبا، وإلا فإنها ستبحث عن سيرك آخر تعمل فيه، وكان رد والدها «علقة ساخنة».
وفي اليوم التالي جمعت ملابسها وهربت من منزل والدها، وقام الجيران ومرتدي السيرك بحملها علي الأكتاف وإعادتها لمنزلها من جديد، وقرر والدها أن يخصص لها مرتبا يوميا قدره قرشان ، وقرش واحد في الأجازات.
وعندما بلغت سن العاشرة تزوج والدها من أخرى غير والدتها التي اضطرت إلى ترك السيرك مع أولادها لتستقر في شقة متواضعة بشارع محمد علي.
«مسرح الكسار»
كان علي الكسار قد سمع عن بهلوانات الشوارع فاتفق مع نعيمة عاكف مقابل 12 جنيها في الشهر لتعمل هي وشقيقاتها في فرقته، وظهرت نعيمة في مسرح الكسار، فبهرت الأنظار، وهذا ما جعل بديعة مصابني تعرض عليهن العمل في فرقتها مقابل خمسة عشر جنيها.
وكان ضمن فرقة بديعة فتاة تدعى «تيشي» تلقي مونولوجات على حركات رقص الكلاكيت، وكانت بديعة تشيد دائما بموهبتها فأحست نعيمة بالغيرة منها، وقررت أن تتعلم رقصة الكلاكيت وإلقاء المونولوجات فذهبت إلى مدرب للرقص ليعلمها فطلب أجرا كبيرا عن كل حصة، ولم تكن مواردها تسمح بدفع هذا الأجر فقررت أن تعلم نفسها بنفسها.
«رقصة الكلاكيت»
وفي أحد الأيام انتهزت فرصة غياب «تيشي» ودخلت حجرتها وسرقت الحذاء الذي كانت ترقص به، ودهشت من قطع الحديد الموجودة في هذا الحذاء، ووضعته في قدميها وبدأت في تقليد الرقصة، وبعد ساعتين من التدريب المتواصل تعلمت الرقصة، وأخذت الحذاء معها، وذهبت إلى عامل أحذية وطلبت منه أن يضع في حذائها قطع حديد مشابهة .
وفي اليوم التالي أعادت الحذاء إلي مكانه، وبدأت التدريب بحذائها الجديد، وبعد أسبوع ذهبت إلى بديعة مصابني وطلبت منها أن تتيح لها فرصة تقديم رقصة الكلاكيت، وبعد تردد سمحت بديعة لها وهي غير مقتنعة، وعندما أنهت الرقصة صفقت لها بديعة بحرارة مع الجمهور.
«الكيت كات»
انتقلت نعيمة إلى العمل بملهى «الكيت كات» الذي كان يرتاده معظم مخرجي السينما، فالتقطها المخرج أحمد كامل مرسي وقدمها كراقصة في فيلم «ست البيت»، وبعدها اختارها المخرج حسين فوزي لتشارك في بطولة فيلمه «العيش والملح»، وبعده تعاقد معها على احتكار وجودها في الأفلام التي يخرجها لحساب نحاس فيلم، وقامت بأول بطولة سينمائية لها في فيلم «لهاليبو».
رغم فارق السن الكبير بينهما إلا أن المخرج حسين فوزي، إلا أنه تزوجها ونقلها من شارع محمد علي إلى فيلا بمصر الجديدة.
توالت أفلام نعيمه عاكف ولمع نجمها في السينما من خلال عدة أفلام منها: «بلدي وخفة» و«بابا عريس» و«فتاة السيرك» و«جنة ونار» و«تمر حنة» و«ياحلاوة الحب» .
«أحبك ياحسن»
بعد 10 أعوام من الزواج، انفصلت نعيمة عن حسين فوزي في هدوء شديد بعد أن أخرج لها 15 فيلما كان آخرها فيلم «أحبك ياحسن»، ثم تزوجت من المحاسب صلاح الدين عبد العليم وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد صلاح الدين عبد العليم.
وفي عام 1956 اختارها زكي طليمات بطلة لفرقة الفنون الشعبية في العمل الوحيد الذي قدمته هذه الفرقة وكان أوبريت بعنوان «ياليل ياعين» تأليف يحيي حقي، وسافرت في سبتمبر من عام 1956 مع البعثة المصرية إلى الصين لتقديم الأوبريت هناك.
وفي عام 1957 سافرت إلي موسكو لعرض ثلاث لوحات استعراضية كانت الأولى تحمل اسم «مذبحة القلعة» والثانية «رقصة أندلسية» والثالثة «حياة الفجر».
«أحسن راقصة»
حصلت نعيمة عاكف علي لقب أحسن راقصة في العالم من مهرجان الشباب العالمي بموسكو عام 1958 ضمن 50 دولة شاركت في هذا المهرجان.
شاركت في بطولة 25 فيلما خلال 17 عاما عمر مشوارها الفني الملئ بالتألق والإبداع.
وفي عام 1966 توفيت في 23 إبريل، بعد رحلة مع المرض، حيث كانت قد أصيبت بنزيف في المعدة ونقلت إلى المستشفي وظلت به أكثر من شهر ثم تحسنت صحتها فعادت إلى بيتها لكن المرض عاودها من جديد فتقرر سفرها للعلاج في الخارج على نفقة الدولة لكن صحتها لم تكن تسمح بعد أن تدهورت حالتها بصورة خطيرة ومفاجئة ، وماتت نعيمة عاكف وهي علي ذمة زوجها الثاني ولها منه ابن وحيد وهي لم تتجاوز الـ37 من عمرها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر